سياسة

تحذير عالمي من ‘‘كارثة نوويَّة’’ قد يُحدثها التَّهوُّر الرُّوسي

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب


بعد مرور أكثر من عام على الغزو الرُّوسي لأوكرانيا، العضوِّ السَّابق في الاتِّحاد السُّوفييتي وحلف وارسو بعد سعيها إلى الانضمام إلى الحلف شمال الأطلسي (النَّاتو) وتكبُّدها خسائر ماديَّة وبشريَّة فادحة وتهجير مئات الآلاف من أبنائها، يجدِّد الرَّئيس الرُّوسي، فلاديمير بوتين، تهديده باللجوء إلى السِّلاح النَّووي لحسْم المعركة لصالحه وإحكام سيطرة بلاده على الأجزاء المتنازَع عليها من أراضي أوكرانيا. فقد صرَّح بوتين مؤخَّرًا باستعداده نشْر أسلحة نوويَّة تكتيكيَّة للمرَّة الأولى منذ عام 1991م في دولة بيلاروسيا المتاخمة لروسيا وأوكرانيا معًا، والمتحالفة مع روسيا في مواجهة خصمها في المعركة، مبرِّرًا ذلك بأنَّ الولايات المتَّحدة، زعيم حلف النَّاتو والدَّاعم الأكبر لأوكرانيا في مواجهة روسيا، تفعل المثل بنشر أسلحتها النَّوويَّة على أراضي حلفائها، وبأنَّ بريطانيا تخطِّط كذلك لإرسال ذخائر من اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا.
من جانبها، دعت أوكرانيا مجلس الأمن التَّابع للأمم المتَّحدة إلى الاجتماع لمناقشة سُبُل التَّصدِّي لـ ‘‘الابتزاز النَّووي الرُّوسي’’، حيث قالت الخارجيَّة الأوكرانيَّة في بيان رسمي “تنتظر أوكرانيا إجراءات فعَّالة من قبل المملكة المتَّحدة والصِّين والولايات المتَّحدة وفرنسا لمواجهة الابتزاز النَّووي الَّذي يمارسه الكرملين”، مضيفةً “نطالب بعقد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الدُّولي فورًا من أجل هذا الغرض”. وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسيَّة (AFP)، حذَّرت الخارجيَّة الأوكرانيَّة من ‘‘العواقب الوخيمة’’ للتَّهوُّر الرُّوسي بتفعيل الخيار النَّووي في المعركة الدَّائرة منذ أواخر فبراير قبل الماضي. وكما هو متوقَّع، بادرت الولايات المتَّحدة بالتَّأكيد على الرَّفض الغربي بزعامتها للخطوة الرُّوسيَّة الأخيرة، وجدَّدت تعهُّدها بالتَّصدِّي لمحاولة روسيا إشعال حرب نوويَّة. وبرغم ذلك، أكَّد صرَّح المتحدِّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، على أنَّ الانتقادات الغربيَّة لن تثني بلاده عن خطَّة نشْر الأسلحة التَّكتيكيَّة في بيلاروسيا، مشيرًا إلى أنَّ تلك الخطوة ليست وليدة اللحظة، إنَّما معدٌّ لها منذ بداية الحرب. يأتي ذلك بالتَّزامن مع تصريح الرَّئيس الرُّوسي السَّابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الحالي، ديمتري مدفيديف، بأنَّ اعتقال فلاديمير بوتين بقرار من المحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة يعني إعلان الحرب على روسيا.

اقرأ: أهداف روسيا من الغزو وما تحقق، و متطلبات أوكرانيا للعودة للحوار مع روسيا 


ردود فعل عالميَّة تجاه استغاثة أوكرانيا بمجلس الأمن
لاقت استغاثة أوكرانيا بمجلس الأمن لحماية أراضيها من ‘‘الابتزاز النَّووي الرُّوسي’’ تأييدًا عالميًّا، حيث أصدرت العديد من الحكومات بيانات للتَّنديد بالتَّهديد النَّووي الرُّوسي والتَّعهُّد بحماية أوكرانيا. فقد أصدر الاتِّحاد الأوروبي تهديدًا بفرض عقوبات على بيلاروسيا، في حال سمحت بنشر الأسلحة النَّوويَّة الرُّوسيَّة على أراضيها. وقد صرَّح مسؤول السِّياسة الخارجيِّة للاتِّحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بقوله إنَّ “استقبال بيلاروس أسلحة نوويَّة روسيَّة من شأنه أن يشكِّل تصعيدًا غير مسؤول وتهديدًا للأمن الأوروبي”. في حين ندَّدت الخارجيَّة الألمانيَّة بالتَّهديد النَّووي الرُّوسي، واعتبرته محاولة لابتزاز الغرب وجرِّه إلى مواجهة عسكريَّة كارثيَّة النَّتائج، وهو ما عبَّرته عن الولايات المتَّحدة، كما يشير مقال لصحيفة واشنطن بوست الشَّهيرة، أوضح أنَّ زعماء حلف النَّاتو حذَّروا بوتين من مغبَّة اللجوء إلى الخيار النَّووي، وإن قلَّل مسؤولون أمريكيون بارزون، منهم منسِّق الاتِّصالات بمجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، من أهميَّة تهديد الرَّئيس الرُّوسي، الَّذي اعتبره يس بجديد ومجرَّد تصريحات فارغة، حيث قال “في الواقع، ليس لدينا أيُّ مؤشر يدل على أنَّه (يقصد بوتين) يعتزم الاستعانة بأسلحته النَّوويَّة في أوكرانيا”.

تابعنا في فيسبوك


إصرار بوتين على تنفيذ تهديده برغم الانتقادات
كما صرَّح المتحدِّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، لن تتراجع روسيا عن نشْر أسلحتها النَّوويَّة التَّكتيكيَّة في بيلاروسيا، الَّتي كانت إحدى 4 دول في العالم تمتلك صواريخ نوويَّة خلال فترة انضمامها إلى الاتِّحاد السُّوفييتي، لكنَّها أعادتها إلى روسيا عام 1996م، بعد سنوات من انهيار الاتِّحاد، بعد توقعيها على معاهدة الحدِّ من الأسلحة الاستراتيجيَّة (ستارت) ومعاهدة الصَّواريخ النَّوويَّة متوسطة المدى. وينوي بوتين نشْر منظومات إسكندر متوسطة المدى، القادرة على حمْل رؤوس نوويَّة، وتدريب القوَّات البيلاروسيَّة عليها بدءً من مطلع أبريل المقبل، برغم إجراء بيلاروسيا استفتاء في 27 فبراير 2022م، أي بعد أيَّام من الغز الرُّوسي لأوكرانيا، على تعديلات دستوريَّة تنصُّ على التزامها الحياد وعدم السَّماح بنشر أسلحة نوويَّة على أراضيها. من ناحية أخرى، شدَّد ديمتري مدفيديف، الرَّئيس الرُّوسي السَّابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي الحالي، على أنَّ اعتقال فلاديمير بوتين بموجب القرار الَّذي أصدرته المحكمة الجنائيَّة الدُّوليَّة سيكون “بمثابة إعلان حرب على روسيا”، حيث قال في مقطع نشَره عبر موقع تيليغرام “دعونا نتخيَّل الموقف، وهو بوضوح لن يحدث أبدًا، لكن دعونا نتخيَّله: الرَّئيس الحالي لدولة نوويَّة ذهب لمكان مثل ألمانيا مثلا وتم اعتقاله…ماذا سيكون ذلك؟ سيكون إعلان حرب على روسيا الاتِّحاديَّة”. ونتساءل: هل تتطوَّر الأمور على الجبهة الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة بما يُشعل حربًا عالميَّة تبرِّر هجرة يهود البلدين إلى الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى