مقالات

مؤبد الشيخ “الأطرش” والاستقواء على سنة لبنان

بقلم: أحمد رضوان

منذ توقيفه عام ٢٠١٤م ولا يزال الشيخ عمر الأطرش نموذجا حيا على مظلومية علماء السنة و مشايخهم في بلد يعتبر سنته أكبر مكون ديمغرافيٍ فيه.

محطات كثيرة مر فيها هذا الرجل تظهر كيف يتعاطى القضاء العسكري اللبناني -التابع لخط سياسيٍ “ممانع”- باستناسبية مفضوحة مع أبناء السنة الذين دعموا أو عملوا أو حتى ناصروا الثورة السورية في مختلف مراحلها.

تابعنا في تويتر

منذ أيام قليلة أنزلت المحكمة العسكرية حكم الأشغال الشاقة المؤبدة على رجلٍ دخل السجن، وهو في بداية العشرينات ولبث فيه زهاء العشر سنوات بلا محاكمة، وهو حسب كل من يعرفه من النخبة “الدينية” في لبنان وسوريا رجل إغاثة وحمية، عمل في صفوف الثوار كأنه ابن دمشق، وحمل لواء خدمة اللاجئين وكأنه ابن حمص، وحتى في سجنه يعلم كل سجناء الثورة السورية الذين خالطوه أنه سوريٌ في غيرته على السوريين في السجن أكثر من السوريين أنفسهم.

تابعنا في فيسبوك

اقترن اسم هذا الرجل بفيديو التعذيب الشهير الذي مارسه عليه عناصر من الأمن اللبناني بطريقة وحشية مهينة استدعى اعتذارا لاحقا من وزير الداخلية “السني” حينها “نهاد المشنوق” وشكل حرجا كبيرا للمؤسسة الأمنية في لبنان.

لم تهدأ تحركات “هيئة علماء المسلمين” أكبر تجمعٍ لمشايخ السنة في لبنان والتي تضم أكثر من ٥٠٠ عالم وداعية”، لم تهدأ منذ الإعلان عن توقيف الشيخ الأطرش، و لم تترك وفودها بابا سياسيا أو حكوميا إلا وطرقته احتجاجا على “اختطاف” هذا الرجل الذي كان رقما صعبا في معونة الثوار واللاجئين السوريين في عرسال حينا، ولايزال رقما كبيرا في خدمتهم حتى داخل أسوار سجن رومية الذي يقطن فيه اليوم مع أكثر من ٥٠٠ سجين إسلامي، لكن كل تحركات مشايخ الهيئة لم تفلح في رفع الظلم عن هذا الرجل أو عن إخوانه، فالدويلة أمرها غالب على أمر الدولة، والقضاء العسكري في لبنان قرر دائما أن يبقى “أطرشا” أمام صيحات كل المؤسسات الحقوفية المحلية والدولية.

عندما يذهب اللبناني “الشيعي” للقتال في سوريا أو يدعم شبيحة النظام ومليشيات الكبتاغون الطائفية يستقبل في بلده استقبال الأبطال ، ولكن عندما يفعل ذلك شيخٌ سني شهم ك “عمر الأطرش” يصبح إرهابيا خطيراً.

عندما يقوم اللبناني “الشيعي” باضطهاد اللاجئ السوري والتضييق عليه فإن القضاء يغض الطرف ويتواطأ مع واحدة من أكبر الحملات العنصرية التي عرفتها المنطقة ضد شعب جار و”شقيق”، لكن ذات القضاء يلقي القبض على شيخ سني كان يخدم اللاجئين السوريين وكأنهم أهله وقرابته، ويكيل له تهم الإرهاب والتطرف، ويحكم عليه بالسجن المؤبد.

كل التقارير الحقوقية الدولية لا تساوي عند المحكمة العسكرية في لبنان قيمة الحبر الذي كتبت به، ويستمر هذا القضاء بلا رادع في ظلم سنة لبنان وتصويرهم كمشروع تطرف وعنف. مشكلته الوحيدة أنه كان “سنيا” ولو أن هذا التطرف والعنف كان يرفع الرايات الحسينية لباركته المؤسسة الأمنية والعسكرية والقضائية وخلعت عليه أبهى ألقاب “المقاومة” والصمود و”الممناعة”.

إن الحكم على هذا الشيخ العصامي بالمؤبد هو صفعة في وجه كل سنة لبنان عموما؛ وعار على جبين النخبة السياسية السنية في بلد لم يعد الساكت فيه عن الحق شيطان “أخرس”، بل و”أطرش” أيضاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى