سلسلة شيوخ الأزهر 5- فضيلة الإمام الشيخ محمد شنن المالكي

سلسلة شيوخ الأزهر
5- فضيلة الإمام الشيخ- محمد شنن المالكي
ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا
توفي سنة 1133هـ/1720م. عن 77 عاماً
اسمه ونسبه:
الشيخ العلامة شيخ الجامع الأزهر الشيخ محمد شنن المالكي (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 128)
مولده:
ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا، وكان مولده بقرية الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد. (الخطط التوفيقية 4/31)
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه.
جَدَّ الشيخ محمد شنن في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه، فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع الصيت، وذا ذكر حسن.
وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي في بيته. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 296).
منزلته ومكانته العلمية:
وكان الشيخ محمد شنن مليئا متمول أغنى أهل زمانه بين أقرانه، ترك لابنه ثروة طائلة، وجعل الشيخ محمد الجداوي وصيّاً على ولده موسى، فلما بلغ رشده سلمه الشيخ محمد الجداوي ماله، فكان من صنف الذهب البندقي أربعون الفاً خلاف الجنزرلي والطرلي وأنواع الفضة. والأملاك والضياع والوظائف والجماكي والرزق والاطيان وغير ذلك. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 128، الخطط التوفيقية 4/31، كنز الجوهر ص 126)
وكان للشيخ محمد شنن مماليك وعبيد وجوار، ومن مماليكه أحمد بك شنن. الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من كبار ولاة الأقاليم. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 129، الخطط التوفيقية 4/31، كنز الجوهر ص 126)
ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ويذكر المؤرخون أن رغم ثراء الشيخ شنن العريض، وأمواله الطائلة، كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من كبار الفقهاء، عالماً جليلاً، وفقيهاً مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل العلم ومتابعة تلاميذه، والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد.
وقد أقام الشيخ شنن صديقه الشيخ محمد الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن بعد بلوغه سن الرشد، ولم يمض وقت طويل حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم ضخامتها، ومات سنة اثنتين وتسعين ومائة وألف (1192هـ) بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا، وترك ولدا مات بعده بقليل. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 129، الخطط التوفيقية 4/31)
وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد لاحظ أثناء مشيخته أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد، وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15 من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب.
ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه، ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر.
واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م – 1730م)، واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
تلامذته:
وممن أدرك الشيخ محمد شنن المالكي وأخذ عنه المعمر الضرير الشيخ محمد المصيلحي الشافعي (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 2/ 35، حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر ص1368)
ولايته للمشيخة:
توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا تخرج إلا منه غالبًا. ولا تعرف مدة ولايته. (الخطط التوفيقية 17/8)
وفاته:
ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل البحث والتدريس حتى توفاه الله، عام ثلاث وثلاثين ومائة وألف 1133هـ/1720م. عن سبع وسبعين سنة. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 129، كنز الجوهر ص 126)
مؤلفاته:
اكتفى الشيخ شنن بتدريس المؤلفات المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ العلماء تلقى دروسه.
مشيخة الأزهر بعده:
لما مات الشيخ شنن تقلد المشيخة الشيخ إبراهيم ابن موسى الفيومي المالكي. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 296)