لحن الفرات

أهاجَ شجى قلبي هديلُ حمامةٍ
مطوّقـــــةٍ تبكي وتهـــوى بكائيــــــــا
رأتني كثيرَ النّوحِ أبكي فسجّعتْ
فأجرتْ دموعَ العينِ منّي سواقيا
وما ناحتِ الورقاءُ ممّا أصابهـــــا
ولكنْ لفرطِ الوجدِ ترثي لحاليــا
فزادتْ شجى نفسي حنيناً وحسرةً
على بُعد ما بيني وبين بلاديـــــــا
ألا فاقصري أدميتِ قلبي صَبابةً
كأن لم يكن غيري غريباً ونائيا
أحسُّ لمعنى الدّير سحراً يُصيبُني
فيسكرني سُكراً كأنْ لستُ صاحيا
ويتلفــني شوقي إليــها كأنّــني
عليلٌ يُرجّي أن تكونَ المــُداويـــــا
يهيجُ لي الأشجانَ أنّي أحبُّهـــا
كصبٍّ نأى يبكي الحبيبَ المجافيا
فإنْ غنّتِ الأطيارُ فوقي ورنّمتْ
حننتُ لطير الدّيرِ تُزجي الأغانيـــا
أهيمُ بها إنْ راقَ حُسنٌ لمقلتي
وليس بغير الحُسنِ يُعنى فؤاديــــــا
وما حسُنتْ يوماً بعينيَ جنـــّةٌ
أراها فأشجارُ الفراتِ جِنانيــــا
فللّهِ درُ الدّيرِ ما أطيبَ الهوى
وما أحسنَ الحورَ الحسانَ الغوانيا
يُصبنَ بعينٍ لا يُعافى مُصابُها
ولو رشفَ الدّهرَ الدّواءَ المعافيـــــا
فللّهِ درّي كم تسيلُ مدامعي
ودرُّ أحاسيسي ودرُّ اشتياقيــــــا
ودرُّ الفراتِ العذبِ ناءٍ مذاقُهُ
وما كنتُ قبل اليومِ حرّانَ صاديا
سقاني كثيراً عذبَهُ وودادَهُ
وما زالَ منّي الودُّ عذباً وصافيا
ودرُّ ليالي الصّيفِ حُلوٌ حديثُنا
على شطّهِ أيّامَ نرجو الأمانيـــــ
وللهِ درُّ الجسرِ صَـــرحٌ معلّـــقٌ
قناديــلهُ تيـــهاً تحاكي الدَّراريــــــا
أضاءتْ صفاءَ الماءِ ليلاً بلونها
فصار حَبابُ الماءِ نجماً سماويـا
ودرّ النّجومِ الزّهرِ كيف تراقصتْ
على موجهِ دهراً تُضيءُ الشّواطيــا
فشعّتْ لنا الأنوارُ تُعشي عيونَنــــا
نجــومٌ وأضواءٌ ووجــهُ رفاقيــــــا
فقيثارتي ظلّتْ هنــاكَ ومهجتي
وأحلى حكاياتي وملهى شبابيا
فهاتُوا غنـــاءً من غنـــاءِ أحبّـــتي
غناءً شجيّاً كي تُداوى جراحيا
فقالوا بأيّ اللّحنِ تهوى سماعَهُ
فقلــتُ لهــمْ ما كانَ لحنــاً فَراتيــــا
بارك الله بك خالي العزيز أبيات جميلة