مقابلات

زلزال تركيا يوجع أسر اللاجئين السوريين.. آثار وحلول

فريق التحرير|

أعاد فجر السادس من شهر شباط/ فبراير الذي ضرب الشمال السوري وجنوب تركيا مشاهد مؤلمةً حُفرت في رأس السوريين على مدار سنوات، عاصروا كل أنواع القتل الممنهج على امتداد البلاد، فيما اكتمل مشهد البؤس مع ساعات الفجر الكابوسي الأولى من يوم الإثنين، فبالرغم من كُل ما مر به السوريون إلا أنهم فجأةً اكتشفوا أنهم لم يعتادوا على هكذا نوع من المآسي. زلزالٌ يضرب مناطق جنوب تركيا والشمال السوري، ليمسح مدناً بكاملها ويحول أخرى إلى خراب ودمار.

بالمقابل فقد ترك الزلزال على الأسر السورية ندوباً نفسيةً صعبةً ومأساويةً، فكثير منهم أُنقذ من تحت الأنقاض بعد أن بقوا ساعات طويلةً أسفل الصخور والأتربة، ومنهم من عايش مشاهد قاسيةً بين الأشلاء وجثث أهله، ما خلّف عندهم ضغطاً نفسياً هائلاً، يضاف إلى ما تعرضوا له سابقاً من صدمات الحرب والقصف، عبر سنوات الحرب السورية.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، قد حذرت من أن أكثر من سبعة ملايين طفل (4.6 ملايين طفل في الجنوب التركي و2.5 ملايين طفل في شمال سوريا)، بحاجة إلى دعم إنساني عاجل، مطالبةً بتحرك عاجل لإنقاذهم قبل تفاقم الوضع نظراً لخصوصية الحالة وحساسيتها واحتمال أن تتجاوز الخطوط الحمراء خلال الأيام المقبلة، وقالت المديرة التنفيذية لليونسيف، كاثرين راسل، إن “الصور التي نراها من سوريا وتركيا تدمي القلب وإن وقوع الزلزال الأول في الصباح الباكر عندما كان العديد من الأطفال مستغرقين في النوم زاد من خطورته كما تجلب الهزات الارتدادية مخاطر مستمرةً”.

للوقوف على حال السوريين في تركيا وآثار ما بعد الزلزال، ولا سيما ولاية أورفة التي تحوي أكثر من 400 ألف سوري مهجر، أجرت رسالة بوست مقابلة مع المهندس “ماهر عبود” المتحدر من محافظة دير الزور السورية والناشط في مجال الأعمال الإغاثية.

بداية أستاذ ماهر..

_ كيف تمكنتم من رصد المشاكل النفسية الناتجة عن الزلزال.. وما هي الأعراض التي تم ملاحظتها؟

_ على صعيد المحيط الخاص أصبحنا نلاحظ قلقا مستمرا لدى الأفراد وردات فعل غير عادية تجاه الأصوات المفاجئة كذلك تقطع النوم أو انعدامه ليلا وامتناعهم عن النوم منفردين، كذلك انخفاض معدلات الاكل و الانهيار والبكاء دون سبب والعصبية المفرطة فيما ذكر البعض أن هناك حالات من التبول اللاإرادي كذلك البعض أصبح يطالب بمغادرة تركيا نهائياً، أما على صعيد التجمعات فقد أصبحنا نلاحظ أن الكثيرين يرفضون مغادرة الخيام والأماكن المؤمن والعودة لمنازلهم حتى لو تم الكشف عليها فهم ينامون بها ليلًا ويذهبون لقضاء حوائجهم في المنازل نهارًا.

_ هل تتوقعون ديمومة هذه المشاكل النفسية إثر الزلزال أو تطورها، خاصة أن الحادثة ليست خفيفة على الشعبين؟

_ في الحقيقة أن لهذا النوع من المشاكل حسب تجارب سابقة ديمومة و منعكسات سيئة على الأفراد والمجتمعات، إذ لا يمكن توقع تشخيصات طبية ونفسية عن وضع المتضررين نفسياً وخاصة الأطفال حالياً، أو معاناتهم بالضبط من دون النظر لتقييم نفسي اجتماعي كاملة تُنفّذ عن طريق مختص بالصحة النفسية، ومن المهم تجنّب إطلاق أوصاف وتشخيص اضطرابات نفسية خلال الفترة الأولى للحدث، بحسب توصيات متخصصي الصحة النفسية في الأزمات”.

_ هل هناك جهود مقدمة من الجهات الفاعلة على الأرض في علاج هذا النوع من المشاكل النفسية؟

_ تتركز غالبية عمليات الدعم في هذه الفترة على عمليات الإسكان والغذاء والدعم الإغاثي الضروري دون أن يكون للدعم النفسي قيمة عالية وهذا ما نود لفت النظر لخطورته، نحن كعناصر عاملين في منظمة أورانج خضعنا لدورات في الإسعاف النفسي المبدئي ولدينا أجندة للاستمرار في التدريبات والتي يقدمها أطباء مختصون و أصحاب كفاءات. فلا من التنويه أن الذين يعانون تأزماً نفسياً لو توفرت لهم الاحتياجات الأساسية، والأسرة والأشخاص الداعمة والفرصة للانخراط، يمكن أن تتجاوز غالبيتهم هذه التجربة، ويتعافوا ويعودوا إلى حياتهم وأنشطتهم الطبيعية، ويستثنى من ذلك مؤشرات واضحةً عن تعطل القدرة على القيام بالأنشطة الاعتيادية، أو عدم القدرة على النوم بشكل متكرر، أو مشكلات في تناول الطعام، أو العزلة الشديدة، أو تعثر الانخراط في الأنشطة الاجتماعية الاعتيادية.

_ ما هي رؤيتكم لشكل المساعدة والدعم التي يمكن أن تقدمها الجهات الفاعلة للتخفيف ومعالجة الآثار النفسية للزلزال على اللاجئين والمجتمع ككل؟

_ يمكن لمنظمات المجتمع المدني والجهات المعنية أن تؤمن فرق مختصة يرأسها أطباء نفسيون تقوم بتقييم حجم هذه الإصابات، وبالتالي تحال حسب درجتها إلى أطباء أو معالجين أو داعمين نفسيين، إضافة إلى استجابة العون النفسية الأولية PFA، بالإضافة إلى الدعم النفسي الاجتماعي الفردي والجماعي، وتقديم خدمات الاستشارات النفسية الفردية والإحالات لمقدمي الخدمات التي يحتاجها المستفيدون، بالإضافة إلى تعيين خطوط للإجابة أونلاين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم خدمات حماية الطفل وتوثيق حالات الأطفال المنفصلين عن ذويهم، ونشر المعلومات الأساسية حول ردود فعل البالغين والأطفال على الأزمات وحول الجوانب القانونية، وحقوق المتضررين، وتطبيق استبيانات رصد حماية الفئات المتضررة والأشد ضعفاً في المخيمات والمجتمعات المتضررة، ومهما كان حجم الإصابة يجب أن تتعاون هذه الجهات مع أسر المصابين لأن في هذه الأسر جزءًا كبيرًا من العلاج، فضلا عن وجوب امتداد التعاون إلى شيوخ الدين والأئمة والدعاة المتنورين والتنسيق معهم وذلك للدور الفاعل للدين على الأفراد والمجتمعات، من جهة أخرى يجب أن يكون هناك جهد مخصص للعوائل التي فقدت جزء من أفرادها لأنها هي الأشد تأثرا في كل الأحوال وتركيز العناية بهم.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. جزاكم الله كل خير الاخ والصديق الاستاذ ماهر على اضاءة جانب مهم من معانات اهلنا السوريين بسبب الكوارث التي مرت بهم .
    نسأل الله عز وجل الفرج العاجل والشفاء للمرضى والرحمة والمغفرة لكل من قضى نحبه بهذه المأساة.

  2. بارك الله بكم وبالاستاذ ماهر على هذه اللفتة الكريمة ونقل معاناة أهلنا وفرج عنا جميعا بهذا الشهر الكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى