مقالات

قمة التطبيع أم الترقيع.. هل حررت الأسد من عزلته؟

الكاتب: أحمد العواد

محام وناشط حقوقي
عرض مقالات الكاتب



من قال أن القمة العربية ليست سلاحًا ذا حدين، قمة حدها الأول تعويم الحكام، وحدها الثاني تدمير الشعوب والبلدان.
فالثورة السورية كانت وستبقى الشوكة في خاصرة الخونة والمتخاذلين.
سنوات من الخذلان، لشعب طالب بأبسط حقوقه، حكام العرب خاصة والأمم المتحدة ومجلس الأمن عامة، يتباهون باستقبال حاكم الشام البطل الهمام.
لكن ذلك لم يستفز الثورة والثوار والأحرار، لأن التركيبة الأحادية لهم مضمونها واحد ومحتواها الظلم، والقهر، والخذلان، والاستبدادية، والدكتاتورية.
–مامصير الثورة والثوار؟
مليون شهيد وملايين المهجرين ومئات آلاف المعتقلين،
ونصف مليون عاهة مستدامة، ونصف مليون بين مفقود ومجهولي المصير، ومليون جريح.
–انحطاط علمي، وانحلال إجتماعي، وانهيار اقتصادي، وفقدان للإنسانية، جهل وتخلف أصاب الأجيال
ودمار لامثيل له، آلاف المحن والمصائب والانكسار، وكل ذلك أسبابه واضحة!!
-تمسك حاكم دمشق بمنصبه، والأدهى صمت مطبق على كافة الانتهاكات والجرائم من حكام العرب خاصة والمجتمع الدولي عامة، والأكثر غرابة ودهشة!! جرأة هؤلاء على وصفهم بأن الشعب هو المخطئ والمذنب، ماحصل لهذا الشعب السوري بأن الثورة وثوارها إرهابيين ومتطرفين، تخاذل عربي وإقليمي ودولي، لا أخلاقي ولا إنساني، فالشعب السوري الثائر والمضطهد، هوالضحية، وليس الجلادالذي جعلهم هكذا، فهرم الإجرام هذا الحاكم والقائد، خائن العرب والعروبة، وهاهم يعيدون تعويمه والتعامل معه على أنه حاكم شرعي وقائد فذ، أصبح القتل والتهجير برعاية وغطاء دولي، وإيعاز، وصمت عالمي، اتفق القاصي والداني على سحق شعب مقهور طالب بأبسط حقوقه المشروعة في الحرية والعدالة والمساواة والكرامة.
–أين ساسة وقادة معارضتنا، للأسف ما زالوا يبحثون عن داعم مالي لمستحقاتهم ومقرات لكيانهم، فهم مبعثرون، تائهون.؟
ممارساتهم أوصلتنا لهذا الخذلان للثورة والثوار، ضعفهم مزق النسيج الثوري بأبشع أنواع الهوان، فاستغل النظام وأعوانه هذه الهشاشة في معارضتنا وساستها واعتبرها فريسة سهلة لإثبات أنهم غير متزنين أو واثقين من تحقيق أهدافهم وغير قادرين على تحمل مسؤوليتهم الوطنية والثورية، لهذا كله قام حكام وقادة العرب الواحد تلو الآخر يقدمون الولاء والطاعة وتبادل الزيارات وإعادة فتح السفارات وتمت إعادة حاكم الشام إلى مظلة الجامعة العربية.
يرافق هذا كله صمت وتخاذل عالمي لأفعال الحكام العرب بإعادة تعويم حاكم الشام، وظهر فرعون الشام على أنه القائد الصلب والمنقذ، والمجاهد، وأسس القاتل والمجرم والمستبد، متناسين دعم الروس وإيران وبعض دول الخليج، ولا ننسى اليهود والأمريكان، مجتمع دولي ظالم يساند المستبد ويشد على أزره، فعودة سوريا الى اجتماعات القمة العربية ما هو إلا دليل على رخص دماء ملايين الشعوب الفقيرة وعلى قذارة ودناءة الساسة والسياسيين العرب والعجم، متناسين سوء الأوضاع المعيشية والإنسانية للمهجرين، وعشرات آلاف المفقودين، ملايين تحت خط الفقر، في المخيمات بانتظار قرار من السياسيين، كي يقرر مصيرهم، عودة قسرية، أو إبقائهم مبعثرين في الشتات.
فوجود السوريين المهجرين أصبح ورقة ضغط سياسية في مفاوضات إقليمية ودولية، مليارات أنفقت لمصالح ومكاسب سياسية دمرت سوريا وشعبها.

ساسة العرب جاهزون لتمويل حروب بتكاليف مالية ضخمة لإبقاء حاكم ثار شعبه ضد ظلمه وفساد حاشيته، ولكنهم غير قادرين على تمويل وتحويل بلادهم وشعوبهم لنيل جزءا بسيطا من الحرية، غير قادرين على إحياء شعوب تطالب بالديمقراطية والرفاه والتطور.
الجميع يعلم، وبحسب بعض الإحصائيات، أن كلفة الحرب السورية أكثر من 200 مليار دولار فهل هناك من سيمول تكاليف إعادة البناء والإعمار؟ هل يستطيع الساسة والقادة إعادة بناء البشر أولا ثم بناء الحجر؟
مانراه اليوم في القمة العربية عبارة عن دراما وكوميديا!! بل مسرحية هزلية أبطالها حكام وساسة الأمة العربية، بعدسنوات من الحروب والتهجير والدمار تعود سوريا الى منصبها في الجامعة العربية؟ بعد سنوات من التنديد والاستنكار وتبادل الشتم والقدح الإعلامي، يتم طي هذا كله في صفحة النسيان بحجة أن السياسة ليست مكانا مناسبا للخصومات والمقاطعات، تعود الأطراف جميعها إلى الإجتماع وتبادل التهاني والترحيب واللقاءات والقبلات، بلا مبالاة لما دفعه الشعب السوري من تضحيات، بل هم الآن يتباهون بالخذلان، لشعب طريد ومهجر وأجيال تائهة في التخلف والظلم وبلد يعاني فقر وضياع هذا كله لايهم، المهم أن الجامعة العربية عادت لتضامنها وتكاتفها.
ماأرخص الدماء السورية!
نبارك لجامعتنا العبرية لم الشمل.. نبارك لملك الكبتاجون فتح أبواب العرب والعروبة لأبوابها، وزيادة مراكز توزيع الكبتاغون ونتساءل.. عن العدالة في هذا العالم وفي الوقت ذاته نتساءل عما إذا كان يحق لنا الإقتصاص
من العدالة ومن الأخلاق؟
دستويفسكي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى