مقالات

سوريــــة “حكم الاستثناء بدلًا من حكم القانون”

خالد الحويج

محام سوري
عرض مقالات الكاتب

شهد تاريخ سورية  العديد من الأحداث التي أثرت بشكل كبير على حياة المواطنين ومبادئ العدالة وسيادة القانون، ومن بين هذه الأحداث البارزة هو صدور قانون الطوارئ في سورية الذي أدى إلى حكم الاستثناء بدلًا من حكم القانون. في هذا المقال، سنستعرض المرحلة التاريخية لصدور قانون الطوارئ في سوريا، وكيف تنافى مع مبادئ باريس الدنيا ومبادئ سيراكوزا، بالإضافة إلى مخالفته للدستور السوري والكوارث التي لحقت بالشعب السوري مستقبلا؟.

نعرج على الوضع القانوني  برمته منذ البداية تم إعلان حالة الطوارئ أعلنت الأحكام العرفية بالأمر العسكري رقم 2، إثر انقلاب عسكري قاده حزب البعث العربي الاشتراكي في 8 آذار / مارس 1963 حيث أعلنت الأحكام العرفية بالأمر العسكري رقم 2, وتم إنهاؤها  في 21 نيسان/ أبريل 2011.

تابعنا في فيسبوك

وبموجب قانون الطوارئ في المادة العاشرة من القانون “يكون إنهاء حالة الطوارئ من قبل السلطة المختصة بإعلانها”، والسلطة المختصة منصوص عليها في المادة الثانية ونصها: “تعلن حالة الطوارئ بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء المنعقد برئاسة رئيس الجمهورية وبأكثرية ثلثي أعضائه على أن يعرض على مجلس النواب في أول اجتماع له”.

تم اعلان حالة الطوارئ من قبل  مجلس قيادة الثورة وليس عن طريق مجلس الوزراء، كما ينص الدستور السوري، الذي أصبح نافذا بعد أكثر من عشرة أعوام على إعلان حالة الطوارئ، وبالتالي ماهي المسؤولية القانونية التي  تتحملها الحكومة السورية واستمرارها خلال تلك المدة الممتدة منذ بدء إعلانها ولغاية انتهاء تلك الحالة أي التصرفات والتي قامت بها الأجهزة الحكومية والأمنية بعد استلام السلطة والتي تؤسس لعدم وجود مبررات لوجود تلك الحالة نتيجة استلام السلطة وحجية وجود تلك الحالة:

_ من المراسيم الأولى التي عززت السيطرة الأمنية الخاصة بالنظام المرسوم التشريعي رقم 549  غير المنشور في الجريدة الرسمية، والذي يقضي بإنشاء إدارة أمن الدولة قانون (إحداث إدارة أمن الدولة) الصادر بالمرسوم التشريعي رقم (14) تاريخ 25-1-1969، والمادة (74) والمادة (101) من قانون التنظيمات الداخلية لإدارة أمن الدولة، وقواعد خدمة العاملين فيها، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 549 تاريخ 25/5/1969 والذي أعطى بموجبه حصانة لأفراد المخابرات العامة من أي ملاحقة وخصوصًا التعذيب والفقدان وحالات الاختفاء القسري والعديد من تلك الأمور مما أعطى تلك الجهات سيطرة كاملة على كافة مفاصل وأركان الدولة وتقييد الحريات بشكل كامل.

تابعنا في تويتر

-المرسوم التشريعي رقم بمقتضى المرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968، الذي ينصّ -في مادته الأولى- على أنّ إحداث المحكمة يتم “بأمر من الحاكم العرفي”. محكمة أمن الدولة العليا على أنّ إحداث المحكمة يتم “بأمر من الحاكم العرفي”. أصدرت هذه المحكمة آلاف الأحكام الجائرة بحق معارضين سياسيين وناشطين في المجتمع المدني السوريين، في ظلّ محاكمات جائرة تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة.

إنّ أحكامها تصدر قطعية غير قابلة للطعن، ولا تحتاج إلا إلى تصديق بقرار من رئيس الدولة، وذلك بمقتضى المادة 8 من هذا المرسوم.

-المرسوم التشريعي رقم 6 بشأن تأسيس المحاكم الميدان  العسكرية في دمشق وفي المدن الأخرى، إذا لزم الأمر والصادر في 7 يناير 1965 محكمة الميدان العسكرية، المنشأة بموجب المرسوم التشريعي رقم 109 لعام 1968. (ووسع من دائرة اختصاص هذه المحكمة بالمرسوم التشريعي رقم 32 تاريخ 1980/7/1 إذ أضيفت عبارة “أو عند حدوث الاضطرابات الداخلية لتشمل المدنيين”، من دون عرضه على مجلس الشعب، وتعد هذه المحكمة مخالفةً للقوانين الوطنية النافذة، وللدستور الوطني، وللمواثيق الدولية والقانون الدولي.

كان اختصاصها محصورًا بالنظر بالجرائم المرتكبة أمام العدو أو زمن الحرب وخلال العمليات الحربية. لا تخضع الأحكام الصادرة عن هذه المحكمة للطعن، فهي تصدر قطعية، ويتم تصديق قرارت الإعدام الصادرة عنها من طرف رئيس الدولة وبقية الأحكام من طرف وزير الدفاع.

-المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 1977، محاكم الأمن الاقتصادي التي استمرت في العمل حتى تاريخ إلغائها، بموجب المرسوم التشريعي رقم 16 لعام  2004.  

المادة 13 من قانون العقوبات الاقتصادي التي تخضع “مقاومة النظام الاشتراكي” لعقوبة السجن لمدة قد تصل إلى 15 عامًا.

بعد إلغاء حالة الطوارئ المطبّقة منذ عقود في سورية صدر المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2012 الخاص “بمكافحة الإرهاب” لإحداث محكمة استثنائية مختصة بالنظر في “قضايا الإرهاب”، وقد أنشئت بموجب القانون رقم 22 لعام 2012. وعلى الرغم من إمكانية الطعن بأحكامها، أمام دائرة خاصة تُشكل بمرسوم في محكمة النقض (المادة الخامسة من المرسوم رقم 22)، فإنّ محكمة “قضايا الإرهاب” تتمتع باختصاصات محكمة أمن الدولة الملغاة بذات الشدة والتحكم  وهي أداة لقمع معارضي النظام السوري.  

اقرأ: الثورة السورية”.. نهوض أم سقوط؟


-تعتبر سوريا طرفًا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر  1948، وسوريا لم تقم بتطبيقه أو احترامه في أجزاء عديدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، واتفاق حقوق الطفل لسنة 1989، واتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام  1984، اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام  2006، إعلان الأمم المتحدة بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974، وغيرها من التحكم الواضح بكل مفردة من مفردات الحياة في سورية هو التعديل الدستوري الذي يقول بأن رئيس الجمهورية هو من يضع السياسة العامة للدولة، ويشرف على تنفيذها  (تعديل الدستور السوري عام 2012)،

وكذلك أيضا في الدستور السوري مادة 133 من الدستور السوري الصادر عام 2012، تنص على تعيين أعضاء المحكمة الدستورية. وفقًا لهذه المادة، يتم تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها من قبل رئيس الجمهورية بناءً على مقترح من مجلس الوزراء وبموافقة مجلس الشعب فان رئيس الجمهورية هو من يملك تعيين قضاة المحكمة الدستورية العليا ويؤدون اليمين أمامه، وبهكذا حال فإن المحكمة الدستورية العليا التي تمتلك إلغاء القوانين المخالفة للدستور قد أصبحت مقيدة وتابعة وكذلك فان  المادة 132 من الدستور:

‎(يرأس رئيس الجمهورية مجلس القضاء الأعلى ويبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه)، وبالتالي فإن تعيين القضاة سيكون بمرسوم من عنده

أخيرا تعتبر سوريا طرفًا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر  1948 وسوريا لم تقم بتطبيقه أو احترامه في أجزاء عديدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة  1966، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، واتفاق حقوق الطفل لسنة 1989، واتفاق مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة لعام  1984، اتفاق حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لعام  2006، إعلان الأمم المتحدة بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة لعام 1974 وغيرها .

 يتضح وفق ما سبق أن سورية يحكمها الاستثناء وليس القانون الذي تم اغتياله في غابة الأسد وشركائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى