“قمة جدة” تكتب شهادة وفاة مزورة

أتظن أنك عندما أحرقتني
ورقصت كالشيطان فوق رفاتي
وتركتني للذاريات تذرني
كحلاً لعين الشمس في الفلوات
أتظن أنك قد طمست هويتي!
ومحوت تاريخي ومعتقداتي؟
عبثا تحاول ** لا فناء لثائرٍ
أنا كالقيامة ** ذات يوم آت
وإن كانت هذه الأبيات ليست من نظمي، إلا أنها تمثلني وكل ثائر طعن من خلف، وتداعت الأكلة على ثورته، فدماء الأهل والأصدقاء والزملاء، وحتى من لم نعرفه وحملناهم مضرجين في دمائهم بعد رصاصة قناص، أو تعذيب سجان، خيال لا يفارق مستيقظ ولا نائم.
لقد كان حفلًا ظنوه بهيجاً، لكنه في الأصل مدعاة لكي تهيج المشاعر غضباً وحنقة، على من يحتفون بقاتل في مشهد يرونه ذروة سنام انتصار ثورتهم المضادة، كما كانت ابتساماتهم الصفراء في استقبال واحد من أعتى مجرمي الحرب في تاريخ البشرية، تثخن في جراحنا، فتذكرنا، مآسينا التي عشناها على أيديهم، الكل مشترك في هذه الجريمة التي حلت بشعوب أرادت الحياة، ولا بد -رغم قمتهم- أن يستجيب القدر.
تقول صحفهم: إن حضوره تأجل عدة مرات خلال الأعوام الثلاثة الماضية نتيجة رفض بعض الدول العربية، لكن الحقيقة أنهم كانوا ولا يزالون يخشون غضبة الشعوب، لأن القلوب ما زالت حية والضمائر لا تزال مستيقظة، وإن كان القمع أسكتها، وإن كان الجوع أنهكها، لكن الثورة لم تنطفئ جذوتها، ولئن ظن من دعا ومن رحب ومن دعم ومن سعى، أنه بعودة المجرم قد كتب شهادة وفاة الثورات العربية فإنه واهم، فهذه الشعوب قد تمرض، قد تهدأ، لكنها لا تسكت عن الظلم والذل الذي يراد لها أن تعيشه في زمن يتغنى بحقوق الحيوان والنبات، هذه الشعوب، قد تظهر أنها قد قيدت، إلا أنها بإرادتها تحل قيودها، هذه الشعوب قد تطأطئ رؤوسها لكي تمر العاصفة حتى لا تنكسر، إلا أنها لا تنحني ولا تقبل بالدنية.
لقد كانت آخر قمة حضرها دكتاتوريور العرب، مبارك والقذافي وبن علي وعلي عبد الله صالح وبشار الأسد، الذين أسقطتهم شعوبهم، مع باقي الدكتاتوريين في 2010 بعدها قالت الشعوب كلمتها، ومع خوف من لم يسقطوا تكاتفوا ودعمتهم من خلفهم الإمبريالية الغربية المستفيدة من بقائهم، فلن يجدوا مثل هؤلاء لوأد شعوب ترنوا لمجدها وثرواتها واستعادة ريادتها للدنيا، فمن غير المعقول أن ينفق الغرب من أرواح فلذات أكباده وملياراته في حروب عسكرية واستخباراتية وتجنيد للجواسيس وزرع العملاء لكي ينتهي حلم السيطرة على أغنى بقعة في العالم من حيث موارد طبيعية وبشرية في لحظة ثورة تنفض فيها الشعوب عن نفسها تراب ماضي الاحتلال والاستعمار، وتغسل أيديها من وسخ حاضر الوكالة والعمالة.
اقرأ: قمة الأفاعي والأذناب وصراع الأحضان
ثوراتنا باقية في نفوس أبنائها ويورثونها لأبنائهم، كما أنها باقية في نفوس أعدائها، ولولا هذا ما تداعوا لكي يبعثوا بشار من مخبئه كي يكتبوا، فيما يظنون، شهادة وفاة الثورات العربية، هذه الشعوب لا تكترث لهكذا تمثيليات صبيانية لقتل الروح الثورية في قلوبها، فحتى لو بعثوا من مات ممن خلعتهم الشعوب من قبورهم، فلن يحرك ذلك في ضمائرنا شيء، فالأصل أن الثورة ليست على أشخاص، الثورات مدفوعة بمبادئ الحرية والكرامة والعدالة، مدفوعة برغبة قوية لاستعادة ما سرق، وعلى رأس ذلك ريادة هذا العالم، الذي شهد بأن ريادة المسلمين للعالم غلفت بالعدل والمساواة والتسامح، وهي قيم لم يعرفها الجاثم على صدر العالم ويملأ الدنيا جور وظلم.
عبثا تحاول.. لا فناء لثائرٍ
أنا كالقيامة ذات يوم آت