مقالات

“خطوة” مقابل “خصية”

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

هذا هو الشعار الأنسب لمؤتمر القمة العربية المزمع عقده في مدينة “جدة السعودية” في التاسع عشر من هذا الشهر، هذه القمة التي ستعيد لسوريا مكانتها في الجامعة العربية، ويعود “بشار الأسد” ليأخذ مكانه “الطبيعي” فيها، بين أقرانه القادة العرب، بعد قطيعة استمرت 11 عاماً، نتيجة موقف الجامعة وقادتها من الحرب “الكونية” على سوريا وتقديرهم “الخاطئ” لأسبابها ونتائجها، وبالتالي بات من الضروري أن يعود القادة لرشدهم ووعيهم ويعيدوا النظر في مواقفهم السابقة من “الأزمة السورية” التي كانوا يطلقون عليها سابقاً “قضية الشعب السوري”، بعد أن تبيّن لهم أن الذي كان مستهدفاً فيها هو الأمن القومي العربي، وأن الأخطار المحدقة بالأمة تستدعي بالضرورة عودة سوريا -بجيشها وقائدها- للحضن العربي، كي يكتمل الصف العربي وتتوحد القوى لمجابهة أعداء الأمة والمتربصين بها.

تابعنا في فيسبوك

وهنا لا بد لنا نحن أبناء هذه “الأمة المبتلاة” أن نسأل قادتنا العظماء المتهافتين إلى جدة هذا السؤال:
من هم أعداء هذه الأمة؟
وهل ما زال لها أعداء يتربصون بها ويحيكون الدسائس والمؤامرات حولها ؟
أم أن تلك الحقبة انتهت ومضت من غير رجعة، ولم يعد ثمة خطر يهددها، بعد تطبيع معظم الدول العربية علاقاتها مع الإسرائيليين، والإيرانيين، والأمريكيين، والصينيين، وحتى الروس الملاعين، فأين هم أعداء الأمة يا قادتنا المحترمين؟
إلا إذا كنتم تعنون بكلمة “أعداء” أولئك المندسين والمخربين والإرهابيين من أبناء شعوبكم البائسة!
وبالعودة إلى موضوعنا وما نريد قوله حول الخطة التي وضعها القادة العرب لاستدراج “بشار الأسد” إلى مؤتمر القمة، بمبادرة منهم أطلقوا عليها مسمى “خطوة مقابل خطوة” وفي الحقيقة المراد منها أن تكون مبادرة”خطوة مقابل خصية”- وهذه لها حكاية لا زال القادة العرب يذكرونها جيداً:
ففي العام 2006 الذي وقعت به “حرب تموز” بين ميليشيا “حسن نصر الله ” والإسرائيليين والتي انتهت إلى اتفاق بين “حسن والصهاينة”-مازال الاتفاق قائماً حتى الساعة – حيث يتم بموجبه الإبقاء على ميليشيات حزب الله في لبنان للسيطرة عليه من كل جوانب الدولة اللبنانية، مقابل قيامه بحماية الحدود بين لبنان وإسرائيل ومنع أي اعتداء وأي خطر يهدد أمن إسرائيل .

تابعنا في تويتر

في تلك الفترة كان “بشار الأسد” ملاحق من قبل محكمة الجنايات الدولية ومطالبتها له بضرورة مثول المشتبه بهم في مقتل رئيس الوزراء اللبناني”رفيق الحريري” ومن بينهم شقيقه المجرم “ماهر الأسد”، لكن “بشار” لم يمتثل للمطالبة بعد أن كان قد وافق عليها وتعهّد للملك السعودي الراحل”عبدالله” بذلك، مما أغضب الملك السعودي ووصف بشار بـ”الكاذب”، وأوقف الدعم السعودي لنظامه، مما جعل “بشار” يغضب ويقف ومن على المنبر، ليقول في كلمة مكتوبة وليست مرتجلة بأن ” بعض حكام العرب هم “أنصاف رجال” !
أي أن “بشار” قد انتزع-مجازاً- من كل واحد من هؤلاء إحدى “خصيتيه” ليصبح “نصف رجل” غير مكتمل الرجولة والفحولة!

اقرأ: دائماً لم يتسن لنا

ومنذ ذلك اليوم الذي مضى عليه أكثر من 16 عام وحتى هذه اللحظة وهؤلاء “أنصاف الرجال” يعانون من ضعف في قواهم وفي أدائهم الرجولي، ولمّا كان هذا الأمر في غاية الخطورة على تناسلهم وتكاثرهم وكي لا تنقطع ذريتهم، بات من الضروري استرجاع “الخصية المستلبة”-مجازاً- بطريقة تحفط لهم شيئاً من ماء الوجه أمام أبنائهم ونسائهم، فكانت مبادرة “خطوة مقابل خصية” حيث يتم بموجبها تسليم الحاكم العربي”خصيته المستلبة” بعد أن يخطو”خطوة” باتجاه “بشار” تبدأ بالموافقة على إعادة العلاقات الدبلوماسية معه، وإعادته للجامعة العربية، وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به نتيجة المقاطعة طيلة هذه السنوات، والتعهد بتسديد الديون التي ترتبت عليه للروس والإيرانيبن، وإعطائه ما يلزم لإعادة إعمار ما دمرته الحرب!

هذه شروط “بشار” وضعها للحاكم العربي الذي يطالب باستعادة فحولته ورجولته!
في الموروث العربي عن معنى الرجولة، فإنها تعني:
الشجاعة، والنخوة، والصدق والمروءة، ونصرة المظلوم ، وعدم الغدر بالآخر وطعنه في الظهر، لا سيما إذا ما كان هذا “الآخر” هو شقيقٌ لكَ قطعتَ له الأمان وعاهدتُه العهود على أن لا تخذله وأن تبقى له ظهيراً ونصيراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى