منوعات

سلسلة شيوخ الأزهر 3- فضيلة الشيخ محمد النشرتي

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


تولى مشيخة الأزهر عام (1106هـ -1695م) بعد وفاة الشيخ البرماوي. توفي بعد ظهر الأحد 28 ذى الحجة عام1120هـ -1709م
اسمه ونسبه:
هو الإمام الشيخ ناصر الدين محمد النشرتي المالكي, أحد علماء الأزهر الشريف, ومن أبرز أعلام المذهب المالكى. (معجم المؤلفين 12/ 76)
والنَّشَرْتي: بفتح النون، وبالمعجمة، وإسكان المهملة، ثم فوقانية، كذا ضبطها البقاعي في «معجمه» في ترجمة عبد الله بن عبد اللطيف السلمي المحلي. (ذيل لب اللباب في تحرير الأنساب ص228)
مولده :
ولد الشيخ محمد النشرتى فى بلدة “نشرت” وهى تابعة لمركز قِلِّين بمحافظة كفر الشيخ، وكانت تسمى تلك البلدة بمديرية الفؤادية.

تابعنا في فيسبوك


طلبه للعلم وشيوخه:
انتقل الشيخ النشرتي من بلدته إلى القاهرة في صباه كي يلتحق بالأزهر الشريف، ويتلقى تعليمه على أيدي كبار شيوخ الأزهر الأجلاء.
وقد اجتهد الشيخ في تحصيله للعلم, وتفوق على زملائه وأقرانه، وأصبحت له مكانة مرموقة وعالية, حيث بلغ في التدريس مكانة عظيمة, جعلت طلاب العلم يتوافدون عليه وعلى مجلسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي .
ولايته لمشيخة الأزهر:
وقد ظل الشيخ النشرتى يتصدر حلقات الدرس في الأزهر حتى اختير لرئاسة مشيخته عام (1106هـ -1695م) وكان ذلك بعد وفاة الشيخ إبراهيم البرماوي. وقد أجمع المؤرخون على أن الشيخ محمد النشرتى زعيم علماء المالكية في عصره، وأنه بعد توليه لمنصب المشيخة وقيامه بمهامها حرص على أن يبقى مدرساً وألا تنفض حلقاته الدراسية .
أما بالنسبة لرسالته التربوية فلم تبعده أعماله الإدارية كشيخ للأزهر عنها لأنه كرس لها كل وقته, وعبأ لها نفسه, وأعطاها كل جهده ,لأنه كان مؤمنا بأن العلم عبادة .
وكان النشرتى بإجماع العلماء في عصره موهبة في الشرح والتوضيح والإبانة، وذلك كان سبباً في جذب طلاب العلم إليه وحضور حلقات دروسه من جميع أنحاء العالم الإسلامي .
وظل الشيخ “النشرتى” شيخا للأزهر الشريف لمدة أربعة عشرعاماً وعلى الرغم من ذلك إلا أنها لم تؤثر على حلقات علمه.


تلاميذه:
ظل النشرتي وافياً لرسالته, مخلصا في أداء مهمته, لكنه اكتفى بتدريس الكتب المعروفة في عصره, خاصة التى كانت في المذهب المالكى، حيث تتلمذ على يديه الإمام أبو العباس أحمد بن عمر الديربي الشافعي الأزهري, صاحب المؤلفات الشهيرة، والإمام الشيخ الصالح عبد الحي زين العابدين.، والإمام الفقيه الشيخ أحمد بن الحسن الكريمي الخالدي الشافعي الشهير بـ”الجوهرى”.
وفاته:
توفي الشيخ النشرتي بعد ظهر الأحد في الثامن والعشرين من شهر ذى الحجة سنة عشرين ومائة وألف (1120هـ -1709م) (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 124، 1/ 295، معجم المؤلفين 12/ 76)
وأخرت جنازته إلى صباح يوم الإثنين , وصلى عليه بالأزهر الشريف وقد حضر جنازته الأعيان والأمراء والعامة. وكان يوما مشهوداً, ومشهداً حافلاً، وهذا يدل على منزلته العظيمة, فقد عرف الشيخ النشرتى بالصلاح وحسن السيرة ومكانته السامية والعالية إلى جانب شهرته العظيمة . (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 124)
ما حدث بعد موت الشيخ النشرتي:
من أبرز المواقف التى يتضح فيها حب تلاميذ الشيخ النشرتي لشيخهم، موقفهم حينما أصروا بعد وفاته أن يتولى الشيخ عبد الباقى القليني المشيخة من بعده, فى الوقت الذى أصرت فيه مجموعة أخرى على أن يتولى الشيخ النفراوي.
فقد وقع بعد موت الشيخ النشرتي فتنة بالجامع الأزهر بسبب المشيخة والتدريس بالاقبغاوية وافترق المجاورون فرقتين، فرقة تريد الشيخ أحمد النفراوي والاخرى تريد الشيخ عبد الباقي القليني، ولم يكن حاضراً بمصر فتعصب له جماعة النشرتي وأرسلوا يستعجلونه للحضور، فقبل حضوره تصدر الشيخ أحمد النفراوي وحضر للتدريس بالاقبغاوية فمنعه القاطنون بها، وحضر القليني فانضم إليه جماعة النشرتي وطلابه، وتعصبوا له فحضر جماعة النفراوي إلى الجامع ليلاً ومعهم بنادق وأسلحة وضربوا بالبنادق في الجامع، وأخرجوا جماعة القليني، وكسروا باب الاقبغاوية، وأجلسوا النفراوي مكان النشرتي. فاجتمعت جماعة القليني في يومها بعد العصر، وكبسوا الجامع، وقفلوا أبوابه، وتضاربوا مع جماعة النفراوي فقتلوا منهم نحو العشرة أنفار، وانجرح بينهم جرحى كثيرة وانتُهِبَت الخزائن، وتكسرت القناديل. وحضر الوالي فأخرج القتلى، وتفرق المجاورون ولم يبق بالجامع أحد. ولم يصل فيه ذلك اليوم؛ وفي ثاني يوم طلع الشيخ أحمد النفراوي إلى الديوان ومعه حجة الكشف على المقتولين فلم يلتفت الباشا إلى دعواه لعلمه بتعديه، وأمره بلزوم بيته، وأمر بنفي الشيخ محمد شنن إلى بلده الجدية وقبضوا على من كان بصحبته وحبسوهم في العرقانة، وكانوا اثني عشر رجلاً. واستقر القليني في المشيخة والتدريس. (تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار 1/ 295)

تابعنا في تويتر


مؤلفاته:
كان الشيخ النشرتي ينادى بحكمة “تأليف الرجال وإعداد الجيل, لا بتأليف الكتب ووضع المصنفات .
وبهذه الحكمة استطاع الشيخ النشرتى أن يربي جيلاً من الزعماء الذين حملوا لواء المعرفة من بعده, وأدوا الأمانة خير أداء, ورفعوا شأن العلم, وكانوا الدرع الواقي في كثير من الميادين .
أثر بحكمته هذه وبموهبته في تلاميذه بدرجة كبيرة، فقد ظهرت واتضحت بعد وفاته, في تماسكهم واتحادهم, وفرض آرائهم على ولاة الأمر, وكان ذلك لصالح الدين والأمة.
لذلك لم يترك لنا من المؤلفات إلا القليل منها:
الانوار الواضحة في السلام والمصافحة. (معجم المؤلفين 12/ 76، خزانة التراث – فهرس مخطوطات)
التلخيص الجليل في حل الفاظ خطبة الشيخ خليل في الفقه المالكي ويسمى أيضاً التلخيص المنير (خزانة التراث – فهرس مخطوطات)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى