باسل المحمد- مدير الاخبار
يُصادف اليوم الخميس الذكرى السنوية الحادية عشرة لمجزرة الحولة بريف حمص، والتي ارتكبتها ميليشيات اﻷسد ومجموعة من المسلحين الموالين له، في عام 2012، وراح ضحيتها أكثر من 100 مدني معظمهم من النساء والأطفال.
القصة بدأت عندما انتفضت بلدات وقرى ريف حمص الشمالي كما مدينتها منذ بداية الثورة السورية للمطالبة بإسقاط نظام الأسد، إلا أن رقاب أطفال بلدة تلدو ونسائها في سهل الحولة كانت في الخامس والعشرين من عام 2012، على موعد مع سكاكين الحقد الطائفي الذي ضخه الأسد في قلوب شبيحته. ليُدفن في اليوم التالي وأمام أعين المراقبين الدوليين 117 شخصاً في مقبرة جماعية، بينهم 50 طفلاً دون العاشرة من العمر، و32 امرأة.
بدأت المجزرة عندما قام النظام بقصف عشوائي على منطقة الحولة وتحديداً مدينة تلدو، التي هي مدخل الحولة من الجهة الغربية والمحاطة بقرى موالية للنظام آنذاك.
وكانت مجموعة مسلحة قد اقتحمت قرية تلدو بناحية الحولة، شمال غربي حمص بنحو 20 كيلومتراً، في الخامس والعشرين من شهر أيار/ مايو، وارتكبت عمليات قتل جماعي وعشوائي بحق السكان، بسبب مشاركتهم في الثورة السورية، حيث تم إعدام 108 أشخاص، ذبحاً بالسكاكين ورمياً بالرصاص.
من جهتها طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حينها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، كوفي عنان، بالضغط على سلطة اﻷسد كي تسمح لبعثة تقصي الحقائق الأممية بدخول سوريا للتحقيق في الحادثة، لكنها رفضت ذلك، كما دعت المنظمة مجلس الأمن لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ووصفت المنظمة في تقرير لها وثّق مجريات المجزرة عام 2012، بأنها “عمليات قتل جماعي” و”مأساة وحشية”، مؤكدةً أن “قوات الأسد قصفت المنطقة في ذلك اليوم وهاجم رجال مسلحون يرتدون ثياباً عسكرية البيوت الواقعة على مشارف البلدة وأعدموا عائلات كاملة”.

من جانبها قالت “الشبكة السورية لحقوق اﻹنسان” في تقرير نشرته اليوم الخميس، إنها المجزرة الأكثر وحشية منذ دخول المراقبين الدوليين إلى سوريا، حيث بدأت بقصف عشوائي طال قرى وسهول الحولة، تركز على مدينة تلدو بشكل كبير؛ وهي مدخل الحولة من الجهة الغربية والمحاطة بقرى موالية للأسد، وقد خلّف القصف الذي استمر 14 ساعة 11 ضحيةً وعشرات الجرحى.
وبعد القصف اقتحم عناصر قوات سلطة اﻷسد من الجيش والأمن والميليشيات المحلية والشيعية الأجنبية، مدعومة بعناصر من “الشبيحة” من قرى “فلة” و “القبو” عدداً كبيراً من المنازل الواقعة على أطراف “تلدو”. وقام عناصر “الشبيحة” وقوات سلطة اﻷسد باقتحامات وإعدامات ميدانية لكل من وجدوه ساكناً على أطراف المدينة، حيث تم تكبيل أيدي الأطفال وتجميع النساء والرجال ومن ثم الذبح بحراب البنادق والسكاكين ورميهم بالرصاص بعد ذبحهم؛ وكان من بين الضحايا 49 طفلاً دون العاشرة من العمر، و32 امرأة، وما تزال هناك جثث لم تتمكن الشبكة من الوصول إليها وتوثيقها.

ويؤكد التقرير أن الواقعة ذات الصبغة الطائفية كانت بمثابة تطهير طائفي، في المنطقة التي تضم مناطق موالية لسلطة اﻷسد ومصدراً لعناصر ميليشياته.
وقد تسبب المجزرة في حدوث صدمة على المستوى الدولي، فقد أدانت الدول15 لمجلس الأمن الدولي بالإجماع النظام السوري لإطلاقها النار من أسلحة ثقيلة على المدنيين، وقامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأحد عشر دولة أخرى بطرد السفراء والدبلوماسيين السوريين من أراضيهم.
كما صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأغلبية 41 صوتًا مقابل 6 أصوات لإدانة النظام السوري، وحملها مسؤولية المجزرة، ودعا إلى إجراء تحقيق جنائي دولي في الأحداث.

من جانبها وفي 27 من أيار 2012، نفى المتحدث السابق باسم وزارة خارجية الأسد، جهاد مقدسي، مسؤولية قوات النظام عن عمليات القتل، معلنًا في مؤتمر صحفي، أن حكومة النظام شكّلت لجنة قضائية عسكرية لكي تحقق في الواقعة، لكن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”، سارة ليا ويتسن، شكّكت بتلك التصريحات، موضحة أنه “لا يمكن أن تحقق لجنة من الجيش السوري بمصداقية في هذه الجريمة المروعة، بينما توجد أدلة كثيرة على أن قوات موالية للحكومة هي التي نفذتها”.
كما توقعت، في تصريحها عام 2012، “استمرار الأعمال الوحشية في سوريا إذا كان المسلحون قادرين على ارتكاب الجرائم ثم الإفلات من العقاب”، واستمرار روسيا بحماية ودعم حكومة النظام السوري.
وطلبت ويتسن آنذاك من مجلس الأمن الدولي إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمة النظام على أعماله بحق الشعب السوري.
واليوم يحيي السوريون الذكرى الحادية عشرة للمجزرة على وقع طبول التطبيع العربي، واستقبال بشار المجرم بالأحضان العربية أثناء قمة جدة الأخيرة، ودعوة دويلة الإمارات له لحضور قمة المناخ في أبوظبي في تشرين الأول القادم، وهنا لا نبالغ إذا قلنا أن هذه المشاهد، وجلوس المجرم في جامعة الدول العربية وإعطائه للحكم والمواعظ على طريقته الفلسفية المقرفة، هذه الصور والمشاهد كانت أشد ألماً على السوريين من السكاكين التي ذبحتهم وقطعت أوصال أطفالهم في مجزرة الحولة، وكما أن تلك السكاكين لم توقفنا ولم تمنعنا من المضي في طريق حريتنا، كذلك فإن خناجر الغدر وسيوف الخيانة العربية لن تقف حاجزاً أمام بلوغ حريتنا وكرامتنا التي ضحينا وبذلنا لأجلها أغلى ما نملك.
تعليق واحد
تعقيبات: د. جمال نصار – حسابات جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية في تركيا – رسالة بوست