مختارات

السوريون في تركيا.. مخاوف من ارتدادات سلبية عقب الانتخابات

يتخوّف معظم اللاجئين السوريين في تركيا من ارتدادات سلبية أكثر عليهم مع احتدام الصراع السياسي في البلاد قبيل الانتخابات العامة المقررة في 14 مايو/أيار المقبل، والمتوقع أن تنعكس نتائجها بشكل مباشر عليهم بعد أن تحولوا إلى ورقة سياسية بيد أحزاب المعارضة الساعية لجذب أصوات الناخبين مستفيدة من تبدّل المزاج الشعبي إزاء وجود اللاجئين في البلاد.
ويبدي سليمان الحمّود اللاجئ في تركيا منذ عام 2015، والمقيم في ريف مدينة أورفة في جنوب تركيا، خشيته من فقدانه “الاستقرار” الذي يشعر به في تركيا، في حال أفرزت الانتخابات قوى وشخصيات تعارض وجود السوريين فيها.
ويقول الحمّود في حديثٍ مع “العربي الجديد”: “أولادي يتعلمون في مدارس تركيا وأنا أعمل هنا في الزراعة. لم يعد لنا شيء في سورية. لا أفكر بالعودة الطوعية، ولكن أخشى إلغاء بطاقة الحماية المؤقتة حينها سأضطر للعودة”.

تابعنا في فيسبوك


ويؤكد الحمّود، المتحدر من ريف الرقة، شرقي سورية، أن عدداً كبيراً من السوريين الموجودين في تركيا يرفضون العودة إلى بلادهم، مشيراً إلى أن: سورية للأسف لم تعد وطناً لنا. ويوضح أنه اندمج في المجتمع التركي بعد هذه السنوات من الاستقرار في جنوب تركيا، مؤكداً أنه رفض الهجرة إلى بلدان أوروبية كما فعل ملايين السوريين لأنه يشعر بالراحة في تركيا.
وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قد كشف، العام الماضي، أن حوالي 3.7 ملايين سوري يعيشون في تركيا تحت الحماية الدولية، وأن أكثر من 700 ألف طفل سوري ولدوا في البلاد. وأوضح صويلو قبل أيام أن 230 ألفاً و998 لاجئاً سورياً أصبحوا مواطنين أتراكاً، بينهم 130 ألفاً و914 بلغوا سن الرشد.
توزّع اللاجئين السوريين في تركيا
وتعتبر إسطنبول المدينة التي يعيش فيها أكبر عدد من اللاجئين، ويعيش فيها أكثر من 530 ألف لاجئ سوري، تليها غازي عنتاب كثاني أكبر مدينة، إذ يتمركز فيها نحو 452 ألفاً، وفقاً لبيانات إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية. كما يعيش السوريون بأعداد كثيفة في مدينة أورفة وريفها وفي محافظة هاتاي وبأعداد أقل في مرسين وبورصة وإزمير وأنقرة.
وحوّلت المعارضة التركية ملف اللاجئين السوريين الى ورقة انتخابية مع تبدل المزاج الشعبي تجاههم في السنوات الأخيرة لأسباب سياسية واقتصادية، في ظلّ تبدد الآمال بحلول سياسية للقضية السورية تفتح الباب أمام عودة هؤلاء اللاجئين.
وتوظف أحزاب المعارضة التركية ملف السوريين لجذب تأييد الشارع التركي، لتقليل فرص حزب العدالة والتنمية والأحزاب المتحالفة معه والرئيس رجب طيب أردوغان في الفوز في الانتخابات المقبلة.

تابعنا في تويتر


ولا تخفي أحزاب عدة خططها في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في حال فوزها بالانتخابات، من خلال إطلاق عملية تفاوض وتعاون بين تركيا ونظام بشار الأسد، الذي كان السبب في تهجير نحو نصف سكان سورية إلى دول الجوار وبلدان الاتحاد الأوروبي.
وكانت حكومة العدالة والتنمية بدأت، أواخر العام الماضي، تقارباً مع النظام السوري برعاية مباشرة من الجانب الروسي. ويدخل ملف اللاجئين السوريين في صلب هذا التقارب، إذ يحاول أردوغان تهدئة هواجس الشارع إزاء اللاجئين السوريين، خصوصاً بعد حملات تحريضية إعلامية عليهم من قبل بعض الجهات التركية المعارضة.
ويضع “العدالة والتنمية” هو الآخر خططاً لإعادة أكبر عدد من السوريين إلى بلادهم من خلال إنشاء مناطق آمنة في الشمال الخاضع للنفوذ التركي، في ريفي إدلب وحلب، وقد شرع بالفعل في بناء مساكن لاستيعاب لاجئين سوريين في حال عودتهم.
غير أن هذا الحزب يؤكد أنه “لا يمكن فرض العودة بالقوة”، وفق نعمان كورتولموش، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، الذي قال قبل أيام: لا يمكن إرسال الناس إلى الموت بالقوة.
وانتقد كورتولموش أحزاب المعارضة التركية التي أدخلت ملف اللاجئين في صلب الصدام السياسي قبيل الانتخابات، مشيراً إلى أن “العداء الذي يجرى توجيهه للسوريين للحصول على ثلاثة أصوات إضافية جريمة ضد الإنسانية”.


ارتدادات سلبية للانتخابات التركية
وفي مدينة غازي عنتاب، لا يمانع إبراهيم العلي العودة إلى بلدته في ريف حلب الغربي: “في حال تحقق حل سياسي عادل فيه ضمانات كافية كي لا يفتك النظام بنا”، مضيفاً: ولكن أين هذا الحل؟ أظن أنه بعيد المنال في المدى المنظور.
ويبدي العلي الذي كان يعمل محامياً في مدينة حلب، في حديث مع “العربي الجديد”، اعتقاده أنه “ستكون للانتخابات التركية ارتدادات سلبية علينا. الكثير من السوريين بدأوا يبحثون عن خيارات أخرى”. ويرى أن أحزاب المعارضة تؤدي دوراً في “تأليب الشارع ضدنا”، مضيفاً: للأسف، الحكومة رفعت الغطاء عن السوريين ووضعتهم وجهاً لوجه أمام مجموعة من العنصريين لا يعبرون عن الشارع التركي.
ويعتبر أن الحكومة التركية الحالية في حال فوزها بالانتخابات: “لن تجبر أحداً على العودة، ولكن مطلوب منها الاهتمام بالشمال السوري أكثر كي تتهيأ الظروف لعودتنا”. ويرى العلي أن قطاعات واسعة من الاقتصاد التركي: “تعتمد اليوم على العمالة والخبرة السورية”، مضيفاً: اقتصاد ولايات الجنوب التركي سيتأثر في حال خروج السوريين. يبدو أن أحزاب المعارضة لا تضع هذا الأمر في حساباتها.
من جهته، يرى المحلل السياسي التركي هشام جوناي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن ملف السوريين في تركيا سيطرح بقوة بعد الانتخابات، سواء استمر أردوغان في السلطة أو فاز مرشح المعارضة كمال كلجدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن وضع اللاجئين السوريين سيكون محل نقاش وجدل واسع في تركيا بعد الانتخابات.
ويتوقع جوناي أن تُفتح ملفات عدة “بعد اللقاء المرتقب” بين أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد برعاية روسية، مضيفاً: أبرز هذه الملفات الانسحاب التركي من شمال سورية وتسليم المنطقة تدريجياً للنظام وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
ويتابع: السيناريو نفسه متوقع في حال فوز المعارضة التركية بالانتخابات، فهي حتى قبل ذلك تحدثت عن تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد وإعادة اللاجئين. في كلا الحالتين، مصير اللاجئين السوريين واحد. أعتقد أنه ستفتح قنوات مع نظام الأسد للبحث في وضع اللاجئين عبر مرحلة زمنية ربما تستغرق سنوات
المصدر: صحيفة العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى