مختارات

كيف تنعكس تحركات فرنسا على الملف الحقوقي في سوريا؟

تشهد الساحة الحقوقية السورية نشاطًا متلاحقًا خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع التطورات السياسية في الملف السوري.
هذه التطورات، شملت نقطتين رئيسيتين تتعلقان بفرنسا تحديدًا، الأولى كانت إعلان محكمة النقض الفرنسية في 12 من أيار الحالي، عن إدراج قضيتين خاصتين بسوريا، تحت “الولاية القضائية العالمية”.
أما النقطة الثانية فتتعلق بتصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، وتأييدها لمحاكمة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وذلك ضمن لقاء تلفزيوني مع قناة “France2″، أمس الثلاثاء 23 من أيار.
تصريحات ترفض التطبيع
وتأتي تصريحات كولونا في ظلّ تنفيذ قرار الجامعة العربية بإعادة الأسد لشغل مقعد سوريا لديها، وتغير في لهجة الدول الغربية تجاه التطبيع مع الأسد.
كولونا قالت في تصريحاتها، إنه لا يوجد سبب لرفع العقوبات عن النظام السوري وتغيير موقف فرنسا منه، طالما أن الأخير لا يلتزم بمكافحة الإرهاب والمخدرات وتغيير سلوكه.
كما وصفت الأسد بـ”عدو شعبه لأكثر من عشر سنوات”، معتبرةً أن محاربة الجرائم والوقوف ضد الإفلات من العقوبات، إحدى قيم الديمقراطية الفرنسية.

تابعنا في تويتر


تطرق كولونا لأمر محاكمة الأسد، ونقطة “الولاية القضائية العالمية”، قد تشكلان مدخلًا جديدًا للمنظمات السورية الحقوقية في أوروبا لمزيد من التحرك.
ويرى المحامي المختص بالقانون الجنائي، معتصم الكيلاني، المقيم في فرنسا، أن تصريحات كولونا تعبر عن الموقف الأوروبي بالكامل.
وأشار الكيلاني في حديثه لعنب بلدي، إلى أن أهمية التصريحات تأتي عبر نقطتين، تتعلق الأولى برفض التطبيع شكلًا ومضمونًا.
أما الثانية فتتعلق بالتأكيد على ضرورة مكافحة الإفلات من العقاب وملاحقة مرتكبي الجرائم، وهو ما يعطي نتائج أسرع.
وتأتي التصريحات بعد يومين من تغريدات للمبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، حول التطبيع بين الاتحاد الأوروبي والنظام السوري.
وقال شنيك في تغريدات عبر “تويتر”، في 22 من أيار، إن غياب المحاسبة على جرائم الحرب، وعدم التعاون للكشف عن مصير المفقودين، واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان، كالاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل، أسباب تمنع عملية التطبيع.
وربط الكيلاني التصريحات الفرنسية الأخيرة، بالتصريحات الألمانية، وتحديدًا فيما يتعلق بتطبيق القرار الأممي “2254”.


وسبق أن اعتبرت السفيرة الأمريكية للعدالة الجنائية العالمية، بيث فان شاك، في حديث مع صحيفة “العربي الجديد” في نيسان الماضي، أن التطبيع مع النظام السوري يجب ألا يكون هدية مجانية، بل فرصة لانتزاع بعض التنازلات الإنسانية وغيرها، كالإفراج عن المعتقلين والمغيبين قسرًا.
كيف تنعكس التصريحات على الملف الحقوقي؟
يُعدّ ملفا المعتقلين ومحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أهم ملفين تعمل عليهما المنظمات الحقوقية والناشطون السوريون في دول الاتحاد الأوروبي.

تابعنا في فيسبوك


وقد تنعكس التحركات والتصريحات الفرنسية الأخيرة على هذين الملفين بشكل إيجابي، عبر توسيع هامش التحركات في الوقت الحالي، خاصةً مع المساعي التي تبذلها عدة جهات في هذا الاتجاه.
ويرى الكيلاني، أن الموقف الفرنسي موقف “ضامن” وهام جدًا باعتباره يتحدث أيضًا باسم الاتحاد الأوروبي في هذا الملف.
القرار الفرنسي جاء بعد يوم واحد من إرسال تسع منظمات فرنسية حقوقية غير حكومية، رسالة إلى البرلمان الفرنسي، تطالبه بتوسيع “مبدأ الولاية القضائية”، في القانون الجنائي الفرنسي.
وتهدف هذه المطالبة بالتوسعة، إلى منح مزيد من الهوامش لملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا.
وقالت المتحدثة باسم “التحالف الفرنسي من أجل المحكمة الجنائية الدولية”، بريجيت جوليفي، في تصريحات نقلتها “منظمة حقوق الإنسان“، في 12 من أيار الحالي، إن قرار المحكمة الفرنسية الأخير سيكون له تأثير على عشرات الشكاوى والتحقيقات المتعلقة بجرائم دولية ارتكبت لي فقط في سوريا بل وفي بلدان أخرى.
ووفق “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، يوجد 135 ألفًا و235 معتقلًا في سجون النظام السوري، من أصل 154 ألفًا و817 معتقلًا لدى مختلف أطراف الصراع.
فيما تبلغ حصيلة الاختفاء القسري في سوريا 111 ألفًا و907 أشخاص، منهم 95 ألفًا و696 شخصًا لدى النظام السوري، بما يمثّل 85.51% من أعداد المختفين قسرًا، وفق “الشبكة” نفسها.
وسبق للناشطة السورية والشريكة المؤسسة في تحالف “أنقذوا معتقلي سوريا” وفا مصطفى، أن قالت لعنب بلدي في لقاء خاص في 14 من أيار، إنه من الضروري استمرار التواصل مع الحكومات الأوروبية والأمريكية للضغط عليها في ملف المعتقلين السوريين لدى النظام السوري.
المصدر: مجلة عنب بلدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى