“الزواج” وأهدافه في الإسلام

الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين وقد حبب فيه الشرع وندب إليه، وأكده على كل من قدر على المهر والنفقة وخاف على نفسه من الإثم والخطيئة، فإذا تحققت المعاني السابقة التي شرع من أجلها جعله الإسلام ضرورياً.
● تعريف الزواج:
= الزواج لغة: يعرف بأنّه ارتباط واقتران يحدث بين شيئين يرتبطان معاً، ويستخدم للتعبير عن ارتباط الذكر والأنثى والعيش معاً لتشكيل أسرة، وبناء منزل.
= واصطلاحاً: يرمز إلى الاتفاق الذي يحدث بين الذكر والأنثى، حيث يتفقان على الزواج وتكوين أسرة، ويسمى الذكر والأنثى بطرفي الاتفاق، أي الزوج والزوجة.
أما الزواج شرعاً: هو استمتاع كلّ من الزوج والزوجة ببعضهما بهدف إفراغ الحاجة الجنسية الغريزية والموجودة في نفس الزوجين بآن واحد، لكنّ الهدف الأسمى من الزواج وفقاً للشريعة الإسلاميّة هو حفظ النوع الإنساني وتكاثره بهدف عمارة الأرض وتحقيقا لعبادة الله.
فالزواج أو النكاح عبارة عن ارتباط دائم بين رجل وامرأة بعقد قانوني وبحضور وموافقة أهل الطرفين. هدفه تكوين أسرة مستقرة برعاية الزوجين كما يجب أن يكون معلناً ومشهراً في المجتمع إبعاداً للشبهة التي يمكن أن تطال الزوجين.
● مشروعية الزواج:
شرع الزواج من أجل استمرار وجود الجنس البشري وحفظه من الزوال والانقراض، إضافة إلى إحقاق الفضيلة في المجتمع بالزواج والابتعاد عن الزنا تلك الرذيلة التي تدمر المجتمع، وأيضا طلب الولد وتكثير النسل.. وبالزواج تحفظ الأنساب وتزداد صلات القرابة والمودة بين الناس وبالتالي وصول المجتمع إلى الحياة الإنسانية الكريمة.
● شروط عقد الزواج:
هناك عدة شروط لاتمام عقد الزواج وجعله في الصيغة الشرعية والقانونية، وهي:
= أهلية الزوجين وقدرتهما على إنشاء أسرة مستقرة.
= عدم وجود موانع شرعية وانتفائها لدى الزوجين.
= لا بد من وجود الولي لإتمام الزواج.
= سماع الإيجاب القبول الصريحين من قبل عدلين يسمعان ذلك من الزوجين.
● أهداف الزواج:
= إكمال الدين وإعفاف النفس واستمتاع الزوجين ببعضهما واحتساب الأجر في ذلك.
روى مسلم في صحيحه، أنه جاء جمع من الصحابة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟
فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر. “رواه مسلم.
= عمارة للأرض تنفيذاً لأمر الله.
= إنجاب الذرية الصالحة لتكوين أسرة مسلمة مستقرة تعمل على عمارة الأرض.
= الزواج طمانينة النفس وسكن الروح لدى الزوجين وهو رباط قوي يساعد الزوجين على التعاون في مواجهة الحياة لتجاوز متاعبها الكبيرة والصعبة.
= يعمل الزواج على القضاء على مشاعر الوحدة والقلق في دروب الحياة.
● أدلة مشروعية الزواج:
= من القرآن الكريم:
شرع الله الزواج وحث عليه كونه ضرورة حياتية وحاجة فطرية تهدأ بها نفس الزوجين وتلبي الحاجة الروحية والجسدية الغريزية التي أودعها الله في خلقه.
يقول الله تبارك وتعالى:
= (وإنه خلق الزوجين الذكر والأنثى) سورة النجم الآية ٤٥.
فالله خلق عباده من زوجين ذكر وأنثى. (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) سورة الروم_ الآية ٢١.
(والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون) سورة النحل _ الآية ٧٢.
= (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ). (النور ٣٢).
قال الجوهري: الأيامى جمع أيِّم، ويقال للمرأة التي لا زوج لها وللرجل الذي لا زوجة له.
من الحديث الشريف، روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِاللهِ بنِ عَمرٍو رضي اللهُ عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ”، كما جاء في التوجيه النبويّ بالحث على الزواج الحديث التالي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ؛ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ”. رواه الشيخان وأصحاب السنن.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يدك).. رواه الشيخان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اي النساء خير؟ قال: (التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله).
● لكل من الزوجين حقوق على الآخر، فحق الزوج على زوجته:
طاعته بالمعروف والوفاء له -القوامة- أن تقوم به وبمنزله والأبناء فتقدم أفضل خدمة له ولأولاد.
أن تكون حسنة الاستقبال مع طلاقة الوجه، وأن تكون بأحسن حلة ومنظر فلا يرى منها إلا الحسن ولا يشم إلا الطيب، إضافة لتربية الأبناء تربية إسلامية صالحة لصناعة مستقبل إسلامي مشرق، وألا تصوم النوافل إلا بإذنه.
أما حقوق الزوجة، فهي:
المهر – العشرة الطيبة وحسن الخلق – النفقة وتقديم السكن – حق المبيت والمعاشرة الطيبة – الغيرة عليها – كف الاذى والدفاع عنها – تعليمها أمور دينها.
لقد حث الإسلام على حسن الاختيار فأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الزوج باختيار زوجة صالحة، فقال: (ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة).
كما أوصى الأهل باختيار الصالح من الأزواج لبناتهم، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه الترمذي: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
لقد مثّل لنا الرسول عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنة من خلال تعامله مع زوجاته فمن وصاياه صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري: (استوصوا بالنساء خيرا).
وقال في الحديث الذي رواه الترمذي: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.