مرتكزات الدولة الإسلامية في بدء التكوين (2 من 4)

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
مثلت عملية المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار الركيزة الثانية من ركائز قيام الدولة الإسلامية في المدينة وذلك بعد بناء المسجد.
جاء المهاجرون إلى المدينة بأنفسهم فقط حيث تركوا أموالهم وأملاكهم في مكة لذا كانوا في ضيق مادي شديد فمثلت عملية المؤاخاة التي قام بها الرسول عليه الصلاة والسلام حلاً لأزمة المهاجرين المادية كما أذهبت عنهم وحشة الغربة وآلامها وعوضتهم فراق الأهل والأصحاب.
وقد تمت عملية التآخي تحقيقاً لقول الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) وقوله جلّ وعلا (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا).
ولقول الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه عبد الله بن عمر: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة). صحيح أخرجه البخاري.
وقد حققت هذه العملية أهدافها من تكافل اجتماعي لامثيل له في المجتمعات الإنسانية الأخرى فانعكس ذلك إيجابياً على نشوء وقوة الدولة الوليدة في المدينة المنورة.
لقد كانت عملية المؤاخاة خطوة جبارة لكي يتلاحم المجتمع المسلم الوليد فتذوب فيه عصبيات الجاهلية، وتسقط فوارق الوطن والعشيرة والنسب ولا يبقى للمرء إلا دينه وتقواه.
فقد كان المجتمع المدني الذي أقامه الإسلام مجتمعاً عقدياً يرتبط بالإسلام، ولا يوالي إلا الله ورسوله والمؤمنين وهذا لعمري أرقى أنواع الارتباط.
وقد قابل الأنصار أمر الرسول بالسمع والطاعة وفتحوا لإخوانهم في العقيدة قلوبهم قبل دورهم، كما قدّر المهاجرون لإخوانهم الأنصار البذل، والإيثار الذي غمروهم به، ونزلوا إلى العمل ليكسبوا رزقهم ولا يكونوا عالةً على أخوانهم الأنصار.
وقد تمت عملية المؤاخاة في دار “أنس بن مالك” وقيل إنها تمت في المسجد، كانوا تسعين رجلاً نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم على الحق والمواساة والتوارث بعد الممات دون ذوي رحم وقد تم نسخ هذا الحكم فيما بعد.
اقرأ: مرتكزات الدولة الإسلامية في بدء التكوين (1 من 4)
وبقيت المودة والأخوة العامة، ولكل منها الحق على أخيه المسلم، وقال ابن إسحاق في السيرة: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال صلى الله عليه وسلم “تآخوا في الله أخوين أخوين”.
= وكان أول من آخى بينهم الرسول عليه الصلاة والسلام :
1 – أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع خارجة بن زيد رضي الله عنه أخوين.
2 – وعمر بن الخطاب رضي الله عنه مع عتبان بن مالك رضي الله عنه أخوين.
3 – وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه مع أبي طلحة رضي الله عنه أخوين.
4 – وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه مع سعد بن الربيع رضي الله عنه أخوين.
5 – وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع معاذ بن جبل رضي الله عنه أخوين.
6 – ومصعب بن عمير رضي الله عنه مع أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أخوين.
7 – وأبو ذر الغفاري رضي الله عنه مع المنذر بن عمرو رضي الله عنه أخوين.
8 – وسلمان الفارسي رضي الله عنه مع أبي الدرداء رضي الله عنه أخوين.
9 – وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه مع كعب بن مالك رضي الله عنه- أخوين.
10 – والزبير بن العوام -رضي الله عنه- مع سلمة بن سلامة بن وقش رضي الله عنه- أخوين.
11 – وبلال بن رباح رضي الله عنه مع أبي رويحة الخثعمي رضي الله عنه أخوين.
واستمرت عمليه المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بحسب من يأتي إلى المدينة مهاجراً أو من يدخل في الإسلام مجدداً.
= وقد أكد الإسلام على أن حقوق المسلم على المسلم عشرة منها: أن يسلم عليه إذا لقاه ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات ويجيبه إذا دعاه ويبر قسمه إذا أقسم وينصح له إذا استنصحه …الخ.
= إن للأخوة معنى عظيم نبّه إليه سلفنا الصالح فقال أيوب إنه ليبلغني موت الرجل من أخواني فكأنما سقط عضو من أعضائي، وقال مطرف ابن عبد الله لقاء أخواني أحب إلي من لقاء أهلي، أهلي يقولون ياأبي ياأبي، وأخواني يدعون الله لي بدعوة أرجو فيها الخير.
مراجع:
سيرة ابن هشام
الرحيق المختوم
الدولة الحديثة المسلمة- الصلابي
تعليق واحد