اقتصاد

سوريا منذ حقبة حافظ اﻷسد إلى وريثه بشار ماذا تغير في 23 عاما؟



المكتب اﻹعلامي بالداخل/
معظم ما تقدمه التقارير اﻹعلامية الموالية، تصب في خدمة مقولة “سوريا على شفا جرف هار”، وتقترب إلى مزيد من اﻻنهيار على كافة اﻷصعدة.
وعلى لسان المحللين وخبراء اﻻقتصاد الموالين، نستخرج “المؤشرات” واضحة الدﻻلة على ما سبق.
وما نسوقه في هذا الملف المختصر؛ مجرد مؤشرات، لم تختلف منذ حقبة حافظ اﻷسد، وحتى انتقال السلطة وليس “السلطة” إلى “وريثه” بشار، في دولة يفترض أنها “ديمقراطية”.
سوريا طاردة للمستثمرين:
حيث اعتبر الأستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد بدمشق، التابعة للنظام، الدكتور زياد عربش، أن واقع الاستثمار وبيئة الأعمال في سورية، ليست مشجعة.
وبحسب عربش فإن؛ “الاستثمار بحاجه إلى استقرار وإلى مؤشرات إيجابية، وكلاهما غير متوافر في بلدنا، لذلك وفي ظل هذه الظروف الراهنة ستبقى سورية طاردة للاستثمار وللمستثمرين وليست جاذبة لهم”.
واتهم عربش في حديث لصحيفة “تشرين” الرسمية الموالية، اﻹجراءات الحكومية بالمقام اﻷول في عدم جذب المستثمرين العرب وغير العرب، وحتى ﻻ يخرج عن السيمفونية المعتادة مرر ملف العقوبات الأمريكية التي أسهمت في التخوف من استثمار في مناطق النظام.
بالمجمل؛ الاستثمار بحاجة إلى استقرار قانوني وأمني واقتصادي، وهذا أغلبه غير موجود، وهناك تذبذب سعر الصرف بشكل كبير، وهذا عامل منفر وطارد للاستثمار غير السوري. وفق عربش.
غياب الرؤية:
وكما في كل التأكيدات التي يطلقها الخبراء في المجال اﻻقتصادي الموالون، يعرج عربش على مسألة الرؤية المستقبلية ويقول؛ “لا توجد رؤية لحل الأزمات والمشكلات الداخلية في المدى المنظور”.
واعتبر عربش أن مؤشرات الاقتصاد السوري على المستوى العالمي سلبية، وبيئة أعمال غير جاذبة، والحكومة (حكومة المفاجآت)، وقال؛ “دوما تفاجئنا بأشياء تولد حالة من القلق الدائم وعدم الاستقرار”.
الإصلاح الضريبي يسير بعكس الاتجاه الصحيح
وفي سياق متصل؛ وصف الدكتور إبراهيم العدي أستاذ المحاسبة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، التابعة للنظام، قوانين النظام الضريبي بالعجوز، وتعود لخمسينيات القرن الماضي، واتهم من وصفهم بكبار التجار بعرقلة تطويرها.
وتركز حكومة النظام اصة بعد “إفلاس الخزينة العامة” التي أنفقت على الحرب ضد معارضي اﻷسد، على “تحصيل وجباية اﻷموال” دون النظر إلى “العدالة” أو “توزيع حصيلتها” على الخدمات العامة.
وبينما يدعو المحللون الموالون إلى “تطوير النظام الضريبي”، (طبعا بقصد الجباية أكثر كما هو حال العدي في تصريحه”، ﻻ يتم الحديث عن “دور اﻹنتاج وتنميته”.
ويمكن ملاحظة ما سبق في قول العدي؛ “من مآسي النظام الضريبي أنه على الرغم من التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلا أن هذا النظام بقي ملائما لكل الحقب السياسية”.
وأضاف؛ “على سبيل المثال القانون ٤١ لعام ٢٠٠٥ نقل بعض الشركات المساهمة من ضريبة الأرباح الحقيقية إلى ضريبة الدخل المقطوع، و”الجامعات الخاصة مثال”، أي أصبحت هذه الشركات المساهمة تحقق أرباحا كبيرة وتعامل ضريبياً معاملة محل صغير يبيع الفلافل”.
واعتبر العدي أن ما يسمى بالإصلاح الضريبي يسير بعكس الاتجاه الصحيح، وهو بالتوحيد الضريبي أي التوجه للضريبة الموحدة. ولكن ما يلاحظ أن القانون ٦٠ جاء ليكرّس عدم قدرة وزارة المالية على فرض ضريبة أرباح حقيقية على الموّردين والمتعهدين المتعاملين مع الجهات الحكومية، وأدى إلى فرض ضريبة بطريقة الحجز عند المنبع (ضريبة الرواتب والأجور) وبالتالي تحويل موظفي الجهات الحكومية إلى جباة ضرائب بدلا من جباة وزارة المالية. وفقا لتقرير نشرته صحيفة “تشرين” الرسمية الموالية.
ولم يخف العدي صراحة ما سبق وأكدته أقلام الكتّاب والمحللين اﻻقتصاديين المعارضين، حول “الفريق اﻻقتصادي وكفائته” وقال؛ “الصعوبات التي تعاني منها الإدارة الضريبية، منها عدم وجود إدارة كفوءة خبيرة وعدم وجود كادر مؤهل وضعف التنسيق بين الأجهزة الرقابية لمراقبة الدخل”.

ازدياد في أعداد المستقلين من القطاع العام:
وإذا بقينا في الملف اﻻقتصادي، فإن من جملة ما يمكن اعتباره مؤشرا على الانهيار، ما كشف عنه تقرير صادر عن اتحاد العمال التابع للنظام، والذي تحدث فيه عن ازديادٍ كبيرٍ في أعداد الموظفين الراغبين في الاستقالة، خلال اﻷشهر اﻷخيرة، والذي تزامن مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم غير المسبوق.
وارتفعت أعداد المستقيلين ومقدمي طلبات الاستقالة من القطاع العام خلال النصف الأول من العام الجاري، مسجلا استقالة 400 موظف في محافظة السويداء، و300 آخرين في محافظة القنيطرة أغلبهم من قطاع التربية.
وتم تقديم 516 طلب استقالة في محافظة اللاذقية، بينها 230 طلبا من عمال في شركات الغزل، و149 من عمال في مؤسسة التبغ، و58 من عمال في قطاع الزراعة، و31 من عاملين في مديرية الصحة، و48 طلبا من موظفين في مختلف القطاعات الأخرى. بحسب اتحاد العمال التابع للنظام.
القطاع العام مفلس:
ويكشف الخبير بالإدارة العامة، الموالي للنظام، عبد الرحمن تيشوري، أن القطاع العام وصل للإفلاس الإداري نتيجة ضعف الأجور والفساد، مشيرا إلى أن هناك عجز كبير بالأداء المؤسسي وظهرت مشكلات الفساد المالي والإداري والتسيب وعدم حماية وحراسة المؤسسات وتكشف الرقابة عن اختلاس 10 ملايين يوميا”.
وفي آخر ما كشف عنه حول ملف اﻻختلاس كشفت الهيئة العامة للرقابة والتفتيش التابعة للنظام قبل أيام، عن 800 قضية فساد في سوريا كشف خلال 3 أشهر
ويرى تيشوري، أن تزايد طلبات الاستقالة نتيجة عدم تناسب كتلة الرواتب مع التضخم الاقتصادي، بحيث لا تغطي حتى تكلفة النقل، ما يجعل الموظف يعمل بشكل شبه مجاني.
كما يعتقد تيشوري أن ما سبق يسهم في تهالك القطاع العام، وخاصة فيما يخص عمليات الترقية الوظيفية والتطوير في تحفيز قسم كبير من الموظفين على ترك العمل الحكومي، حيث تمنح الحوافز والترقيات لموظفين محددين. في إشارة إلى الفساد اﻹداري والمحسوبيات.
وكما قال من سبقه، يرى تيشوري؛ أن الجزء الكبير من مشكلات القطاع العام السوري يعود الى المسألة الإدارية، فالأزمة الوظيفية في سوريا هي أزمة إدارة وأخلاق، وطالب بإصلاح القطاع العام، ولاسيما ضمن استفحال البيروقراطية ودفع الإتاوات وبيع فرص العمل وبازارات المناصب وتضليل الإنجازات وتضخيم الوهمي.
نكتفي بالمؤشرات السابقة، وكما أسلفنا “اﻹدانة من فم المحللين الموالين”، مع التذكير بأنه بلغ وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية في بداية شهر رمضان، 5.6 مليون ل.س، بالتزامن مع انتهاء الربع الأول من عام 2023، بينما لا يزال الحد الأدنى للأجور (92,970 ليرة سورية – أي أقل من 13 دولار شهريا)، وارتفعت تكاليف المعيشة خلال ثلاثة شهور (كانون الثاني وشباط وآذار)، 41 %، بحسب دراسة أعدتها صحيفة قاسيون الموالية.

الكلام السابق يأتي في ذكرى نفوق حافظ الأسد بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2000.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى