مقالات

أنت لستَ ” كيسنجر” يا “صفدي”!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

مبادرة الأردن التي اشتغل عليها ملك الأردن منذ أكثر من عام وجاء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط هذا العام بآثاره المدمرة ليكون فرصةملائمة لإطلاق هذه المبادرة، بغطاء وبمبررات إنسانية ،تهدف إلى إيجاد حل للقضية السورية التي طال أمدها، وكان لها آثار سلبية انعكست على الأردن الذي يعاني أصلاً من قلة موارده، وهشاشة اقتصاده، فكانت بداية انطلاق المبادرة تقوم على كارثة، لتنتهي اليوم إلى كارثة أكبر!

لقد تعرفنا على سياسة “الخطوة خطوة”من خلال الرحلات “المكّوكيّة” لوزير الخارجية الأمريكي “هنري كيسنجر” الملقب ب”الثعلب”، الذي تصدى لأعتى الملفات الشائكة التي كانت موضع اهتمام إدارة البيت الأبيض في سبعينيات القرن الماضي، حيث استطاع هذا البروفسور اليهودي الأصل، والبارع جداً بالمراوغة، والبرغماتية، والخبث والدهاء، وكل ما تتطلبه مصلحة بلده أمريكا، وكذلك مصلحة إسرائيل الذي قال يوماً فيها: “أنا يهودي قبل أن أكون أمريكياً”، استطاع أن يتوصل إلى حلول لعدد من القضايا الشائكة منها: الحرب الفيتنامية، ومعاهدة الحد من التسلح النووي، التقارب الصيني الأمريكي، وتمكنه من التوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا ومصر في حرب 1973 والتي كان من

تابعنا في فيسبوك

نتائجها الوخيمة :
1-إعادة سيناء إلى الحكومة المصرية، باتفاقية “كامب ديفيد” مقابل إخراج مصر بكاملها من الصراع العربي الصهيوني
2-إبقاء هضبة الجولان بيد الصهاينة مقابل بقاء المجرم “حافظ الأسد ” في حكم سوريا، فيما سمي باتفاقية “البقاءالمتبادل”!
هذا هو “هنري كيسنجر” صاحب نظرية سياسة”الخطوة خطوة”، فهل ستنجح يا “صفدي” في إنجاز مبادرة مليكك التي سمّاها”خطوة مقابل خطوة” لحل قضية الشعب السوري ؟
لا فخر لك في تسويق هذه المبادرة التي تضيّع حقوق شعب بأكمله، لتكسب من خلالها مجرماً، قاتلاً، تاجر مخدرات!
إن مبادرة “ملك الاردن” التي أصبحت خارطة طريق للأنظمة العربية باتجاه تطبيع العلاقات مع المجرم”بشار الأسد” بدعوى أنها سترغم المجرم، وتحفّزه، على تقديم تنازلات من خلال “خطوات متبادلة”بين الأنظمة العربية والنظام تؤدي بالنهاية إلى تنفيذ بنود القرار 2254، لكنها ليست سوى خطوة أو خطوات من جانب واحد، يحصل النظام بموجبها على التالي:

  • عودته للجامعة العربية عزيزاً كريماً طاهراً مطهراً من جريمة قتل الشعب السوري .
  • فتح خزائن الدول العربية “الميسورة” أمامه لينهل منها ما يشاء تعويضاً لخسائره، وتمكيناً لحكمه مستقبلاً.
  • الاعتراف بالاحتلال الإيراني والروسي و مشروعية تواجدهم العسكري في سوريا.
    كل هذا سيحصل عليه هذا المجرم دون إلزام وعوامل ضاغطة تجبره على أن يخطو باتجاه الحل السياسي ولو خطوة واحدة للأمام، بل ربما ستمكنه من التمترس في موقعه والتشبث بحكم سوريا للأبد كما يدعي!

تابعنا في تويتر

هذه أهم المكاسب التي سيحصل عليها النظام “سلفاً ومقدماً ً” ومن أوّل خطوة يخطوها العرب باتجاهه، أي أن الخطوة الأولى هي جُلّ ما يتمنّاه هذا المجرم، دون أن يتقدم بأية خطوة باتجاه الحل السياسي الذي تحلم به أنت يا “صفدي”، ومن استهبل معك من القادة العرب الذي يتهافتون اليوم ويتداعون إلى عقد مؤتمر قمة لهم ستكون له نتائج وخيمة، ستجرّ الوبال عليهم أكثر من غيرهم، وستضعهم في مصاف المجرم وشركاء له في جريمته، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى