تقارير

هل ينفّذ الأردن تهديده باجتياح الجنوب السوري؟

فريق التحرير|

لا يبدو أن تلويح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بإمكانية شن بلاده عملية عسكرية داخل سورية لوقف تهريب المخدرات في حال أخفق نظام الأسد، أنه سيمر مروراً عادياً على أسماع الأسد، خاصة أن تصريح الجانب الأردني يعني رمي الكرة بملعب النظام المُلزم بإيقاف شحنات المخدرات المهربة إلى الأردن وأسواق الخليج، والضغط أكثر على النظام للتعامل بجدية مع ملف المخدرات والميليشيات النشطة على الحدود الأردنية.

تابعنا في فيسبوك

وكان وزير خارجية الأردن الصفدي قد قال في حديث مع شبكة “سي أن أن” الأميركية، أمس الجمعة، “نحن لا نتعامل مع تهديد تهريب المخدرات باستخفاف، إذا لم نشهد إجراءات فعالة للحد من هذا التهديد، فسنقوم بما يلزم لمواجهته، بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سورية للقضاء على هذا التهديد الخطير للغاية، ليس فقط في الأردن ولكن أيضاً لدول الخليج والعالم”.

ومن المعروف أن جهات مدعومة في النظام وحزب الله اللبناني ومليشيات إيرانية متورطة في إنتاج وتهريب المخدرات عبر الحدود، وسط تجاهل الأسد كل المطالب العربية والدولية بلجم ميليشياته عن صناعة وتهريب المخدرات التي تحقق له أرباحاً مالية ضخمة مع ما يعانيه من أزمة اقتصادية، ومع ما تشكله عمليات التهريب من ورقة ضغط يستخدمها النظام وإيران في قضية التطبيع والتقارب مع دول الجامعة العربية.

تابعنا في تويتر

في تعليقه على تصريح الأردن مؤخراً، أشار العقيد السوري المنشق “مالك الكردي”، أن البلدَين الأردن وسوريا يشتركان بحدود طويلة نسبيًا تصل إلى مايزيد عن ٣٧٠ كم، ومعظم هذه الحدود في منطقة البادية التي تكثر فيها الحماد والكثبان الرملية مما يجعلها منطقة قاحلة موحشة تستغلها عصابات التهريب عادة وتهريب المخدرات بشكل خاص، خلال السنوات الأخيرة التي يسيطر فيها الاحتلال الإيراني على سوريا ويرعى صناعة المخدرات فيها وتهريبه إلى دول الجوار.

مضيفاً في حديثه لـ “رسالة بوست”، أنه من واضح أن ايران أرادت من الأردن دولة عبور واستهلاك بهدف إضعاف المجتمع الأردني أولًا كمقدمة، والخليجي بشكل عام للسيطرة عليها جميعًا، وتمرير المشروع الإيراني الفارسي،
وجميع المحاولات الأردنية انتهت إلى فشل السيطرة على الحدود نظرًا لطولها وتنوع أساليب التهريب التي أجادتها عصابات التهريب، وخاصة أنها تحظى برعاية إيرانية أسدية مشتركة، لذلك -وفق الكردي- اتجهت الأردن إلى مهادنة نظام الأسد بهدف وقف تغول شبكات التهريب التي يرعاها هذا الأخير، كما دفع الأردن بدول عربية أخرى إلى مهادنة النظام الأسدي واستعادة العلاقات.

اقرأ: خدمة اﻻتصاﻻت في سوريا من سيء إلى أسوأ… بعد أسبوع من رفع التسعيرة

ونوّه الكردي، أن كلمة الأسد الأخيرة في لقاء الترحيب بالرئيس الإيراني في دمشق تفيد بوصول إشارة تلقاها الأردن “أن الأسد اختار العلاقة الإستراتيجية مع إيران على العلاقات مع الدول العربية”، حيث أشار أيضاً (الأسد) إلى عمق هذه العلاقة التي تعود إلى الحرب العراقية الإيرانية والتي أخذ وقتها النظام السوري الموقف المنفرد المؤيد لإيران في حربها على العراق قافزًا فوق كل الشعارات والأهداف التي كان يدندن بها حول الوحدة العربية.


ويبدو أن الأردن قد تلقى الإشارة، فأدرك أن نظام الأسد لن يضغط على إيران لوقف تجارة المخدرات انطلاقًا من الأردن، ولا إلى وقف المشروع الإيراني التوسعي في المنطقة، وبذلك فإن التصريح جاء بمثابة إعلان حرب المخدرات الصريح على الأردن، وهو ما استوجب على الحكومة الأردنية الرد لذلك جاء على لسان وزير الخارجية كرسالة سياسية قوية تحذر فيها النظام السوري من مغبة استمرار هذا التعدي، ونلحظ أن التهديد لم يأتِ على لسان وزير الدفاع أو رئيس الأركان، الممثلان الرئيسيان لقوة التنفيذ الفعلية في شن أية عملية عسكرية، لأنهما يدركان تمامًا الإمكانات والقدرات، ولم يأت أيضاً على لسان وزير الداخلية الذي عجزت وزارته عن وقف عمليات التهريب.


واستبعد الكردي، قدرة الأردن على أي توغل عسكري داخل الحدود السورية، نظرًا لاتساع الجبهة ومحدودية عدد عناصر الجيش الأردني والتي في غالبها ترابض على حدود الكيان الإسرائيلي، لكن بالمقابل -حسب الكردي- فإن الأردن قادر على عمل عسكري يقوم بالتخطيط له وإمداده داخل الحدود السورية تنفذه بعض المجموعات السابقة من فصائل الجيش السوري الحر، وهو مايمكن أن يخشاه النظام السوري فعلًا، لأن ذلك يعيد القتال ويشعل لهيب الثورة من جديد وهو ما أراده الوزير الصفدي من خلال تهديده.


ولم يعد نظام الأسد يسيطر على أي بقعة جغرافية في سوريا، إلا عبر اليد الإيرانية أو الروسية، فهو عاجز بقواه العسكرية أن يوقف مصنعًا لصناعة المخدرات يتبع لإيران، أو لأحد أذرعها من الميليشيات المرتبطة بها، ولا يستطيع أن يوقف شبكات التهريب التي تأتمر بالأمر الإيراني أو بتلك التي تعمل تحت اسم الجيش السوري، الخارجة عن سيطرته، ولكن يمكن أن يوقف هذه الشبكات وعملها غب التهريب باتجاه الأردن فقط حال تم التنسيق التام مع إيران وإقناعها بمخاطر إعادة تحريك الثورة عبر الجبهة الأردنية، لذا يعتقد الكردي، أن “إيران ليس لها مصلحة الآن من تأجيج الوضع مع الأردن قبل أن توطد قوتها وتخمد الثورة في سوريا وفقًا للخطة المعمول بها مع القوى الكبرى الساعية إلى إخمادها تدريجيًا عبر مفاوضات وهم الأمل في سوتشي والأستانة التي خدّرت فيها الثورة ودفعتها للتراخي”.

اقرأ: هزة أرضية ضربت شمال غربي سوريا.. تسفر عن إصابات

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقع نهاية العام الماضي “قانون الكبتاغون“، الذي يخصّص 400 مليون دولار لتعزيز سلطات الجمارك وحرس الحدود في بعض الدول العربية مثل الأردن ولبنان ومصر، بصفتها دولاً متأثرة بتجارة المخدرات التي مصدرها سورية.

ويحدد القانون تجارة الكبتاغون “المرتبطة بنظام بشار الأسد” خطراً أمنياً عابراً للحدود، ويلزم الإدارة الأميركية بـ”تطوير وتنفيذ استراتيجية التعاون بين وكالاتها لمنع إنتاج المخدرات وشبكات التهريب المرتبطة بالأسد وتفكيكها”. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى