فنجان سياسي

إنها “ثوابت” وليست “أثواب”


فراس العبيد/
رغم أنّ الوقائع واﻷحداث السياسية تنسجم مع تطلعات النظام النصيري في سوريا، إﻻ أنّ المؤشرات الحقيقية للانتصار لم تعد تقرأ على النحو السابق، على القل بالنسبة لمن فهم وأدرك “حقيقة الصراع” في المنطقة.
وصحيح أن ما يسمى بـ”مجلس جامعة الدول العربية” اتخذ على المستوى الوزاري برئاسة مصر في دورته غير العادية يوم 7 أيار/ مايو 2023، القرار 8914 القاضي باستئناف مشاركة وفود النظام النصيري في اجتماعات الجامعة، ثم عاد مجلس الجامعة على مستوى القمّة في دورتها 32 في 19 من الشهر ذاته، المنعقدة في جدة وأصدر القرار بصيغة معدلة، إﻻ أننا في خضم “حالة الفزع المعنوي” الذي أصاب الكثير من المحللين ومراكز الدراسات التي اتخذت أساسًا طابعًا معارضًا للنظام أغلفت ولم تركز على أهم قضية في “حقيقة الصراع”.
إنّ مما ﻻ شك فيه أن “النظام الدولي” الصهيو_صليبي، أراد صراحةً تغييرات بسيطة في سياسات “النظام النصيري”، وقلب المعادلة، أو بدقةٍ أكثر، اﻻنتقال من “الحضن الروسي” إلى “الفراش الغربي”، لكن تمت مواجهته بثبات النصيرية على مبادئها، على عكس الكثير من القيادات المحسوبة على “المعارضة”.
وسواء رضينا أم لم نرض، فإن المعارضة فهمت القضية أنها “أثواب” وليست “ثوابت” ما جعلنا نرى البعض يخلع واحدًا ويرتدي آخر.
وفي تحليل لمركز “جسور للدراسات” تسوق فيه فروقات واضحة بين القرارين اللذان تم اتخاذهما لعودة النصيرية إلى “زريبة العرب” بين حذف وإضافة؛ وتقول الدراسة؛ ” ويُلاحظ أنّ كلّاً من الإضافات الجديدة والعبارات المحذوفة تنسجم تماماً مع خطاب النظام وإيران، لا سيما ما يخصّ خروج القوات الأجنبية غير المشروعة، وبالتالي استثناء الوجود العسكري الإيراني والروسي، وتجاوز خطر الميليشيات الذي تعتبره دول عربية عديدة منها الأردن تهديداً لأمنها القومي.
وبموجب قرار الجامعة العربية على مستوى القمة لم يعد النظام ملزماً بالتعاون مع الدول العربية أو تنفيذ أي خطة عمل من شأنها بلورة دور عربي للحل، وهو المطلب الذي دعت إليه مخرجات بياني عمان وجدة التشاوريين.
بذلك، استجابت الجامعة العربية لرؤية حلفاء النظام، لا سيما إيران، تجاه طبيعة الدور العربي المرتقب في سورية، وقد تكون هذه الاستجابة نتيجة ضغوط أو مساومات إقليمية على خلفية الاتفاق بين طهران والرياض. لكنّها تمنح النظام مكاسب دون ما يضمن تقديمه أي خطوة تخدم مصالح ومخاوف الدول العربية، ولا حتى الحل السياسي في البلاد”.
وختمت الدراسة؛ “أخيراً، قد يكون قد يكون نهج الخطوة مقابل خطوة، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254 والمحصور ضمن أهداف مكافحة المخدرات وإعادة اللاجئين، هو أبرز ما بقي يجمع بين قراري الجامعة العربية، لكنّ النظام اشترط بوضوح أولاً تحسين الأوضاع الاقتصادية ومحاربة الإرهاب، عدا أنّه يعتبر نفسه ملتزماً بالقرار 2254 عبر الانتخابات الرئاسية التي أجراها عام 2021، إضافة لكونه يريد دفع الدور العربي لإحياء دستور عام 2012 عبر اختزال عمل اللجنة الدستورية في سياق تحقيق المصالحة الوطنية”.
أعود ﻷقول؛ ما تغفله اﻷقلام، الصراع في سوريا، رغم ما يحمله من أبعاد سياسية واقتصادية، إﻻ أنه في جوهره ذا “طابع ديني” لمكانة الشام في اﻷمة اﻹسلامية ودورها الأكيد في “إقامة خلافة راشدة على منهاج النبوة”، فهي أرض “الملحمة الكبرى” وغيرها من بشريات رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومتى فهمنا هذه الحقيقة تشكلت لدينا صورة للمشهد على مسرحها لاحقاً، وما أصابها ليس إﻻ “للخذﻻن الداخلي” من أبنائها أنفسهم، في مرحلة الغربلة التي تمر بها أو ما يمكن صفه مرحلة “التهيئة واﻹعداد” لتأخذ ويأخذ أبناؤها دورهم.
باختصار؛ الربح الرخيص الذي كسبه النصيريون وعلى رأسهم بشار اﻷسد، ﻻ يمنع القول بل يؤكده، بأن “الجامعة العربية لم تتخذ يومًا موقفًا مشرفًا، بإجماع شعبي بل كانت أدة مسخرة واستهزاء وتندر” وإﻻ فمن ابتغى العزة فليس مكانها الصافي ضمن تلك “الزريبة” وما حدث بفضل الله مجرد “كشف عورة تلك الجامعة”.
وأختم حت ﻻ أطيل يا سادة بالتالي: وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت: يا نبي الله! ما كان أوّل بدء أمرك؟ قال: “دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أُمّي أنه يخرج منها نور أضاءت منها قصور الشام” صححه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة (1545).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/444): “وتخصيص الشام بظهور نوره: إشارة إلى استقرار دينه، ونبوته ببلاد الشام.. ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم” انتهى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى