فنجان سياسي

سوريا بين متلازمة أزمات اﻷسد والثوم والبصل


فراس العبيد/
ارتفع سعر كيلو الثوم في أسواق ريف دمشق الغربي وتراوح ما بين 8000 ل.س إلى 10 آلاف ل.س، وسط توقعات بأن تتجاوز الأسعار كافة التوقعات والتطمينات الرسمية، على خلفية قرار حكومة النظام السماح بتصدير كمية 5000 طن.
ورغم الجدل الحاصل حول ملف تصدير المادة، والخشية من تكرار سيناريو البصل، تتكشف “ارتجالية” الفريق اﻻقتصادي، التابع للنظام، في إدارة الموارد الرئيسة في البلاد.
وإذا ما تابعنا كلام الصحف بداية من “تشرين” الرسمية مروراً بالمواقع المحلية شبه الرسمية، فإن هناك إجماعًا على أن “جسر الثقة بين المواطن وحكومة اﻷسد معدومة”.
وإذا ما عدنا إلى الوراء قليلاً، مستذكرين ذات القرار المتعلق بتصدير البصل، فالحاصل يومها، فقدان المادة من السوق، رافقه ارتفاع سعر ما ندر منه، تبعه استيراد نوع سيء من “مصر”، على أمل الحفاظ على “ماء الوجه”، ويبدو أن البلاد تسير مع كل موسم زراعي بذات اﻻتجاه… لكن لماذا؟
اﻹجابة ليست عند “جهينة”…!
بل هي معلنة رسمياً، فالهدف رفد الخزينة بالقطع اﻷجنبي على حساب معيشة الناس، بالتالي؛ الرصاصة وسعر الصرف، مضافاً إليهم “سياسات ممنهجة من نظام اﻷسد” كافية لقتل السوريين إن لم يكن حقيقة فبشكل معنوي.
ونرجع إلى ملف الثوم وربما بعده البطاطا، حيث تعالت أصوات المواطنين إثر الارتفاع الكبير لأسعار الثوم، خاصة أن العائلات لم تحصل على مؤونتها بعد من المادة، باعتبار أن أكثر المطروح في الأسواق منها خلال الفترة الماضية كان أخضر غير جافٍ لا يناسب سوى الاستهلاك الآني فقط، فيما أغلبية الأسر عادةً تنتظر حتى تُطرح المادة جافةً وتصبح مناسب للمؤونة. وفق تقرير لصحيفة “تشرين” الرسمية الموالية.
ويذكر أن مادة الثوم كانت تباع بـ 2000 ليرة للكيلو، ثم ارتفع السعر يوم الاثنين الماضي إلى 5000 ليرة، والثلاثاء إلى 6000 وليسجل يوم أمس 8000 ليرة، ثم يطرق عتبة 10 آلاف ل.س اليوم، متزامنًا مع انخفاض بالكميات المطروحة بالأسواق. باعتراف صحيفة الوطن الموالية.
وكشفت “تشرين” أنه لوحظ شح في مادة الثوم في أسواق خضار المفرق بمدينة درعا، التي تعتبر المصدر الرئيس اليوم للمادة مع ريف دمشق، وأرجعت ذلك إلى قلة المطروح في أسواق الهال، وارتفاع السعر،
وتوقعت صحيفة “الوطن” أنه في حال استمر سعر المادة بالتحليق سيصبح الثوم حلمًا صعب المنال، كحال البصل والبازلاء وورق العنب والبامياء وبالتالي؛ العزوف عن تأمينها لارتفاع أسعارها وعدم القدرة على شرائها بسبب ضعف القدرة الشرائية عند غالبية السوريين.
بالمحصلة؛ ليست المشكلة في القرارات اﻻرتجالية، بل في معادلة بقاء “نظام الثوم والبصل”، والسكوت عنه، بدل مواصلة “حربه”.
وبعيداً عن منطق اﻻقتصاد فالمعادلة كالتالي، الدماء والشهداء (وهي الخير أي الثورة والجهاد)، أو بقاء النظام النصيري (الذي هو أدنى)، بالتالي؛ مزيد من حياة القهر والعبودية التي عنوانها “إشغال الناس بالبطون الخاوية والبصل” على حساب “إقامة دولة اﻹسلام العادلة، وتحكيم شرع الله.
بالمختصر؛ إعادة الحسابات والتوجه إلى البندقية مجدداً وإﻻ فإننا أمام إعادة لمأساة الثمانينات.
قال تعالى: ((أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير))، في حق بني إسرائيل، والخيل معقودٌ في نواصيها الخير، والمعنى: أتأخذون الذي هو أدنى، وتتركون الذي هو خير؟! فالباء تلحق المتروك، وإذا لم يعرف الكاتب أو القارئ هذه القاعدة، فإن المعنى ينقلب. والاستفهام في الآية يُقصد به الإنكار عليهم والتعجب منهم، أي هو استفهام إنكاري.
بالتالي؛ الشارع السوري اليوم، أمام تفاضل اﻷشياء، وهذا بابٌ فتحه علم اﻻقتصاد، وضرورات المعيشة، والتاريخ. قال الطبري 1/312: “أتأخذون الذي هو أخسّ خطرًا (الخطر هنا بمعنى القيمة، وليس بمعنى المخاطرة) وقيمة وقدرًا من العيش، بدلاً من الذي هو خير منه خطرًا وقيمة وقدرًا؟! (…). ولا شك أن من استبدل بالمنّ والسلوى: البقل والقثاء والفوم(الثوم) والعدس والبصل، فقد استبدل الوضيع من العيش بالرفيع منه”.
فالجهاد والثورة على ما فيها من دماء؛ فإن في تبعاتها رغد العيش يقيناً، وكما يقول الزجاج فإن “تفاضل اﻷشياء بالقيم”.. والمحظوظ السعيد من فقه وعمل بمقتضى اﻵية والدلالة.
والله غالب على أمره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى