وسط تثمين واسع للاتفاق السعودي-الإيراني واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. يجري موقع رسالة بوست مقابلة خاصة مع الدكتور خلدون الشريف، كاتب ومحلل سياسي لبناني حول طبيعة هذا التقارب وتداعياته على المنطقة ولبنان، إليكم حديث المقابلة:
حاورته: أورنيلا سكر
1- في أي سياق يأتي هذا التفاهم برعاية صينية ولماذا يتم التعويل عليه بشكل خاص اليوم؟
من الواضح أن توقيع الاتفاق جاء متمماً لمجموعة جولات الحوار التي عقدت في بغداد بين الجانبين السعودي والإيراني و ما عقد من جولات في عُمان أيضاً والتي أدت إلى تفاهمات حول مجموع الملفات المختلف عليها أو لنقل أغلبها. والصين هي من الدول القلائل التي تقيم علاقات ودودة وسياسية وتجارية مع إيران وفي الوقت عينه تتمتع بعلاقة ممتازة مع المملكة ولاأحد لا ينسى زيارة الرئيس الصيني للملكة حيث عقدت قمم ثلاث: صينية سعودية، صينية خليجية، وصينية عربية وكشفت عن تعاون غير مسبوق بين المملكة والصين.
ومن نافل القول أن الصين هي أكبر مستورد للنفط السعودي و كذلك الإيراني.
لذا استطاعت الصين ضمان الاتفاق بما لها من تأثير بشكل خاص على الطرف الإيراني. وبما أن أغلب الغرب لا يقيم علاقات مع إيران وعلاقاتها مع فرنسا مترجرجة و مع الولايات المتحدة مقطوعة تماماً ولما كانت روسيا متورطة منذ سنة ونيف في حرب مع أوكرانيا تصبح الصين الدولة الوحيدة القادرة على تقريب وجهات النظر بين البلدين المتخاصمين منذ ٢٠١٦ و القادرة على ضمان اتفاقهما و متابعة تنفيذه.
2-هل تنجح هذه المبادرة ؟
نجاح المبادرة مرهون بحسن تنفيذ الاتفاق لكن حظوظ النجاح مرتفعة جداً جداً كونه حاجة لاستقرار المنطقة و بشكل خاص منطقة الخليج العربي والممرات البحرية وصولاً إلى استقرار اليمن أولاً فالعراق وصولاً إلى سوريا والعراق.
وقف حرب اليمن حاجة لليمنيين أولاً وللسعوديين والإمارتيين أيضاً ولخلق بيئة استثمار مستقرة للصينيين.
والوضع في إيران نتيجة العقوبات من جهة والحصار ونتيجة القلاقل الداخلية من جهة ثانية يتطلب تخفيض التوترات مع دول الجوار.
أما في العراق البلد المجاور لكل من إيران والسعودية فالوضع الداخلي يفتقد الاستقرار بدوره ما يدفع البلدين للتفاهم حوله ومن أجله أيضاً بالتالي يصبح الاتفاق حيوياً لإيران والسعودية.
والصين تعمل بجد على الاستثمار في مشروع الحزام والطريق الذي يشمل الكثير من المشاريع في المنطقة برمتها من إيران إلى العراق فالكويت، فعمان والإمارات و طبعاً في المملكة.
3-ما هي الفرص والتحديات التي سوف تواجه هذا التقارب ؟
كل الفرص الإيجابية متاحة غير أنه من السابق لأوانه افتراض استقرار الوضع بالكامل في المنطقة, اتفاق طرفين كبيرين يسهل اتفاق الأطراف الداخلية القادرة على تعطيل الاتفاق محلياً في اليمن مثلاً أو العراق أو سوريا وكذلك في لبنان الأبعد عن هذا الاتفاق لأسباب أشرحها لاحقاً. وكذلك سيكون هناك متضررين اقليميين و ربما دوليين قد يعملوا منفردين أو بالاتحاد على تعطيل بعض مفاعيل هذا الاتفاق. لذا يجب العمل بحذر والتفاؤل بحذر و المتابعة الحثيثة أحسن التطبيق.
4- وهل تلتزم إيران بهذا التفاهم ؟
الوقت هو وحده الكفيل بتحديد التزام إيران من عدمه غير أن الظروف الموضوعية تفرض على إيران الالتزام. فصداقات إيران محدودة جداً و إذا لم تلتزم باتفاق ضمنته الصين قد تكون مرشحة لخسارة صداقة غالية ونادرة في آن.
لبنان حالة خاصة جداً جداً تحتاج لشرح وتشريح، ففي لبنان درة التاج الإيرانية وهي حزب الله الذي يعمل على طول الإقليم وعرضه من لبنان إلى فلسطين وسوريا والعراق واليمن وصولاً إلى بعض دول الخليج العربي وحزب الله قوة عسكرية إقليمية وسياسية محلية لديه كتلة من النواب داخل المجلس النيابي اللبناني ولديه حلفاء أولهم وأهمهم رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري وكتلته النيابية، إلى مجموعات نيابية موزعة على مناطق وطوائف متعددة إذا أخذنا بعين الاعتبار التباعد الحاصل مع التيار الوطني الحر صاحب الكتلة المسيحية الوازنة دون حصول طلاق كامل.
بالتالي إيران لا تحتاج للتدخل في لبنان بقضها وقضيضها إذ يقوم حزب الله بكل ما يلزم للحفاظ على الحضور والنفوذ الإيراني.
أما السعودية فلديها صداقات في لبنان بلا شك والكل يسعى للتقرب منها غير أن قوتها الكبرى تكمن برغبتها في الاستثمار في هذا البلد الواقع تحت دين وضغط وصعوبات لا حدود لها، وليس للسعودية بتقديري مصلحة بالدخول إلى لبنان إلا إذا عاد التوازن السياسي إليه ومدخل عودة التوازن هذا انتخاب رئيس غير منحاز سياسياً و تسمية رئيس حكومة إصلاحي يتحدث مع الجميع ولكن يضع نصب عينيه مصلحة لبنان واللبنانيين، يعيد ثقة العرب بلبنان ويستعيد ثقتهم.
ولهذا السبب تأثير الاتفاق ليس سريعاً لكن إذا أحسن اللاعبون اللبنانيون الاستفادة من اللحظة التاريخية يتوصلوا إلى اتفاق مقنع للعرب وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية لتعود للعمل على استنهاض لبنان.
5-أين تقف إسرائيل هذا التقارب المحتمل ؟
لا شك أن إسرائيل أول وأهم المتضررين من هذا الاتفاق فهي فقدت القدرة على المبادرة إلى ضرب إيران من جهة وفقدت اندفاع البعض للتطبيع معها خاصة مع وجود حكومة متطرفة يمينية تنكل بالفلسطينين و تشرع المستوطنات وتنقلب على القضاء في الداخل وتلقى معارضة يعتد بها وتواجه احتجاجات كبيرة و قابلة للتمدد والتوسع.
اسرائيل باتت تحتاج للعودة وقراءة المبادرة العربية لقمة بيروت ٢٠٠٢ للملك عبدالله بن عبدالعزيز (ولي العهد وقتها) والعودة لحل الدولتين، وهي أي إسرائيل قادرة على التخريب هنا وهناك غير أن الاتفاق يعزلها هي و يفك عزلة إيران وهو عكس المرتجى لدى إسرائيل وقادتها.
6– أين تقف إسرائيل هذا التقارب المحتمل ؟
لا شك أن إسرائيل أول وأهم المتضررين من هذا الاتفاق فهي فقدت القدرة على المبادرة إلى ضرب إيران من جهة وفقدت اندفاع البعض للتطبيع معها خاصة مع وجود حكومة متطرفة يمينية تنكل بالفلسطينين وتشرع المستوطنات وتنقلب على القضاء في الداخل وتلقى معارضة يعتد بها وتواجه احتجاجات كبيرة و قابلة للتمدد والتوسع.
إسرائيل باتت تحتاج للعودة وقراءة المبادرة العربية لقمة بيروت ٢٠٠٢ للملك عبدالله بن عبدالعزيز (ولي العهد وقتها) والعودة لحل الدولتين ، وهي قادرة على التخريب هنا وهناك غير أن الاتفاق يعزلها هي و يفك عزلة إيران وهو عكس المرتجى لدى اسرائيل وقادتها.
7- بالختام، كيف تقيمون على الأقل من وجهة نظركم موقف كل من الصين والسعودية المستقل عن الولايات المتحدة اليوم ؟ وما إمكانية نجاحه؟
مع بداية عهد خادم الحرمين الشريفين عام ٢٠١٥ اتضح أن للملك رؤية يمثلها ولي عهده الأمير محمد بن سلمان الذي وضع لبنة أساسية لدور السعودية ما بعد النفط ودور السعودية في توسيع مروحة الصداقات والتحالفات بما يحفظ مصالح المملكة ولقد عبر عهد الملك سلمان بجملة استحقاقات أولها حرب اليمن التي أراد من خلالها الحوثي و الإيراني حينها تهديد حدود المملكة وأمن الخليج برمته.
وبعدها حصلت هجمات المسيرات على ارامكو في أيلول ٢٠١٩ حيث لم يطمئن الأميركيون دول الخليج على الإطلاق. ثم كانت حرب روسيا واوكرانيا حيث بقيت المملكة على مسافة مقبولة من الجميع ما دفعها للقيام بوساطة للإفراج عن أسرى إلى المساعدات الإنسانية المملكة اليوم باتت لاعبًا دوليًا بارزًا ولعلها باتت اللاعب الأبرز على المستوى الإقليمي إذ أعادت تصويب العلاقات مع كل بلدان الإقليم من تركيا وصولًا إلى إيران بالأمس القريب والسعودية لديها طاقات استثمارية غير متوفرة لأي دولة في العالم و هي تريد حسن استخدام مواردها وإمكاناتها وأهم عامل للاستثمار هو الاستقرار وهذا ما تعمل عليه من موقع المقتدر..