دين ودنيا

التعادل والترجيح بين الأدلة (11)الترجيح بين الأخبار لأمرٍ في السند

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


ذكرنا أن طرق الترجيح بين الأخبار كثيرة، ولها حالات عديدة، فقد يكون التَّرْجِيحَ لِأَمْرٍ فِي سَنَدِ الْخَبَرِ، وقد يكونْ فِي مَتْنِهِ؛ وَقَدْ يُرَجَّحُ لِأُمُورٍ خَارِجَةٍ. (المستصفى ص377)
وسنذكر ذلك بلا تطويل ممل، ولا اختصار مخل، ونبدأ بترجيح الخبر لأمر في السند.
الحالة الأولى: الترجيح بحال الراوي
للترجيح بحال الراوي عدة طرق نذكرها ونختصر في أدلتها:
1- الترجيح بكثرة الرواة: إذا تعارض خبران نقلهما الآحاد واستوى الرواة في الصفات المرعية في حصول الثقة، ولكن كان أحدهما رواته أكثر من الآخر، فأيهما يرجح؟ فيها ثلاثة آراء:
أ‌- رأي الجمهور: التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الرُّوَاةِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الرُّوَاةِ مُرَجِّحَةٌ لِقُوَّةِ الظَّنِّ ، ولأن الذي رواته كثير يكون أقرب للصواب من جهة احتمال وقوع الخطأ والنسيان. (حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع 2/ 368، غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150، نهاية السول شرح منهاج الوصول ص 379، المعتمد 2/ 179، اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص 83، أصول السرخسي 2/ 251، قواطع الأدلة في الأصول 1/ 405، البرهان في أصول الفقه 2/ 185، بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب 3/ 376 وقال: خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ)
ب‌- رأي جمهور الحنفية وبعض المعتزلة: لا يرون أن كثرة الرواة مرجح. وقالوا المعتبر في الرواة عدالتهم لا كثرتهم، واجيب عن ذلك بأنه مع افتراض وجود العدالة فالكثرة مرجحة واحتجوا في ذلك بالشهادة فإنه لا ترجح بينة على بينة بكثرة العدد. (كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 4/ 79، البرهان في أصول الفقه 2/ 185)
ج- رأي الإمام الغزالي: المعتبر في ذلك ما يغلب على ظن المجتهد، فرُبَّ عدلٍ أقوى ثقة من عدلين (المستصفى 1/377)

تابعنا في فيسبوك


2- الترجيح بعلو الإسناد: يقصد بعلو الإسناد قلة الوسائط بين الراوي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، فقلة الوسائط يقلل احتمال الخطأ والنسيان، وما برحت جهابذة العلماء تطلب علو الإسناد، وتفتخر به، وتركب القفار وتنأى عند الديار في تحصيله. (الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 219، غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150، تشنيف المسامع بجمع الجوامع 3/ 497، المحصول للرازي 5/ 414)
وهذا هو قول الجمهور، وقد خالف الحنفية فيرون عدم الترجيح بعلو الإسناد لاحتمال النسيان وسوء الفهم.
مثال: أن يقول الحنفي الإقامة مثنى كالأذان لما روى عامر الأحول عن مكحول أن أبا محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان وعلمه الإقامة ….. الحديث، وذكر فيه الإقامة مثنى مثنى. (رواه الترمذي والنسائي)
فيقول الشافعي بل الإقامة فرادى لما روى خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال أمر بلالاً أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة. (رواه مسلم)
وإلى هذا القول ذهب المالكية والحنابلة (الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 219)
وحديث أنس من حديث خالد كما رأيت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه ثلاثة، وخالد وعامر متعاصران روى عنهما شعبة. فهو أعلى سنداً.
3- الترجيح بفقه الراوي: كلما كان الراوي فقيهاً، قُدِّمَت روايته على من ليس بفقيه، لأن الفقيه يمييز بين ما يجوز وما لا يجوز، وهو أعلم بمدلولات الألفاظ، وهذا الترجيح لَيْسَ إِلَّا بِاعْتِبَار تَمام الضَّبْط من الْفَقِيه. (اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص83، أصول السرخسي 1/ 349)
مثال: حكى علي بن خشرم قال: قال لنا وكيع أي الإسنادين أحب إليكم الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله، فقلنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، فقال يا سبحان الله!! الأعمش شيخ، وأبو وائل شيخ، وسفيان فقيه، ومنصور فقيه، وإبراهيم فقيه، وعلقمة فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء خير من حديث يتداوله الشيوخ. (الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 220، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244)
4- الترجيح بورع الراوي: أن يكون أحد الروايين أورع، أو أشد احتياطا فيما يروي، فتقدم روايته لاحتياطه فيما يرويه. (اللمع للشيرازي ص84، قواطع الأدلة في الأصول 1/ 406، ، غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150)
5- الترجيح بعلم الراوي باللغة العربية: تقدم رواية العالم باللغة العربية لأنه أعلم بمعاني الألفاظ، فيجتنب الوقوع في الخطأ، ويتحفظ من مواضع الزلل، مالا يقدر عليه غير العالم بها، ويمكن أن يقال بل هو مرجوح لأن الواقف على اللسان يعتمد على معرفته فلا يبالغ في الحفظ اعتماداً على خاطره، والجاهل باللسان يكون خائفاً فيبالغ في الحفظ (المحصول 5/ 416، الإبهاج في شرح المنهاج 3/ 220، شرح تنقيح الفصول ص423)
6- الترجيح بكون الراوي صاحب الواقعة: إذا كان أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ هُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ، فتقدم روايته لأنه أعرف بالقصة من الأجنبى عنه، كَمَا رَوَتْ مَيْمُونَةُ أَنَّهَا قَالَتْ: ” «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ حَلَالَانِ» ” فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِكَوْنِهَا أَعْرَفَ بِحَالِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِهَا لِشِدَّةِ اهْتِمَامِهَا، خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ. (الإحكام للآمدي 4/ 243، المحصول للرازي 5/ 416، اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص 83، قواطع الأدلة في الأصول 1/ 405)
7- الترجيح بكون أحد الراويين من كبار الصحابة: إِذَا كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَالْآخَرُ مِنْ صِغَارِهِمْ فَرِوَايَةُ الْأَكْبَرِ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى النَّبِيِّ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – حَالَةَ السَّمَاعِ لِقَوْلِهِ –عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ -: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» وَلِأَنَّ مُحَافَظَتَهُ عَلَى مَنْصِبِهِ مِمَّا يُوجِبُ التَّحَرُّزَ عَنِ الْكَذِبِ أَكْثَرُ مِنَ الصَّغِيرِ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244، اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص 83)
ولأنه أضبط، ولهذا قدم ابن عمر روايته على رواية أنس فى إفراد الحج وقرانه مع العمرة فقال أن أنسا كان صغيرا يتولج على النساء وهن منكشفات وأنا أخذ بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (قواطع الأدلة في الأصول 1/ 404)
8- الترجيح بكون أحد الراويين أكثر ضبطاً من الآخر:أَذا كان أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ أَعْلَمَ وَأَضْبَطَ مِنَ الْآخَرِ، فَرِوَايَتُهُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 243، غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150)
9- الترجيح بشهرة الراوي بالعدالة والثقة: أَنْ يَكُونَ رَاوِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَالثِّقَةِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، أَوْ أَنَّهُ أَشْهَرُ بِذَلِكَ فَرِوَايَتُهُ مُرَجَّحَةٌ؛ لِأَنَّ سُكُونَ النَّفْسِ إِلَيْهِ أَشَدُّ، وَالظَّنَّ بِقَوْلِهِ أَقْوَى. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 243)
10- الترجيح بكون أحد الراويين لم يتلبس اسمه: إِذَا كَانَ فِي رُوَاةِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَنْ يَلْتَبِسُ اسْمُهُ بَاسِمِ بَعْضِ الضُّعَفَاءِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالَّذِي لَا يَلْتَبِسُ اسْمُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ. (الإحكام للآمدي 4/ 244)
11- الترجيح بكون أحد الراويين أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقت سماعه: أَي قرب الرَّاوِي عِنْد السماع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقد رجح الشَّافِعِيَّة الْإِفْرَاد بِالْحَجِّ عَن الْعمرَة على غَيره من رِوَايَة ابْن عمر لِأَنَّهُ كَانَ تَحت نَاقَته صلى الله عليه وسلم. أخرج أَبُو عوَانَة أَنه قَالَ: “وَإِنِّي كنت عِنْد نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسني لُعَابهَا أسمعهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ”.(الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244، اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص83)
قَالَ الشَّافِعِي أخذت بِرِوَايَة جَابر لتقدم صحبته وَحسن سياقته لابتداء الحَدِيث وبرواية عَائِشَة لفضل حفظهَا، وَبِحَدِيث ابْن عمر لقُرْبه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يخفى عدم صِحَة إِطْلَاقه أَي التَّرْجِيح بِالْقربِ وَوُجُوب تَقْيِيد الْقرب بالْمُرَجح، وببعد الآخر بعداً يتَطَرَّق مَعَه الِاشْتِبَاه فِي المسموع على الْبعيد، للْقطع بِأَن لَا أثر لبعد شبر مثلا.
ثمَّ للحنفية التَّرْجِيح بِالْقربِ أَيْضا لِلْقِرَانِ من رِوَايَة أنس أَنه كَانَ آخِذا بزمامها حِين أهل بهما أَي بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة “كنت آخِذاً بزمام نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تَقْصَعُ بجرتها ولعابها يسيل على كَتِفي وَهُوَ يَقُول لبيْك بِحجَّة وَعمرَة” . (تيسير التحرير 3/ 164، الإحكام للآمدي 4/ 244)
12- الترجيح بكون راوي أحد الخبرين مباشراً لما رواه: أَنْ يَكُونَ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مُبَاشِرًا لِمَا رَوَاهُ، وَالْآخَرُ غَيْرَ مُبَاشِرٍ، فَرِوَايَةُ الْمُبَاشِرِ تَكُونُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِمَا رَوَى، وَذَلِكَ كَرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – «نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ» فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ نَكَحَهَا وَهُوَ حَرَامٌ»، لِأَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ هُوَ السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا وَالْقَابِلَ لِنِكَاحِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ. (غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150)
13- إِنْ كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مَشْهُورَ النَّسَبِ بِخِلَافِ الْآخَرِ: فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ احْتِرَازَهُ عَمَّا يُوجِبُ نَقْصَ مَنْزِلَتِهِ الْمَشْهُورَةِ يَكُونُ أَكْثَرَ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244)
14- أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ رِوَايَتُهُ عَنْ حِفْظٍ وَالْآخَرُ عَنْ كِتَابٍ: فَالرَّاوِي عَنِ الْحِفْظِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ ضَبْطِهِ. (غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 150، الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244)
15- أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِمَا رَوَى، وَالْآخَرُ خَالَفَ مَا رَوَى: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِمَا رَوَى، وَالْآخَرُ خَالَفَ مَا رَوَى، فَمَنْ لَمْ يُخَالِفْ رِوَايَتَهُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنِ الْكَذِبِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 243)
16- أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ أَفْطَنَ وَأَذْكَى وَأَكْثَرَ تَيَقُّظًا مِنَ الْآخَرِ: فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى لِكَثْرَةِ ضَبْطِهِ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244)
17- الترجيح بتقدم أسلام الراوي: إِذَا كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاوِي الْآخَرِ فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى؛ إِذْ هِيَ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ لِزِيَادَةِ أَصَالَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَحَرُّزِهِ فِيهِ. (الإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4/ 244)
وقيل أن سماع المتأخر متحقق التأخر وسماع المتقدم يحتمل التأخر والتقدم فما تأخر بيقين أولى، ولهذا قال ابن عباس كنا نأخذ من أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأحدث فالأحدث. ومثال ذلك ما فعله الشافعى من تقديم رواية ابن عباس فى التشهد على رواية ابن مسعود. (اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص84، قواطع الأدلة في الأصول 1/ 406)
18- الترجيح بكون أحد الخبرين اضطرب لفظه والآخر لم يضطرب لفظه فيكون الذى لم يضطرب لفظه أولى (اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص 84، قواطع الأدلة في الأصول 1/ 406)
19- أن يكون أحد الخبرين رواه أهل المدينة والخبر الآخر رواه غيرهم: فيكون الأول أولى لأنهم يروون أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته التى مات عليها فهم أعرف بذلك من غيرهم. (اللمع في أصول الفقه للشيرازي ، ص 84 قواطع الأدلة في الأصول 1/ 406)

هناك اعتبارات أخرى للترجيح، أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة، لكن نحب أن ننبه أن هذه الاعتبارات في مجملها متفق عليها بين علماء الأصول، وهناك اعتبارات أخرى في بعضها نظر، وفي بعضها خلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى