من “نظرية المؤامرة” إلى “نظرية اﻷحضان” في فلسفة اﻷسد

فراس العبيد/
قليلاً ما كنت أجلس خلف الشاشة ﻻستمع إلى نظريات “بشار اﻷسد” خاصة، وباقي أصحاب الفخامة والجلالة، في اجتماعات القمم العربية، والتي كنت أعتبرها تسكعًا فظًا لأخذ صورةٍ تذكارية.
ولم يختلف اﻷمر هذا الموسم، بل لم يشدني عودة “اﻷسد” إلى “زريبة العرب” رغم إقصائه 12 عاماً عن جامعة الدول العربية.
وكما تذكرون أيها السادة أمدكم الله بالهناء والسعادة، أنّ الخطابات على أهميتها آنذاك، ومع حضور “معمر القذافي” الرئيس الليبي المخلوع، وإغفاءة البقية خلف “الطاولات، كانت متراكمة بالمصطلحات الفلسفية، واﻹفيهات المصرية، التي أقل ما يقال عنها أنها “عصية على الفهم”، وهي من باب الـ”سرديات السياسية” التي تستعصي على “التحليل المعرفي”.
ما يهم في عجالة أن اﻷسد يا سادة، لم يتحفنا بـ”تفاصيل نظرية المؤامرة الكونية”، لكنه بالمقابل قدم تواشيح وأنغامٍ بإيقاعٍ “فارسي” حمل رسائل واضحة، وأخرى مبهمة.
فأمّا المبهمة وبها ابدأ؛ فهي العبارة التي يقول فيها؛ “هي فرصة لترسيخ ثقافتنا في مواجهة الذوبان القادم الليبرالية الحديثة التي تستهدف الانتماءات الفطرية للإنسان وتجرّده من أخلاقه وهويته”.
وأسوقها لعل هناك من يسعفنا في فك الرموز وخاصة “اﻻنتماءات الفطرية للإنسان”، التي ما وجدتها لا في معجم السياسة وﻻ اللغة أو غيرها.
ثم يعرج إلى نظرية أخرى، ويتحدث مدافعاً عن “الهوية العربية”، بقوله؛ “ولتعريف هويتنا العربية ببعدها الحضاري، وهي تتهم زوراً بالعرقية والشوفينية بهدف جعلها في حالة صراع مع المكوّنات الطبيعية القومية والعرقية والدينية، فتموت وتموت معها مجتمعاتنا بصراعها مع ذاتها لا مع غيرها”.
ورجعت في ذاكرتي إلى إذكائه الصراع، ومن قبله والده المقبور “حافظ اﻷسد”، وعلى مدار 5 عقود اتسمت بمحاربة المكون الكردي في الشمال السوري.
وأرجع إلى رسالته الواضحة، والتي يستحق عليها حق “التأليف” و”التدوين”، يقول؛ “أما سورية فماضيها وحاضرها ومستقبلها هو العروبة… لكنّها عروبة الانتماء لا عروبة الأحضان… فالأحضان عابرة أم الانتماء فدائم… وربما ينتقل الإنسان من حضن إلى آخر لسبب ما… لكنّه لا يغير انتماءه، أما من يغيره فهو من دون انتماء من الأساس، ومن يقع في القلب لا يقبع في حضن… وسورية قلب العروبة وفي قلبها”…!!
تذكرنا تلك النظرية الجديدة برؤية “العاهرة” للأحضان، فهي تنقل من حضنٍ إلى حضن، وتطربنا بأنّ “ما الحبّ إلا للحبيب اﻷولِ”، وعلى العموم فإنّ صاحبنا “العابر للأحضان“، يقول؛ “سوريا انتماؤها عربي لكن هذا لا يخلّ بالارتماء في “الحضن الفارسي“، والنوم على سريره، فعلى مذهب أسياده الروافض “مضاجعة المتعة أحل الحلال“، وسبق أن اتحفنا في خطابه قبل اﻻنتصار أن “البلاد لمن دافع عنها”.
حقيقة اﻷسد انتصر ودخل “الزريبة” وزمجر أمام الحيوانات الحاضرة وعذرًا على اللفظ حتى لا استخدم التوصيف الشرعي فنحظر أو … قال سيادته بالفم الممتلئ؛ “إنّ أيّ مطالبة بإبعاده عن الفراش الإيراني مسألة غير واردة، رغم أنها قابل للمضاجعة في غيره“.
والله غالب على أمره