منوعات

شهر أيّار.. شهرٌ له في ذاكرتنا مواجع وشجون

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

جاء في أصول ومعاني الشهور في الحضارات القديمة، أنّ كلمة “آيار” تمتد في أصولها إلى البابليين، وتعني الضياء أو النور أو الزهر في فصل الربيع، ويقابلها لدى الرومان “مايا”، نسبة إلى الآلهة “مايا” ربّة الخصب، ثم أصبحت في التقويم الميلادي اسماً للشهر الخامس من السنة، وكما هو معروف اليوم بشهر”مايو”،وسُمّي الشهر عند العرب “شهراً”، لأنه يُعرف ويُشهر بالقمر، والأسبوع “أسبوعاً”، لأن عدد أيامه سبعة أيام.

تابعنا في فيسبوك

“شهر أيار” له في ذاكرتنا مواجع وشجون، فقد نشأنا على قراءة أحداث وتواريخ حدثت في هذا الشهر لم نعشها، ولم نشهدها، لكنها وقعت في الماضي القريب وجاءت في كتب التاريخ المعاصر، وأخرى شهدناها وعشنا أحداثها وكنّا شهوداً على وقائعها.
مما قرأنا في تاريخنا المعاصر عن أحداث وقعت في شهر أيّار:
— إعدام 28 مواطناً من السوريين واللبنانيين على يد الحاكم العسكري العثماني”جمال باشا” بتاريخ 1916/ 5/6، وسُمّي هذا اليوم فيما بعد، بيوم “شهداء 6 أيار” والذي أصبح عيداً للشهداء في سوريا.
— توقيع اتفاقية سايكس بيكو في 1916/5/16 التي تم بموجبها تقاسم تركة الإمبراطورية العثمانية بين فرنسا وبريطانيا.
— عقد أوّل مؤتمر قمة لعدد من القادة العرب في “أنشاص”المصرية بتاريخ 1946/5/28 لمنع بريطانيا من الترخيص للصهاينة بقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.
— إعلان قيام “دولة اسرائيل” من قبل مجلس الدولة الصهيوني المؤقت بتاريخ 1948/5/14.
ِ– ذكرى نكبة فلسطين بتاريخ 1948/5/15.
— اعتراف أمريكا بالكيان الصهيوني بنفس اليوم بتاريخ 1948/5/15. — بتاريخ 1949/5/11 أصبحت إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة.

اقرأ: تميّز بأدبه الطائفي وتسويق المظلومية.. وفاة الروائي السوري “حيدر حيدر”


هذه الوقائع لم نشهد أحداثها ولكننا قرأنا عنها وما زالت في الذاكرة، أمّا ما كنّا عليها شهوداً وعشناها واقعاً فمن بين أحداثها:
— اتفاقية “17 أيار ” في العام 1983 حين اجتاح جيش الصهاينة لبنان، ودخلت قواته بيروت التي كانت تشهد حرباً أهلية بين أحزاب وقوى سياسية وقفت إلى جانب المنظمات الفلسطينية الموجودة في لبنان وأخرى ساندها جيش “حافظ أسد” والتي عملت على ترحيل الفلسطينيين من لبنان.
من المفارقات التي شاهدناها آنذاك أن فئة من اللبنانيين رحّبوا بجيش الاحتلال الإسرائيلي داعين إلى ضرورة تدخّله في لبنان لإخراج الجيش السوري المحتل من بلدهم، وكان من بين المرحّبين الشاعر “سعيد عقل” الذي قالها صراحة -نتيجة معاناته من جيش “حافظ أسد-: أنه مع الجيش الإسرائيلي في احتلاله للبنان، كي ينقذه من الاحتلال السوري.!
هذا الشاعر اللبناني الكبير الذي تغنىّ بدمشق، وقال فيها أجمل القصائد وهو القائل:
شآم أهلوك أحبابي وموعدنا
أواخر الصيف آن الكرم يُعتصرُ

تابعنا في تويتر


— في 7 أيّار من العام 2007 اجتاحت ميليشيا “حزب الله” العاصمة “بيروت” وعدد من المناطق اللبنانية مهددة بالسلاح الأحزاب والقوى السياسية وزعاماتها التي تقف بوجه هذه الميليشيا ومشروعها الطائفي.
— أخيراً.. بتاريخ 2018/5/14 تم نقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى مدينة “القدس” واعتبارها عاصمة للكيان الصهيوني.
هذه الأحداث التي عرضنا عددًا منها، حدثت في شهر “أيار”، منها ما لم نشهده، ومنها ما شاهدناه بأمّ أعيننا، وجميعها فيها من المواجع والشجون الشيء الكثير، ولكن ما نريد قوله اليوم، أن لشهر “أيار” في هذا العام وما ستأتينا به أيامه المقبلة من أحداث، سيكون لها نتائج مباشرة ومؤثرة في قضية الشعب السوري.
هناك حدثان مهمّان نحن بانتظار نتائجهما:
— الأول الانتخابات الرئاسية التركية التي ستجري بتاريخ 2023/5/14، وبنتيجتها سيتحدد مصير اللاجئين السوريين في تركيا وفي الشمال السوري، فقد أصبحت قضية اللاجئ السوري ورقة انتخابية بيد الأحزاب التركية المعارضة التي جعلت من ترحيل السوريين من تركيا هدفاً لها، وأولوية في برنامجها الانتخابي، وبين الحزب الحاكم بزعامة “أردوغان” الذي ما زال متمسكاً بهذه الورقة في محاولة منه للمواءمة بين المصلحة التركية العليا وبين قضية الشعب السوري الإنسانية.


لا شك، و من الطبيعي، أن يتمنى اللاجئ السوري في تركيا فوز حزب العدالة برئاسة “أردوغان”، في هذه الانتخابات، كيلا يتعرّض للترحيل القسري، وإعادته إلى مقصلة النظام المجرم في دمشق.
— الحدث الآخر الذي نحن اليوم بانتظاره هو موعد انعقاد مؤتمر قمة جامعة الدول العربية بعد عدة أيام وفي منتصف شهر إيار هذا، وما سيتمخّض عنه من نتائج سلبية على قضية الشعب السوري في حال إعادة المجرم “بشار الأسد”إلى حظيرة الجامعة، فالشعب السوري أصبح على قناعة تامة بأن جامعة الدول العربية ومؤتمراتها واجتماعاتها لن تأتيه بخير ولن تجد لقضيته حلاً، لكنه بات يأمل بألا تتعاظم شرورها وتكون ظهيراً للمجرم وسنداً له، وتدعمه كي يستمر في غيّه وطغيانه.!


من الأمثال الشعبية التي تُقال في شهر أيار مثل”في شهر أيار، نام على سطح الدار”.،فهل سينام السوريون علي سطح دورهم التي استلبها منهم المجرم “بشار الأسد ” ليدفعها للمحتل الإيراني سداداً لديونه؟ أم سينام السوريون على صفيح ساخن في بلدان الشتات؟
هذا ما ستأتينا به الأيام القليلة المقبلة، وإنّ غداً لناظره قريب.
عبود العثمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى