تقارير

مساكن الطوب.. عودة طوعية للسوريين إلى حياة غير آمنة

فريق التحرير|

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن “العودة الطوعية” للاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم ستكون جزءاً من سياسة حكومته “بما يتوافق مع مطالب الشعب”.

جاء ذلك في كلمة ألقاها عقب إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية، أمس الأحد، حيث قال: “من واجبنا تلبية هذه المطالب لمواطنينا بالطرق التي تليق ببلادنا وأمتنا”.

مؤكدًا أن بلاده وفرت الإمكانية لعودة نحو 600 ألف لاجئ إلى “المناطق الآمنة” في سوريا حتى الآن، وأنهم سيضمنون عودة مليون سوري إضافي في غضون سنوات قليلة من خلال مشروع سكني جديد ننفذه مع قطر”.

تابعنا في فيسبوك


وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، قبل أيام، قد وضع حجر الأساس لمشروع مؤلف من خمسة آلاف مسكن بدعم من صندوق قطر للتنمية، يستوعب 50 ألف لاجئ من العائدين من تركيا طواعية، قرب بلدة الغندورة القريبة من مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي، والمخطط  إنجازه في غضون ثلاث سنوات.

وقال صويلو حينها: “سيستقر لاجئون سوريون يعيشون في تركيا في هذه المنازل في إطار العودة الطوعية، التي تحفظ كرامتهم. سيجرى بناء 240 ألف منزل في المنطقة. حتى الآن، كانت هناك 554 ألف عودة طوعية، وهناك طلب جدي على العودة إلى هذه المنطقة الآمنة”. 

تابعنا في تويتر

العودة تعيد التوازن الديمغرافي

بالمقابل يطالب المهجرون داخلياً واللاجئون في الخارج الذين جرت إعادتهم بطريقة تسوق على أنها “طوعية”، بإعادتهم إلى منازلهم الأصلية في بلداتهم وقراهم ومدنهم التي هجروا منها، بعد المجازر التي ارتكبتها قوات النظام والميليشيات الموالية لها، خاصة أن الشمال السوري الخاضع تحت إدارة المعارضة السورية يعاني تدهوراً معيشياً وأمنياً.

في حديثه لـ “رسالة بوست”، رأى المحامي عبد الناصر حوشان، أن العودة الطوعية مرتبطة بتأمين البيئة الآمنة من خلال تأمين الحماية من القصف و الجريمة، ويكون ذلك من خلال تفاهمات إقليمية و بناء مؤسسات الأمن والقضاء والاستقرار.

لافتًا، أن من عوامل الاستقرار “التمكين الاقتصادي وتأمين الحاجات الأساسيّة من غذاء ومأوى ومسكن ورعاية صحية وتعليم” والذي يكون عبر إنشاء مؤسسات ترعى و تنفِّذ الخطط والبرامج، فمتى توفّرت هذه الشروط تصبح العودة طوعية.

وحول الخطة التركية بإعادة مليون لاجئ سوري مقيم على أراضيها على الشمال السوري، اعتبر حوشان، أن “الخطة التركية تقوم على إعادة السكان الأصليين من أبناء المناطق المحررة، (أرياف حلب وإدلب والحسكة) وهذا يعيد التوزان الديموغرافي ما بين السكان الأصليين لهذه المناطق والمهجرين من المحافظات الأخرى الذين يعتبرون ضيوفًا في تلك المناطق ريثما ينظر في حل شامل لعودتهم أيضًا، إضافة لتشيكل أرضية لتنفيذ خطط اقتصادية لتنمية المنطقة بعيدًا عن شبهات التغيير الديموغرافي التي تثيرها المنظمات الكردية”.

اقرأ: الرابحون والخاسرون في الانتخابات التركية

عودة إلى الموت

قبل أسبوع أثار حديث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، سخطاً واسعاً في الأوساط السورية المعارضة، عندما أشار إلى أن مباحثات ستجري مع النظام لإعادة السوريين القادمين من مناطق سيطرته.

وجاء ذلك في حديثه لموقع “حرييت التركي، إذ تطرق خلاله الوزير إلى إرسال اللاجئين السوريين بأمان إلى مناطق سيطرة النظام، لافتًا أنّ شرط العودة إلى مناطق النظام نابع من أنّ اللاجئين يعودون بالفعل إلى المناطق الآمنة التي تسيطر عليها تركيا على الحدود، حيث عاد أكثر من 550 ألف سوري إلى تلك المناطق.

يقول الناشط السياسي، “عبد الكريم العمر”، إنه لا يوجد شيء اسمه عودة طوعية، فلا أحد يمكن أن يعود في ظل هكذا ظروف من تلقاء نفسه، إذا لم تفرض عليه فرضًا ولو سميت طوعية.

مضيفًا في حديثه لـ “رسالة بوست”، إن مهجري دمشق أو حمص أو درعا عندما يجبرون على العودة إلى مناطق الشمال السوري ومحافظات غير محافظاتهم فهذا تغيير ديمغرافي، لأن الناس تبحث عن العودة لمناطقها الأصلية التي هجّرت منها بفعل القصف والعمليات العسكرية، وهذا يتطلب حل سياسي شامل للقضية السورية، وليس حلاً جزئيًا قائمًا على تمويل دولة لبناء مساكن أو مدرسة.

وما زال السوريون المهجرون ينظرون إلى أن ظروف الحرب في سوريا ما زالت قائمة حتى لو كان هناك نوع ما من الهدوء في الشمال السوري، فالناس لا تنظر إلى تأمين مسكن فقط، بل إلى تأمين عمل مستمر واقتصاد مستقر، وهذا كله غير موجود في ظل تدهور الليرة وارتفاع الأسعار والوضع الأمني، فالمنطقة أساساً منطقة حرب منذ 12 عاماً.

يشير “العمر”، أن مواقف الأوربيين واضحة بخصوص العودة، فكل تصريحاتهم واحدة بأنه لا عودة للاجئين ولا إعمار في سوريا، إلا بموجب حل شامل للبلاد، فهذه أيضاً نظرة كل السوريين المهجرين في كل دول اللجوء.

وحث “العمر” على رفع الصوت عاليًا من المنظمات الحقوقية والجهات السياسية الفاعلة لمناشدة القوى الدولية والمجتمع الدولي، في أن العودة في ظل هذه الظروف وغياب الحل السياسي الشامل وبقاء الأسد هي عودة إلى الموت، خاصة بعد تصريح وزارة الخارجية التركية بأن العودة ستشمل مناطق النظام ومناطق الشمال السوري الآمنة.

كان ملف اللاجئين السوريين في تركيا قد شغل حيزًا مهماً في الحملات الانتخابية التركية لكل الأحزاب والمرشحين، واعتمد كل مرشح على تسويقه منذ الجولة الأولى وحتى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، إذ هدد المرشح كمال كليجدار أوغلو بإعادة السوريين إلى بلادهم فوراً، في حين كان الرئيس رجب طيب أردوغان يؤكد مشروع العودة الطوعية الكريمة، ويرفض فكرة طرد اللاجئين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى