بحوث ودراسات

صراع إسرائيل الحربي مع حركة حماس.. حاضره ومستقبله (8 من 10)

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

موقف يهود العالم من الصِّراع الفلسطيني-الإسرائيلي

يلقي إيلام (2018م) الضَّوء من جديد على أهميَّة تعديل مفهوم الوضع الرَّاهن في سبيل استئناف محادثات السَّلام بين الطَّرفين، مع تكرار فشل الوصول إلى اتّفاق لتأسيس دولة فلسطينيَّة.

ويبدي اليهود في شتَّى بقاع الأرض قلقهم حيال توتُّر الأجواء بين إسرائيل والفلسطينيين، خاصَّة مع الاحتكاكات اليوميَّة المؤدية إلى أعمال عنف متبادل، وبخاصَّة منذ أكتوبر 2015م.

ومن بين الأمور الأخرى الَّتي تثير اهتمام يهود العالم بشأن إسرائيل إمكانيَّة أن يشكّل الصِّراع تهديدًا على مستقبل الدُّولة العبريَّة بوصفها دولة ديموقراطيَّة بسبب القوانين الَّتي تسنُّها ويراها العرب ضدَّهم، بالإضافة إلى القلق من احتماليَّة أن يفوَّق الفلسطينيُّون عددًا على الإسرائيليين مستقبلًا. تستلزم مخاوف اليهود على مستقبل إسرائيل أن تحمي الدُّولة أهلها ولو بتطبيق “تدابير صارمة، بما في ذلك استخدام القوَّة المميتة” (صـ58).

لم يقتنع اليهود خارج إسرائيل بنيَّة قيادات الدُّولة العبريَّة عقْد محادثات مع الجانب الفلسطيني بشأن تأسيس دولة فلسطينيَّة، معتبرين أنَّ سياسة العُنف هي السَّائدة على الأرض، ما يجده الإسرائيليُّون تجاوزًا في حقّهم، ويبرّرونه بأنَّ واقع الاحتكاك بالعدوّ هو الَّذي يفرضه.

صراع إسرائيل الحربي مع حركة حماس.. ومستقبله (5 من 10)

تتمتَّع دولة إسرائيل بموقع متميّز لدى يهود العالم؛ نظرًا لأهميَّة موقعها الدِّينيَّة والتَّاريخيَّة، ولوجود الشَّريحة الأكبر لليهود على أرضها، لكنَّ هذا لا ينفي أنَّ أمريكا تضمُّ مجتمعًا يهوديًّا كبيرًا، ممَّا يعني أنَّ إسرائيل “ليست بالضَّرورة مركز الجاذبيَّة بالنسبة إلى اليهود”، وأنَّ إسرائيل عليها أن تقرّر مصيرها بنفسها، وإن لم ينفِ ذلك أنَّ يهود العالم عليهم المشاركة بتقديم آرائهم حيال الصِّراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

يقترح إيلام توعية يهود العالم بواقع الحياة في إسرائيل وطبيعة الصِّراع مع الفلسطينيين، أملًا في يساعد ذلك على نشْر الحقائق عبر وسائل الإعلام العالميَّة بشأن طبيعة ذلك الصِّراع، وأن يثمر الوعي بحقيقة الأوضاع في إسرائيل عن التَّخفيف من العداء المنتشر لليهود نتيجة المفاهيم المغلوطة عنهم، فيما يُعرف بمعاداة السَّاميَّة، الَّتي يعتبر الصِّراع الفلسطيني-الإسرائيلي من أهمّ محفّزاتها.

تأثير “الحرب الأهليَّة السُّوريَّة” على إسرائيل

تحلَّى بشَّار الأسد بضبط النَّفس عند تدمير إسرائيل المفاعل النَّووي السُّوري في عام 2007م، كما أبدى نظامه موقفًا حياديًّا حيال المواجهات المتكرّرة بين إسرائيل والفلسطينيين، سواءً في الضَّفَّة الغربيَّة أو قطاع غزَّة، وكذلك تجنَّب نظام الأسد المشاركة في حرب يوليو 2006م بين إسرائيل وحزب الله، برغم دعْم سوريا لحزب الله اللبناني.

ويُشهد كذلك بأنَّ الحدود السُّوريَّة-الإسرائيليَّة بقيت هادئة خلال العديد من المناوشات السِّياسيَّة بين الطَّرفين، برغم عدم وجود اتّفاقيَّة رسميَّة للسَّلام بين سوريا وإسرائيل، حتَّى اندلاع “الحرب الأهليَّة السُّوريَّة” عام 2011م.

يشبّه إيلام الصِّراع الدَّائر بين قوَّات النِّظام العلوي والمعارضة المطالِبة بتحسين الأوضاع الدَّاخليَّة في سوريا بحرب الثَّلاثين عامًا (1618-1648م) في أوروبا الوسطى بين الكاثوليك والبروتستانت من معتنقي المسيحيَّة، زاعمًا أنَّ الاختلاف المذهبي بين السُّنَّة والشِّيعة من أهل سوريا هو أساس الصِّراع الدَّائر منذ سنوات هناك، والَّذي ازداد تأزُّمًا مع ظهور جماعات مسلَّحة متطرّفة على السَّاحة، على رأسها تنظيم داعش.

يجدر التَّذكير بأنَّ إسرائيل احتلَّت مرتفعات الجولان خلال حرب الأيَّام السّتَّة في يونيو 1967م، وضمَّتها إلى أراضيها عام 1981، وقد اعترف الرَّئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسميًّا بالسّيادة الإسرائيليَّة على الجولان في مارس من عام 2019م. بقيت ساحة الجولان هادئة منذ عام 1974م، بعد حرب أكتوبر 1973م، وحتَّى عندما حذَّرت المخابرات الإسرائيليَّة عام 1996م من شنّ الجانب السُّوري عمليَّة محدودة في الجولان،

لم يقدم نظام حافظ الأسد على اتّخاذ تلك الخطوة، خاصَّة مع تراجُع قوَّة الجيش السُّوري في أعقاب انهيار الاتّحاد السُّوفييتي، داعم نظام الأسد، وازداد عجْز الجيش السُّوري عن الانخراط في أيّ مواجهة مع أيّ قوَّة إقليميَّة بعد اندلاع الحرب الأهليَّة في 2011م.

غير أنَّ استقرار جبهة الجولان تعرَّضت لتهديدات متكرّرة في الفترة ما بين مارس وأكتوبر 2014م، كما نشرت صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 5 نوفمبر 2014م، مشيرةً إلى أنَّ ” 15 هجومًا متعمَّدًا” شُنَّ على الجولان بتدبير “جماعتين تعملان بالوكالة لحساب حزب الله وإيران”.

لا يمنع ذلك أن تكون جماعات مسلَّحة أخرى متورّطة في الهجوم على الجولان، وتحديدًا جماعات سُنّيَّة متطرّفة ترتبط بتنظيم داعش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى