بيان بشأن الأحكام المتعلقة بأحداث غزة

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
هذا بيان لأهل الإسلام؛ يعلن فيه الموقعون عليه من علماء الأمة ومؤسساتها العلمائية عن الأحكام الشرعية المتعلقة بما يجري على أرض غزة المسلمة، وبيانها كالتالي:
أولًا: إنّ ما يجري اليوم على أرض غزة يُعَدُّ عدوانًا صهيونيًّا أمريكيًّا سافرًا وفاجرًا على ديار الإسلام وعلى أهل الإسلام، ويُعَدُّ إجرامًا في حق الأمّة الإسلامية وفي حق دينها؛ يستوجب النفير لنصرة الإسلام والمسلمين، وهذا النوع من النفير جهادُ دفعٍ لا شبهة فيه، وجهادُ الدفع فرضُ عين على من جاور البلد المسلم المعتدى عليه بإجماع العلماء، فإن لم يكْف أهل هذه البلاد أو لم يَفُوا انتقل الواجب إلى من جاورهم حتى يَعُمَّ الأمة كلها؛ فعلى الأنظمة الحاكمة – إن كانت جيوشها التي أنفقت عليها من أموال المسلمين ليست معنيّة بذلك – أن تفتح باب الجهاد وألا تصدّ الناس عن الفريضة؛ حتى لا تضيف إلى جريمة الولاء للأعداء جريمة الصدّ عن سبيل الله، وعلى الشعوب أن تسعى لنصرة المسلمين.
ثانيًا: يجب على جميع حكومات الدول العربية والإسلامية قطع العلاقات مع إسرائيل – على الأقل أثناء العدوان الذي تمارسه على غزة – بما يستلزمه ذلك من طرد السفراء الصهاينة واستدعاء سفراء البلاد العربية والإسلامية من تل أبيب، وتجميد جميع الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية وغيرها، وإعلان الدعم الكامل لأهل غزة، وإلا كانت بذلك موالية لأعداء الإسلام، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة: 51)، وحكم موالاة الأعداء واضح، تدل عليه العبارات الصارمة في الآية الكريمة.
ثالثا: لا يجوز المشاركة في حصار غزة ولا في أيّ مشروع يستهدفها ولو بالدعم الأدبيّ؛ فإنّ ذلك يعد من قبيل المظاهرة للكافرين على المسلمين، وهذا بإجماع العلماء مُحَرَّمٌ مُجَرَّم؛ باعتباره أشد وأبشع صور الولاء للأعداء؛ ويرتقي إلى مستوى الرِّدَّةِ الصريحة، ولا ريب أنّ إغلاق معبر رفح من أبشع ألوان المظاهرة للكافرين على المسلمين؛ لذلك لا يجوز لأي مسلم أن يشارك فيه ولو كان مكلفًا بذلك.
رابعًا: جميع المستوطين – رجالًا كانوا أو نساءًا عدا الأطفال – يُعَدُّون محاربين، ممارسين للحرابة، منخرطين في العدوان على الإسلام والمسلمين؛ فلا عصمة لأحد منهم في دم أو مال، ولا يقال عنهم مدنيين أبرياء؛ لأنّ المحارب لا يكون مدنيًّا قط، وفي المقابل تُعَدُّ المقاومة لهؤلاء المحتلين الغاصبين جهادًا في سبيل الله، ولا يجترئ أحد على وصف الجهاد بالإرهاب ولا على وصف المجاهدين بالإرهابيين إلا في سياق ممارسة النفاق، فلا اعتداد بإطلاقات يطلقها الأعداء على أخلص أبناء الأمة.
خامسًا: الدعاء والحراك في الميادين والإنفاق والكتابة والنشر والكلام والبيان وغير ذلك واجبات جزئية لا يُستهان بها، ولا يصح الإهمال فيها، فإنّ القاعدة أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور، وما لا يدرك كله لا يترك كله، فمن لم يكن له سَعْيٌ بأيّ وسيلة من هذه الوسائل خُشِيَ عليه من الوقوع في إثم التقصير.
هذا بيان للخاصة والعامّة من المسلمين، والله الهادي إلى سواء السبيل ..
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
الموقعون على البيان
- د. عطية عدلان .. رئيس مركز محكمات للبحوث والدراسات
- مركز محكمات للبحوث والدراسات
- 3- ………..
- 4- ……….
- 5- ……….
- 6- ……………..
بيان فيه دَخَنٌ للأسف، مثلا:
[يجب على جميع حكومات الدول العربية والإسلامية قطع العلاقات مع إسرائيل – على الأقل أثناء العدوان الذي تمارسه على غزة –] (انتهى الاقتباس).
1) عبارة “الدول العربية والإسلامية” منتشر تداولها بين الغالبية الساحقة للمسلمين، علمائهم قبل عوامهم، مع أنها باطلة اصطلاحا وشرعا.
أولا هي عبارة تعبر عن تأثير عقلية سايكس بيكو، إذ تفصل البلدان العربية عن باقي بلاد الاسلام. والصحيح أن يُقال “البلدان الاسلامية” وكفى، فهي تشمل العرب والعجم من المسلمين، وإن أراد المتحدث استثناء أو تخصيص جزء من الكل، فيمكن القول “البلدان الاسلامية وخصوصا العربية منها”.
2) ليس هناك أي دولة اسلامية في العالم اليوم، ناهيك عن دول اسلامية. فالدولة مؤسسة وكيان يرمز لنظام الحكم والقوانين التي يفرضها، فإن كان نظام الحكم غير إسلامي (ديمقراطي، اشتراكي، ملكي، الخ) أو التشريع ليس من القرآن والسنة، فالدولة قطعا ليست اسلامية، ويكفي القول الدولة في البلد المسلم أو الدول في البلدان الاسلامية. أما البلاد فهي التي يجوز وصفها بأنها اسلامية، لأنها لا ترمز لنظام الحكم ولا الحكام والقوانين، وإنما لأهل البلد المسلمين.
ثم إن وُجدت دولة اسلامية، فستكون واحدة، لأنه شرعا لا يجوز أن يكون للمسلمين إلا خليفة واحد، دولة واحدة تجمعهم كلهم تحت سلطانها، عربا وعجما.
ضبط المصطلحات غاية في الأهمية، هي جزء لا يتجزأ من معركة الوعي والنهضة والتغيير الصحيح.
3) الدعوة لـ [قطع العلاقات مع إسرائيل – على الأقل أثناء العدوان الذي تمارسه على غزة –]؟؟ يعني بعد العدوان يجوز أن تعود المياه لمجاريها، ولا حُرمة في إقامة علاقات مع اسرائيل؟؟!! ما هذا التذبذب بين الحق والباطل؟ لماذا الخشية من المفاصلة التامة بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام، بين المنكر والمعروف؟
الأعداء فيهم شدة وصرامة ووضوح تام في مواقفهم، أجمعوا على الحق المزعوم لليـــ.ــــهود في ارض فلسطين والحق المزعوم للدفاع عن النفس ولو بإبادة أهل غزة وقتل المدنيين وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد، الخ …. .. لكن المسلمين وعلى رأسهم علمائهم (إلا من رحم الله)، تجدهم متلعثمين رغم أن معهم الحق من الله، لا يحسمون موقفهم في أي شيء ولا يتبرأون براءة كاملة حاسمة من كل الطواغيت! يبحثون عن حلول ترقيعية ونقاط التقاء مع الحكام المتحكمين في البلدان الاسلامية ومع دول الغرب، … وما فشل ما سمي “انتفاضات الربيع العربي” إلا لافتقاد المسلمين للمفاصلة العقائدية وما يترتب عنها من أخذٍ بأسباب القوة المادية لتحقيق تغيير ثوري جذري!