مقالات

الرابحون والخاسرون في الانتخابات التركية

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب

انفض مولد الانتخابات التركية، وقد ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر.
هذه الانتخابات التي شغلت العالم بأسره، في الوقت الذي أجريت انتخابات في اليونان المجاورة لتركيا لم يسمع بها أحد.!!
وتأتى أهمية هذه الانتخابات لأنها تأتى بعد قرن من سقوط آخر خلافة إسلامية ، فهى ليست تبادل سلمي للسلطة ولكنها صراع بين مشروعين: تركي إسلامي وغربي علماني.


صراع بين من يريد تركيا الإسلامية وريثة العثمانيين والسلاجقة.. تركيا تعاليم الشيخ سعيد النورسي. تركيا شهيد الأذان عدنان مندريس.. تركيا نجم الدين أربكان.. تركيا المشروع الحضاري للنهوض بتركيا وبين من يرفضه من أمريكا والغرب شكلا وموضوعاً ويريد تركيا أتاتورك العلمانية التي تسير في ركاب الغرب بعيداً عن أي مظهر إسلامي دونما اعتبار للدين والقيم الإسلامية والموروث الإسلامي.. تركيا الإباحية والمثلية والخمور والفساد!! .
إنه صراع بين من يريد الحفاظ على دستور عسكري صاغته الأيدي الانقلابية الآثمة، وتمت صياغته بعيداً عن أعين الشعب وممثليه، وبين من يريد دستوراً مدنياً يواكب تطلعات تركيا لنهضة اقتصادية كبيرة وقوية، وتتم صياغته بطريقة شفافة أمام أعين الشعب وبمشاركة جميع ممثليه.

تابعنا في تويتر

صراع بين من يريد لتركيا أن تكون ذيلا ذليلاً لا يسعها إلا تنفيذ الإملاءات، وبين من يريد لتركيا أن تكون في مصاف الدول المتقدمة زراعياً وصناعياً واقتصادياً لتتبوأ المكانة اللائقة بها.
وقد تجلى ذلك واضحاً في اختتام الرئيس أردوغان لحملته الانتخابية بأداء صلاة المغرب في مسجد آيا صوفيا في الجولة الأولى للتأكيد على هوية تركيا الإسلامية وما تعنيه آيا صوفيا من رمزية تاريخية في نفوس الأتراك المحافظين ونفوس المسلمين جميعاً..
بينما اختار كمال كليتشدار أوغلو اختتام حملته بزيارة لقبر أتاتورك الذي قوض بناء الخلافة العثمانية، وما يمثله ذلك في نفوس المسلمين من ضياع لخلافتهم وانفراط عقدهم.


وبحسابات الربح والخسارة.. فهناك من ربح بترسيخه القيم الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل بحسب المصلحة مثل قيم نصرة المظلوم والدفاع عنه ومساعدته وتقديم الدعم والعون له مع مراعاة حقوق الإنسان وعلى رأسها حريته وحقه في العيش الكريم ، وليست كشعارات كاذبة كالتي يقدمها الغرب خداعاً.
ربح حزب العدالة والتنمية بإدارته انتخابات البرلمان ونزوله بعدد من الوزراء الناجحين والمميزين في عدد من المناطق مع بناء تحالفات محسوبة بدقة مع أحزاب ناشئة، اخترق بها جبهة منافسيه وأربك حساباتهم، وأفشل سعي المعارضة للفوز بأكبر عدد من أعضاء البرلمان لإعادة النظام البرلماني.
ربح الشعب التركي الذي لقَّن كل من أراد الإصطياد في الماء العكر درساً لن ينساه، وأن بوصلة الأتراك لن تنحرف لتعود للوراء حينما كانت البلاد ألعوبة بيد الغرب! .

تابعنا في فيسبوك

أما الخاسرون.. فقد خسرت العنصرية واللعب على وتر القومية العنصرية وطرد اللاجئين وتضخيم أعدادهم.
كما خسر أصحاب أوهام تغيير الهوية الإسلامية التركية وسحبها من محيطها الإسلامي وجرها للارتماء بأحضان الغرب وجنته الموعودة! .
خسر دعاة الحرب الأهلية بين الأتراك بوصفهم معركة الانتخابات بأنها معركة بين معسكر الخليفة الراشد علي ابن أبي طالب ومعسكر خليفة المسلمين معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنهما كما ذكرت “ميرال أكشنار” أحد أعضاء المائدة السداسية من قبل.

اقرأ: انتصار بطعم تاريخي

فهذا يعني دعوة صريحة للفتنة الطائفية، بمعنى الحرب الأهلية على أساس طائفي بين الأتراك لا قدر الله.
خسر دعاة الشذوذ الجنسي والداعمين له الرافعين لأعلام المثلية ومستنقع الرذيلة ونشر التحلل الخلقي وهدم قيم الدين.
خسر الإعلام الغربي غير الموضوعي وغير المهني المنحاز ضد الرئيس التركي من خلال تبني الصحف والمجلات الغربية خطاباً يدعو لرحيل الرئيس أردوغان ووسمه بالدكتاتورية ووصفه بصفات لا تليق أو رسومات مسيئة بزعم حرية التعبير.


خسر الغرب الذي يسعى بكل قوته لمنع تركيا من استعادة أمجاد الدولة التركية العريقة وحضور نسختها الجديدة دفاعاً عن دورها ومصالحها الحيوية في المنطقة والعالم.
وفي الختام فإننا نشكر الله عز وجل على عظيم نعمه، وندعوه سبحانه أن يوفق الرئيس الإنسان رجب طيب أردوغان لخدمة وطنه ورفاهية شعبه ، وأن يوفقه كذلك لخدمة قضايا الأمة الإسلامية جمعاء.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى