بحوث ودراسات

صراع إسرائيل الحربي مع حركة حماس: حاضره ومستقبله (7 من 10)

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

هل الحرب في غزة حتمية؟

وقد صرَّح مسؤول بارز في جيش الدِّفاع الإسرائيلي بأنَّ الحرب المقبلة مع حماس ستعتمد على عنصر المفاجئة، أملًا في أن يسفر ذلك عن الحدّ من الخسائر والإصابات وأن يقصّر أمد المواجهة، مضيفًا أنَّ “الجماعة الإرهابيَّة غير مستعدَّة للحرب”، وأنَّ “الحصار يصعّب الحصول على الموادّ اللازمة لتطوير الصَّواريخ”. أشار المسؤول الكبير في وزارة الدِّفاع الإسرائيليَّة إلى أنَّ عنصر المفاجئة في شنّ الهجمة المقبلة على غزَّة سيفضي إلى خسائر بشريَّة فلسطينيَّة تُقدَّر بالآلاف، خاصَّة وأنَّ مواطني غزَّة لن يتلقوا تحذيرًا، نقلًا عن ذا تايمز أوف إسرائيل، في 14 أبريل 2016م.

وعن خطَّة الحرب المقبلة مع غزَّة، قال القائد العسكري الإسرائيلي في القيادة الجنوبيَّة أنَّ قوَّات بلاده لن تنجرَّ وراء الاستفزازات الحمساويَّة، بل ستبدأ هي الصِّراع في وقت تضمن فيه عدم استعداد حماس للمواجهة، مضيفًا أنَّ خطَّة جيش الدِّفاع الإسرائيلي الموسَّعة تقوم على سحْق الجناح العسكري لحماس، والتقدُّم في اتّجاهات محدَّدة، لقتْل أكبر عدد ممكن من عناصر حماس، وإلحاق أكبر قدر ممكن من الضَّرر بالبنية التَّحتيَّة للتَّنظيم المسلَّح.

وأضاف القائد العسكري الإسرائيلي أنَّ الخطَّة تعتمد على حماية المناطق المحيطة بقطاع غزَّة وتأمينها من القصف، وكأنَّما الهدف هي إحكام السَّيطرة على القطاع ومنْع دخول إمدادات لحركة حماس، أو فرار المواطنين إلى المناطق المحيطة. وأشار المسؤول الإسرائيلي نفسه إلى ضرورة التَّحلّي بالقوَّة والاعتماد على المفاجأة، في معركة ستلعب فيها القوَّات الجويَّة دورًا فعَّالًا،

مضيفًا أنَّ الخطَّة “تتيح العديد من الخيارات، من هجمة رادعة إلى احتلال كامل للقطاع”. لا ينكر المسؤول العسكري أنَّ في شنّ هجوم مباغت على قطاع غزَّة دون استفزاز حمساوي سيُفقد الهجوم الإسرائيلي الشَّرعيَّة الدُّوليَّة، ويجد أنَّ حلَّ يتلخَّص في شنّ هجمات متكرّرة في البداية حتَّى تتطوَّر المعركة.

وكانت إسرائيل قد عمدت إلى تشييد سياجات ذكيَّة حول المدن والقرى الصَّغيرة القريبة من غزَّة، في أعقاب مواجهة 2014م، وربَّما كانت القاضة تقتضي تشييد سياج جديد يحيط بقطاع غزَّة كلّه ليكون بمثابة خطّ إضافي للدّفاع. جدير بالذّكر أنَّ السُّلطات المصريَّة بدأت تشييد جدار أمني جديد على حدودها مع قطاع غزة منذ أواخر يناير 2020م، بطول ستة أمتار ويمتد خمسة أمتار تحت الأرض، وسيمتد على طول 60 كيلومترًا، وفق ما نشر موقع i24 الإسرائيلي في 17 فبراير 2020م.

مصر تبني جدارًا عازلًا على طول حدودها مع قطاع غزَّة

ويأتي بناء “الجدار العازل” في الوقت الذي أعلن فيه الجيش المصري في 3 فبراير / شباط، “العثور على نفق يصل طوله إلى ثلاثة كيلومترات تقريبًا، من قطاع غزة إلى قلب مدينة رفح المصريَّة”، وفي ظلِّ مساعي مصر لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزَّة، ومنع تسلُّل “العناصر الإرهابيَّة والمتطرِّفة من هناك إلى أراضيها”، وسيمتدُّ “الجدار العازل” من معبر كرم أبو سالم إلى معبر رفح، على بعد حوالي كيلومترين. وسوف يصل ارتفاعه إلى ستة أمتار ويمتد خمسة أمتار تحت الأرض، وسيمتد على طول 60 كلم، وقد أنجز منه 43 كلم أي ما نسبته 70 في المئة من إجمالي المشروع.

وأثار تشييد الجدار العازل بين غزَّة ومصر في هذا التَّوقيت تساؤلات المراقبين، ويتزامن مع تكرار التَّهديدات الإسرائيليَّة منذ نهاية عام 2019م، بشنّ هجوم موسَّع على قطاع غزَّة خلال عام 2020م، ولعلَّ من أحدث تلك التَّهديدات توعُّد وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، حركة حماس بـ “ربيع مؤلم”، كما نقل عن لسانه موقع i24 الإسرائيلي بتاريخ 18 فبراير 2020م. غير أنَّ تلك المواجهة لم تحدث إلَّا مطلع صيف عام 2021م، فيما عُرف بمعركة سيف القُدس، حيث بدأت مواجهات عنيفة بين قوَّات الاحتلال الإسرائيلي والحركات المسلَّحة في غزَّة في إثر إصدار المحكمة الإسرائيليَّة العليا قرارًا بتهجير سكَّان حيِّ الشَّيخ جرَّاح في الجانب الشَّرقي من البلدة القديمة في القُدس ليحل محلَّهم مستوطنون يهود.

احتياطات الدِّفاع الإسرائيليَّة في مواجهة تهديد حماس

يثير إيهود إيلام (2018م) مسألة تسترعي الانتباه، وهي أنَّ إسرائيل ينبغي أن تتَّخذ كافَّة التَّدابير الأمنيَّة اللازمة لحماية مواطنيها، العسكريين والمدنيين، مقترحًا أن تعتمد استراتيجيَّة الدِّفاع الإسرائيليَّة في المواجهة المقبلة مع حماس على لجوء المواطنين الإسرائيليين إلى المخابئ، وأن تتجهَّز القبَّة الحديديَّة لصدّ الصَّواريخ والقذائف، مع نشْر القوَّات الدِّفاعيَّة على الحدود لمنع الخروقات، أملَّا في أن يسهم ذلك في تقليص الخسائر الإسرائيليَّة عن خسائر المواجهات السَّابقة.

غير أنَّ هذا المقترَح الدِّفاعي قد لا يسهل تطبيقه بالكامل لعدَّة أسباب، من بينها أنَّ ليس للإسرائيليين جميعهم مخابئ، وأنَّ القبَّة الحديديَّة قد ينفد مخزونها من القذائف المضادَّة قبل انتهاء قصْف حماس، وأنَّ نشْر القوَّات الدِّفاعيَّة على الحدود لن يمنع التَّسلُّل عبر أنفاق غير مكتشَفة، خاصَّة مع غياب نظام دقيق لاكتشاف تلك الأنفاق، كما سبق الإشارة. يواصل إيلام وصْفه المبالَغ فيه لحالة التَّهديد الَّتي تمرُّ بها إسرائيل، وفي تصوير صعوبة موقف المدنيين الإسرائيليين، وهم يتابعون المجازر الَّتي يتعرَّض لها الشَّعب السُّوري في تلك الآونة على يد قوَّات نظام الأسد، بدعم من إيران، نفس داعم حركة حماس في غزَّة، ويتساءلون “إن لم يكن هناك جهد دولي جاد لإيقاف إراقة الدّماء في سوريا، فلماذا سيُبذل جهد لمساعدة الشَّعب الإسرائيلي إذا لزم الأمر؟” (صـ57).

يشدّد الباحث السِّياسي على أهميَّة مواصلة العمليَّات الهجوميَّة وتعزيز القدرات الدِّفاعيَّة الإسرائيليَّة؛ كيلا تنهار قوَّة الرَّدع الإسرائيليَّة. يجد إيلام أنَّ في الأمر مفارقة، ألا وهي أنَّ بفضل تفوُّق الإمكانات الدِّفاعيَّة لدى الشَّعب الإسرائيلي عن المتاحة لدى السُّوريين، فمن المنتظر ألَّا يكون للرَّأي العالم العالمي شعور بالضَّرورة المُلحَّة لنُصرة إسرائيل!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى