مقالات

حقوق الإنسان فى مصر ولعنة المعونة الأمريكية!

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

بداية: النظام المصري يسعى جاهداً بالكذب، والاحتيال عبر أبواقه الإعلامية لتصدير وهم أن حالة حقوق الإنسان فى مصر داخل السجون فى أحسن حالاتها.. ولكن هذا الترويج مفضوح تماماً، فقد رصدت المواقع المختلفة وتسريبات السجون ومصادر تتصارع مع النظام من داخله حالات الانتحار والتعامل الإجرامي مع المعتقلين داخل سجن بدر المصري على سبيل المثال، ومنظمات حقوق الانسان- مركز الشهاب ومؤسسة عدالة وغيرهما- رصدوا بالوثائق والمستندات هذه الانتهاكات وهذا التعامل الإجرامي، والمنتدى المصري بالخارج- برلمانيون لأجل الحرية- أصدر بياناً في اليوم العالمي لمناهضة الإخفاء القسري 30 آب أغسطس أكد فيه؛ “يأتي اليوم العالمي لمناهضة الإخفاء القسري ولا يزال نظام الانقلاب العسكري في مصر يمارسُ كل أشكال جرائم العدوان على النفس والحريات العامة وفي مقدمتها جريمة اﻹخفاء القسري التى حرمها الشرع الحنيف وبقية الشرائع والنظم الإنسانية، فهي جريمة ضد الإنسانية، وتخضع للمحاكمة الدولية، ولا يفلت فاعلوها من العقاب مهما طال الأجل، فهي جريمة لا تسقط بالتقادم ولا تُنسى.

تابعنا في فيسبوك

ويقعُ باطلاً كل تصرف يحصنُ المجرمين الفاعلين والمشاركين والآمرين”، ومن قبل جاء قرار البرلمان البلجيكي يعبر عن جزء من حالة الانتهاكات داخل السجون، ونحن -بكل تأكيد- نثمن هذه الإدانة والتصويت عليها، لكن من الجدير بالذكر أن الإدانة وحدها خطوة غير كافية مالم يتبعها خطوات إجرائية عملية تنفيذية في التعامل مع هذا النظام وخاصة البند المتعلق بالعقوبات الشخصية، فمسألة ترويج أن البرلمان البلجيكي يدين انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر فهو انتصار يدك حكم الطاغية السيسي، بل ومن قبل البلجيكي كان تقرير للاتحاد الأوروبي وكفى، هذا وهم كبير، فمن حيث الشكل هو أمر جيد ولا نتركه كورقة إعلامية لفضح الممارسات والانتهاكات المستمرة لهذا النظام، لكن من حيث المضمون هي حبر على ورق.

تابعنا في تويتر

تناقلت وسائل الإعلام أول أمس 14/سبتمبر 2023 خبراً مفاده أن الكونجرس الأمريكي قرر اقتطاع 85 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر بسبب ملفها في حقوق الإنسان.. وتعليقاً على ذلك نؤكد على ما يأتي:
1- النظم الاستبدادية في مصر والمنطقة كانت ولا زالت تتنفس من رئة أمريكا التي تقوم سياستها على رعاية نادي المستبدين من أجل تحقيق مصالح ضيقة على حساب دماء الشعوب وحريتها.
2- لا زالت الإدارة الأمريكية غير جادة في رفع الغطاء عن النظام الانقلابي في مصر، ومثل هذه الإجراءات الهزيلة ليست إلا ذراً للرماد في العيون وتجميلاً للصورة ليس أكثر.
3- في حال كانت أمريكا جادة في حث حلفائها في مصر على تحسين ملفهم الحقوقي فإن هناك عشرات الإجراءات العملية لا الدعائية التي يمكن اتخاذها في هذا السياق.
4- كان الخطاب الأمريكي ولا يزال يتعامل بازدواجية وانتقائية في الملف الحقوقي فيتجاهل مظلومية آلاف المصريين ويسلط الضوء على قضايا بعينها لأسباب أيديولوجية ينبغي ألا يكون لها اعتبار في المسائل الحقوقية والإنسانية.
5- نؤمن بأن الحرية يصنعها نضال الشعوب، لكن العالم بأسره مطالب بمناهضة الفساد وانتهاك حقوق الانسان وذلك بموجب مصلحة الجماعة البشرية والمشترك الإنساني وبموجب الاتفاقات والقوانين الدولية.. وإننا حين نطالب العالم بدعم حقوق الشعب المصري المتمثلة في الحرية والأمن والكرامة إنما نطالب بحقوقنا الأصيلة ولا نستجدي أحداً أو نستقوي بأحد.
6- نوجه نداءنا إلى الحكومة الأمريكية ولكل حكومات العالم، بل ولكل أحرار العالم.. منذ متى كانت الإنسانية تتجزأ؟، ومنذ متى كانت الحرية لجنسية دون أخرى؟. إن ما يتعرض له كل مسجون فى السجون المصرية فاق كل الحدود من قتل بطئ ومنع للعلاج والأدوية وإيقاف الزيارات ومحاكمات ظالمة وانتهاكات لجميع الأعراف والقوانين والحقوق.
ولذلك ندعو كل الحكومات والمنظمات والهيئات ذات الصلة بحقوق المعتقلين بالضغط على النظام المصري من أجل الإفراج عن كل المعتقلين دون تمييز، فالحرية حق للجميع .
7- نؤكد رفضنا الكامل والمطلق لكل الانتهاكات فى السجون، ونقف إلى جانب كل مظلوم فى العالم حتى ينال حريته، وصدق عمر بن الخطاب حين أطلقها عالية فى الآفاق- قبل جميع منظمات حقوق الإنسان وقبل كل قوانين وأنظمة الأمم المتحدة حينما انتهكت حقوق أحد الأقباط : ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ).
8- لا شك أنّ أي خطوات داعمة لحقوق الإنسان المصري محل تقدير منا، ونثمن الجهود التي يبذلها بعض السياسيين وأصحاب الفكر وقادة الرأي في أمريكا والعالم الغربي.
ونؤكد استمرارية مقاومة استبداد النظام الانقلابي، و أنَّ خلاص الشعب المصري مرهونٌ برفضه للظلم والثورة عليه، والتضحيات من أجل انتزاع حرياته الأساسية وحقوقه العامة من بين أنياب العسكر.
9- وأخيراً نثق ونَعْلَم أن الحرية لا توهب، بل تُنتزعُ، وأنَّ التغييرَ لا يأتي منحة من حاكم أو راعٍ له، بل هو نتيجة العمل الدؤوب والبذل المتواصل واستمرار العطاء والتضحيات.

اقرأ: تطور خطير.. شيخ عقل الدروز “الهجري” يدعو للجهاد ضد الإيرانيين في السويداء

“أهمية هذه الإدانة والتصويت عليها”

  • لا شك أنّ هذه الإدانة والتصويت عليها تعبير صادق عن الواقع، ولكنه تعبير نظري لايوفي بالغرض المطلوب.
  • وقف الانتهاكات واحترام الحقوق يتم بالضغط السياسي الدائم والمستمر على هذا النظام، وفرض العقوبات الحقيقية التى تجبره على احترام الحقوق، وذلك بإعطاء ملف حقوق الإنسان الأولية في التعامل الدولي مع هذا النظام وإلّا سيبقى الحال على ماهو عليه.
  • غالبًا تأتي كل الملفات الحقوقية والاعلامية وغيرها تالية للملف السياسي، والمنتدى المصري بالخارج يدرك ذلك جيدًا، يدرك أن النجاح فى الملف السياسي دوليًا هو البوابة الرئيسة للنجاح فى كل الملفات وفي مقدمتها ملف المعتقلين والمظلومين سجناء الرأي في مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى