مقالات

متلازمة عمّان

عبد المجيد عبيدات

كاتب أردني مقيم في ألمانيا
عرض مقالات الكاتب

بما أن الأكاديميين الأردنيين وخصوصًا في تخصصات الدراسات الإنسانية، غارقون في التلقين وسياسة بضاعتكم ردت إليكم في التدريس والبحث العلمي، كما كنا نراهم في الجامعات الأردنية، فإنني أضع بين أيديهم مشروع هذه الدراسة الاجتماعية التي تركز على المرض الاجتماعي الذي يعاني منه ما يطلق عليهم مصطلح (السحيجة)، فبعد الدراسة والتمحيص وجدت أن هذه الفئة تعاني من مرض اجتماعي أطلقت عليه اسم (متلازمة عمان) وهو مرض اجتماعي خطير -أبعده الله عنكم- قريب من متلازمة ستوكهولم ولكن مع الكثير من الاختلافات.

تابعنا في فيسبوك


ومختصر هذه الدراسة الآتي:
المتلازمة العمانية:
عندما ينبغي للشعب أن يعالج ظاهرة الإخضاع يجب عليه ان ياخذ بعين الاعتبار النقاط التالية:
إن العلاقة بين الحكومات القمعية (العصابة الحاكمة) وشعوبها هي موضوع يُثير الاهتمام والتساؤلات حول التفسير النفسي لهذه العلاقة المعقدة. تُعدّ المتلازمة العمانية او متلازمة عمان ظاهرة نفسية جمعية تشير إلى تطوّر عواطف إيجابية ومحبة تجاه الزعيم القمعي أو المستبد (زعيم العصابة الحاكمة)، وذلك بالرغم من الممارسات القمعية والمستبدة والفاسدة التي يمارسها هذا الزعيم تجاه شعبه وبلده فهو يسرق قوتهم ويبيع مقدرات بلدهم وينتهك كرامتهم وينكل بأحرارهم ويفقرهم ويعطل خريجيهم ويجهل أبنائهم وبناتهم.


الأسس النفسية للظاهرة:
تعزى المتلازمة العمانية إلى مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية التي تلعب دورًا في تشكيل هذه العلاقة غير الطبيعية بين الحاكم والشعب.
من أهم هذه العوامل:
التلاعب الإعلامي (الإعلاني): تلعب وسائل الإعلام (الإعلان) دورًا حاسمًا في تشكيل وجهة نظر الشعب تجاه الحاكم. إذا تم التلاعب بالمعلومات وتوجيهها بشكل مفرط نحو تبرير أعمال الحاكم بطرق غير حقيقية ومضخمة، فقد يؤدي ذلك إلى تشويه نظرة الشعب وتشكيل تصوّر إيجابي عنه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كانوا طلاب الجيش الشعبي يغنون كل صباح: نور طلعت على القصر تدعي لحسين النصر، حسين بالمدفعية بقاوم صهيونية، في حين في الحقيقة كان حسين الطلال يلتقي بالصهيونية سرا ويتآمر معهم ضد شعبه!


التلاعب التشريعي:
تحاول الأنظمة التي تحكمها عصابات أن تظهر نفسها أمام المجتمع الدولي أنها ديموقراطية ولديها مؤسسات تشريعية منتخبة من الشعب وهذا بعيد جدًا عن الواقع فما هي إلا تعيين للنواب من قبل ضباط مخابرات وتعيينات من قبل ديوان المستبد.
التلاعب القضائي والقانوني:
تقوم المؤسسات القانونية بالتواطؤ مع المستبد وذلك بإصدار قوانين مجحفة بحق كل من يطالب بالتغيير وذلك نتيجة عاملين.
1 السلطة التشريعية المزيفة جاهزة في أي وقت للتصديق على القوانين التي تقترحها حكومة المستبد (العصابة الحاكمة) وذلك لأنهم غير معبرين عن الرغبة الشعبية الحقيقية. فهؤلاء نواب مغيبين وذلك لأنهم صادقوا على قوانين تضرهم وتضر بعائلاتهم واقاربهم.
2 بيع القضاة لضمائرهم وذلك لأنهم معينون من قبل المستبد وخوفًا على مناصبهم بسبب غياب المؤسساتية وعدم استقلالية القضاء.


الإحباط واليأس:
قد يعيش الشعب تجربة إحباط ويأس جراء ظروف اقتصادية صعبة نتيجة لسرقة مقدرات الشعب ومؤسسات الربحية وانتهاكات لحقوقهم. في هذه الأوقات، يمكن أن يظهر الحاكم كمنقذ وهمي يوزع عليهم بعض الزيادات في الرواتب ويسمهيها مكرمات مع العلم أنها من دافعي الضرائب والمسقفات، ويبدأ الشعب في البحث عن أمل وتحسن في ظل الأوضاع الصعبة فدائمًا ما يتم وعدهم منذ ١٠٠ عام بأن القادم أفضل.
التهديد والخوف وغالبًا ما تستغل الحكومات القمعية مشاعر الخوف والتهديد لتكييف تصوّر الشعب للحاكم. قد يكون الشعب مقتنعًا بأن الحاكم هو المصدر الوحيد للأمن والاستقرار وذلك تاثرا بما يسوق له المستبد بأنه هو الحل الأوحد وأنه إذا طالب الشعب بالحرية سيكون مصيره مصير ما حدث في سوريا، وهذه إشارة على أن جميع المستبدين لا يقلون دموية عن العصابة الحاكمة في سوريا، وأن القتل بالبراميل لا يقل دموية عن الذي يقتل بالتفقير والتعطيل والقهر والاعتقال فقط لأنه عبر عن رأيه ونحن رأينا الأعداد الكثيرة التي انتحرت جراء سياسات التفقير والتعطيل والتهميش.
نشر الهويات القاتلة:
يحاول المستبد أن يقنع الشعب أنهم من شتى المنابت والأصول وأنهم لا يمتلكون أي رابطة بينهم وأنه القاسم المشترك بينهم! بدل أن يجمعهم في هوية واحدة وهي الهوية الأردنية, فهو يحاول أن يقسمهم إلى شمالي وجنوبي فلسطيني أاردني فلاحين وبدو قرى ومدن…. ألخ مع أن حالهم جميعا واحد.

تؤدي المتلازمة العمانية إلى عدة تداعيات سلبية على المجتمع والفرد وآثارها كارثية، منها:
قمع المعارضة، حيث يصبح من الصعب على الأفراد التعبير عن آرائهم المعارضة للسياسات القمعية، حيث يتم تثبيط أي صوت مناهض للاستبداد، ومحاولة إقناع الأحرار أنهم عبيد ولا يجوز أن يساووا انفسهم بالعصابة الحاكمة وعليهم أن يقبلوا بالدونية ويضعوا رأسهم بين هالروؤس ويقولوا يا قطاع الروؤس كما يقول مثلهم، وذلك لأن الذين يعانون من هذه المتلازمة يستهجنون أن يكون من الشعب احرار وحرائر لا يقبلون بالدونية وانتهاك الكرامة الإنسانية.


تفاقم التجاوزات: بما أن الحاكم لا يواجه معارضة جدية، يمكن لتصرفاته أن تصبح أكثر تجاوزًا واستبدادًا ونحن رأينا التعديلات الدستورية التي زادت من صلاحيات زعيم العصابة وجعلته رب السحيجة الأعلى، وهذا الكلام غير مبالغ فيه، فالقوانين تحكم على من ينتقد زعيم العصابة بثلاث سنوات سجن، وأما من يسب الذات الإلهية يدفع ٢٥ دينار وتنتهي القصة، وأنتم رأيتم قوانين الجرائم الإلكترونية القرقوشية الأخيرة، فهي جاءت لتكمم أفواه الناس وتقبل بكل شيء يقرره المستبد حتى وإن سرق مالك وجلد ظهرك.


تقوية الدور القائد: يعزز هذا الوضع دور الحاكم كزعيم لا يمكن تحديه، مما يمكن أن يؤدي إلى تشكيل نظام سياسي أحادي أو تشكيل أحزاب تسحيجية وبتمويل من دافعي الضرائب والمسقفات والجمارك.
الخروج من المتلازمة:
الوعي والتثقيف وتوعية الشعب بالحقائق وتوفير المعلومات الحقيقية حول الخيانات واختلاسات العصابة الحاكمة يمكن أن يكون أول خطوة للخروج من هذه الظاهرة، وأنا أنصح بالتثقيف الفلسفي والفكري وذلك لامتلاك أدوات التفكير العلمي كالبنيوية والتفكيكية والحفرية حتى يصبح السحيج قادر على التفكير خارج الصندوق وباللامفكر به والممتنع عن التفكير.
تعزيز الحرية الصحفية توفير بيئة حرة للإعلام يمكن أن يساهم في تقديم صورة حقيقية عن الأوضاع والسياسات.
في النهاية، تظل المتلازمة العمانية ظاهرة تحتاج إلى تحليل معمق للعوامل الاجتماعية والنفسية التي تؤثر في تشكيلها. تشير هذه الظاهرة إلى أهمية فهم العلاقة بين العصابات الحاكمة والشعوب بشكل أوسع، وضرورة تشجيع الوعي والمشاركة السياسية لبناء مجتمع أكثر عدالة وتوازنًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى