فنجان سياسي

بوتين يستعطف اليهود.. ماذا عن المسلمين؟



فراس العبيد/
يبدو أن موسكو تدرك أهمية “اليهود” في حسم الصراع مع “واشنطن”، وتحديدًا على ساحة “أوكرانيا” هذه اﻷيام، ورغم المواقف غير الواضحة أحيانًا من روسيا اتجاه الكيان اﻹسرائيلي بشكل خاص، إﻻ أنّ كفة الميزان عادةً ما تميل لمن يتمكن من “كسب ودّ اليهود”.
والراجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أراد أن يخطب ود “يهود العالم”، لكسب الجولة العسكرية على اﻷرض، وقلب معادلة الصراع لصالحه.
بدلالة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هنأ اليهود الروس وكل من يحتفل بيوم الخلاص والتحرير في برقية خاصة.
ونشر البرقية الموقع الرسمي للكرملين، والتي أشار فيها بوتين إلى أن هذا التاريخ “يحتل مكانة خاصة في التقويم الديني اليهودي ويعمل على حفظ ذكرى الإنجاز غير المسبوق لجنود الجيش الأحمر وجيوش الدول المتحالفة ضد هتلر، والذي سحق النازية وأنقذ اليهود وغيرهم من الشعوب من خطر الإبادة الكاملة”.
وبحسب البرقية؛ “يجب علينا نحن والأجيال القادمة أن نحافظ بقداسة على الحقائق التاريخية للحرب العالمية الثانية، وأن نفهم العواقب المدمرة التي يؤدي إليها أي تواطؤ مع القومية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب”.
وتابع بوتين؛ “إن مقاتلينا وقادتنا يقاتلون اليوم أتباع النازيين مباشرة في سياق العملية العسكرية الروسية الخاصة”.
والواضح من خلال خطاب بوتين، أنه يريد تذكير يهود العالم، بدور اﻻتحاد السوفييتي، وتحديداً روسيا في قتال “النازيين”، وأن بلاده كانت “الحاضن والداعم” لتلك “الطغمة”.
ويذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان ذكر في وقت سابق أن معظم اليهود الذين قتلوا على يد النازيين هم من مواطني الاتحاد السوفيتي، مؤكدا على أن روسيا تنتهج سياسة تضمن عدم تكرار أي شيء مثل هذا في تاريخ البشرية.
ما يشير إلى أن موسكو تسعى لطمئنة “اليهود” على خلفية صراعها مع “واشنطن” و”كييف”.
كذلك كان أشار بوتين، في 27 كانون الثاني/يناير الفائت، والمسى بـ”اليوم الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست”، إلى أن روسيا تحزن على ملايين اليهود والجنسيات الأخرى ممن لقوا حتفهم في الحرب العالمية الثانية، وأدان محاولات الغرب للتقليل من دور الاتحاد السوفيتي في الانتصار على النازية، مشيرا إلى أن جرائم أوكرانيا تشير إلى أن دروس التاريخ “قد طويت”.
تأتي تلك الرسالة، في ظل ازدياد حدة المعارك في مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، وفي ظل تضارب الأنباء عن قرب إحكام مرتزقة “فاغنر” الروسية السيطرة على المدينة، وسط استمرار محاولات التصدي من الجيش الأوكراني، الذي أعلن عن كسر “الحصار الخانق” للقوات الروسية.
وكان مؤسس مجموعة مرتزقة “فاغنر” الروسية، يفغيني بريغوجين، أعلن بقاء مربع سكني وقطعة صغيرة من القطاع الخاص لإحكام السيطرة على مدينة باخموت شرقي أوكرانيا.
وزعم بريغوجين أن قوات “فاغنر” تقدمت في اتجاهات مختلفة حتى مسافة 200 متر، وسيطرت على أراض بمساحة 113 ألف متر مربع في باخموت، وأن القوات الأوكرانية تسيطر على 1.46 كيلومتر مربع من أراضي المدينة. في تسجيل صوتي تداولته وسائل إعلام روسية.
ويشار إلى أن معركة باخموت التي تسيطر القوات الروسية على حوالى 90 في المئة منها، تعتبر الأطول والأكثر دموية منذ بداية الغزو الروسي عام 2022.
في حين، أكدت نائبة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار، أن الجيش اﻷوكراني تمكن من كسر الحصار المطبق لمرتزقة “فاغنر” في باخموت، بعد استعادة أراض في شمال المدينة وجنوبها.
وقالت ماليار؛ إن القوات الأوكرانية استعادت نحو 20 كيلومترا مربعًا شمال وجنوب ضواحي باخموت في الأيام الأخيرة، لكنها أكدت أن القوات الروسية تواصل تقدمها حيث تحاصر الجيوب الأخيرة للقوات الأوكرانية في الغرب “وتدمر المدينة بالكامل بواسطة القصف المدفعي”.
وعلى ذات المنوال؛ قلّل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من شأن التوقعات، مؤكدا أنه ليس الهجوم المضاد الواسع النطاق المرتقب والذي تعدّ له كييف منذ أشهر ويحتاج جيشها “لمزيد من الوقت” لإنجازه.
وليل الثلاثاء-الأربعاء أكدت أوكرانيا أنها صدت وابلا من الصواريخ الروسية وأسقطت ستة صواريخ روسية فرط صوتية من طراز كينجال التي تزعم روسيا أنه يستحيل اعتراضها و12 صاروخاً من بينها كاليبر وإس -400 المضادة للطائرات وإسكندر البالستية وأيضا طائرات بدون طيار إيرانية الصنع.
وهو ما يتناقض مع التأكيدات الروسية في أن الصواريخ “أصابت كل أهدافها” وبينها نقاط “انتشار القوات المسلحة الأوكرانية” ومخازن ذخيرة وأسلحة غربية، كما أعلن الجيش الروسي أنه دمر أيضاً نظام باتريوت الأميركي في كييف واعترض سبعة صواريخ ستورم شادو بريطانية بعيدة المدى.

ما يهما أن “الصراع في البيت الصليبي” لا يزال محتدمًا، ورغم ضبابية المشهد، إﻻ أن هناك حالة استقطاب، واسعة، واستثمار للأزمة، من جميع اﻷطراف، لكسب الراهن، ويبدو أن الرئيس الروسي بوتين، يستعطف اليهود، ليؤسس لمرحلة مقبلة، تشير كل المؤشرات أننا على أعتاب وﻻدة “نظام دولي جديد”، لن يكون فيه

للمسلمين دور، ﻷسباب موضوعية، بدايةً من “وقوعهم في مرحلة التيه” و”اﻻستضعاف”، ثم هيمنة “الطواغيت العرب” الذين تحسسوا رؤوسهم، ويناورون للبقاء على حساب الشعوب، لكن هذه المرة للانعتاق من رق العبودية لواشنطن والقفز إلى حظيرة الروس، أو على أقل تقدير التهديد بذلك.
المؤشرات السابقة، تؤكد أن الصراع سيمر بمرحلة دموية قادمة، وطويلة، تستنزف فيها اﻷمة اﻹسلامية خيرة شبابها، على أعتاب ومحراب “التمكين”، إن ستطاعت اليوم استثمار هذا الصراع بضرباتٍ نوعية، أو ما يسمى بـ”حرب البرغوث/العصابات”.
مع الجزم بأنّ اﻷمر ليس مستحيلًا لكنه لن يكون بتلك السهولة، فالتيار الجهادي، إمّا مستضعف، وهو المعوّل عليه ورأس الحربة في اﻷمر، أو يعيش صراع فكري وتضييق، وفي أسوأ اﻷحوال، فإن اﻷمة اﻹسلامية وقعت وخاصة في الشام ضحية تيار التمييع “هيئة تحرير الشام” والغلو “تنظيم الدولة” وحتى تصحو لابد من إعادة هيكلة جديدة.
بالمختصر؛ روسيا وواشنطن دخلتا صراعاً يمكن استثماره، وتشير المعطيات إلى إنهاك الطرفين، وللأمانة لا نملك كأمة مقومات حسم المعركة أو استثمارها بقوة، لكننا قادرون على التعامل معها كـ”البرغوث”، وربما نسمع دويّ “لسع النحل” بعد حين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى