مختارات

4 سنوات على تحرير الباغوز السورية: بيوت مهدمة وألغام

رغم مرور أربع سنوات على تحريرها، لم يطرأ أي تحسن على حياة سكان بلدة الباغوز في أقصى الشرق السوري، والتي كانت آخر جيب لتنظيم “داعش” في سورية، وتحديداً في منطقة شرقي نهر. فالبيوت ما تزال مهدمة، ومخلفات الحرب تحصد أرواح مدنيين.
وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أعلنت، في 23 مارس/آذار 2019، السيطرة على بلدة الباغوز في أقصى الشرق السوري، بدعم واسع النطاق من التحالف الدولي بقيادة أميركا. وكانت هذه القوات شنت حملة واسعة مع نهاية العام 2018 للقضاء على عدد كبير من عناصر التنظيم الذين تحصنوا مع عائلاتهم في هذه البلدة، التي تقع على بعد نحو 120 كيلومتراً جنوب شرق مدينة دير الزور. وشهدت البلدة معارك ما بين التنظيم و”قسد” التي يشكل مقاتلون أكراد نواتها الرئيسية.
ولا تتوافر إحصائيات موثقة حول عدد القتلى، لكن يُعتقد أنه قتل الآلاف من عناصر “داعش” وأفراد عائلاتهم، خصوصاً بالقصف الجوي من طيران التحالف الدولي.

اقرأ: ثلاثة قياديين لتنظيم “داعش” قتلتهم أمريكا في سوريا خلال 24 ساعة.. من هم؟


وذكرت مصادر محلية في ذلك العام أن التحالف الدولي استخدم الفوسفور المحرم دولياً لسحق عناصر التنظيم الذين رفضوا الاستسلام، وجلهم من غير السوريين. ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في 2021 تحقيقاً كشفت فيه جوانب من “المجازر” التي ارتكبت بحق مدنيين إبان المعركة الأخيرة التي شهدتها المنطقة بين قوات التحالف وتنظيم “داعش” في 18 مارس 2019. وبحسب الصحيفة فإن “مجزرة الباغوز” هي الأكبر التي يرتكبها التحالف الدولي في صفوف المدنيين في خضم حربه ضد “داعش”.
وكانت “قوات سوريا الديمقراطية” أعلنت في مارس 2019، أن 29 ألفا و600 شخص، أغلبهم من عائلات مقاتلي التنظيم، استسلموا قبل السيطرة على الباغوز بأيام، ونقلوا إلى مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي الشرقي. كما أعلنت إجلاء 34 ألف شخص من البلدة.
وتحدثت في حينه عن مقتل أكثر من 1300 عنصر من “داعش”، الذي تلاشى إلى حد كبير في شرقي الفرات عقب معركة الباغوز، التي تعد من أطول المعارك التي خاضتها “قسد” معه منذ بدء حربها ضد هذا التنظيم في سورية، عقب تأسيسها من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب أواخر العام 2015.

تابعنا في فيسبوك


“تفاؤل” بمستقبل الباغوز
ووصف الناشط الإعلامي أبو عمر البوكمالي، في حديث مع “العربي الجديد”، بلدة الباغوز بعد أربع سنوات من طرد تنظيم “داعش” منها بـ”المتفائلة بمستقبل أفضل من ماضيها القريب”.

ولفت إلى أنه “منذ تحرير البلدة في العام 2019 لم تهطل الأمطار مثل هذا العام. هناك تفاؤل لدى من بقي من سكانها بربيع يعيد لبلدتهم الحياة”. وتابع: “هناك خطوات خجولة من بعض المنظمات الإنسانية للاهتمام بالبلدة لجهة إنارة الشوارع، لكن الخدمات بشكل عام في مستوى متدنٍ”.
ولفت إلى أن منطقة الباغوز “أفضل منطقة لزراعة النخيل في سورية، ولكن لم يتم دعم مشروعات على هذا الصعيد لتشجيع الأهالي للعودة إلى بلدتهم”، مشيراً إلى أنه عاد تقريباً نصف سكانها إليها.
وأشار البوكمالي إلى أن العدد الأكبر من منازل البلدة “دُمرت أثناء عمليات التحرير، ومن ثم يجب أن يُقدم تعويض لسكان المنطقة كي يعيدوا بناء بيوتها. من دون مساعدات لا عودة للسكان في الوقت الحاضر حيث لا يملكون المال لترميم أو إعادة بناء بيوتهم”.
وبيّن أن المنطقة تعاني من مشكلة “الألغام التي زرعها التنظيم في المنطقة في سياق الحرب التي خاضها ضد قسد والتحالف الدولي”.
وأضاف: “لم تأت لجان متخصصة حتى اللحظة، سواء من قبل التحالف الدولي أو الأمم المتحدة، للتعامل مع هذه المشكلة التي ما تزال تحصد أرواح مدنيين منذ العام 2019، مشيراً إلى أن “هناك خوفا كبيرا لدى السكان من الألغام”.
وأشار البوكمالي إلى أن “لدى سكان المنطقة توجسا وخشية على مستقبلها، وخصوصاً أن المليشيات الإيرانية وقوات النظام تترصدها على الجانب الآخر من نهر الفرات”، معتبراً أن هذا الأمر يحول دون قيام رجال الأعمال باستثمار أموالهم في البلدة، لأن مصير المنطقة لا يزال مجهولاً.
وفي السياق، أوضح الناشط الإعلامي فواز المرسومي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الجزء الأكبر من بلدة الباغوز ما يزال مهدماً، على الرغم من مرور أربع سنوات على تحريرها من التنظيم”.
مقابر جماعية ومخلفات حربية
وأشار إلى أن البلدة “تضم مقابر جماعية ومخلفات الحرب، وخاصة من الألغام”. ولفت إلى أن أحوال البلدة ليست على ما يرام، خصوصاً في ظل تدني مستوى الخدمات المقدمة لسكان الباغوز والقرى المحيطة بها.
وفي حين أشار إلى أنه يتواجد في بلدة الباغوز اليوم نحو 45 ألف مدني، فإنه اعتبر أن قلة الخدمات تحول دون عودة بقية السكان الموزعين في مختلف المناطق السورية. وبيّن أن هناك بعض المنظمات الإنسانية النشطة في المنطقة، إلا أنها لا تتلقى الدعم الكافي الذي يسمح لها بتوسيع نشاطها وتنويعه.
وأوضح أن هذه المنظمات “تنشط في مجالات تعليم الأطفال ومحو الأمية ومساندة الجمعيات الفلاحية في المنطقة”. وأشار إلى أن الباغوز والقرى القريبة منها لم تشهد أي هجمات أو عمليات من قبل تنظيم “داعش” منذ تحريرها في مارس 2019.
وكان “داعش” سيطر على الشرق السوري في العام 2014، معلناً ولادة ما عُرف بـ”دولة الخلافة في العراق والشام”. لكن التنظيم بدأ رحلة تراجع كبيرة في 2016، تسارعت مطلع العام 2019 حيث انكفأ إلى البادية السورية مترامية الأطراف. لكن التنظيم ما يزال يحتفظ بخلايا نائمة ومجموعات في ريف دير الزور الشرقي الخاضع إلى “قوات سوريا الديمقراطية”، تقوم بين وقت وآخر بهجمات تطاول هذه القوات ومتعاونين معها من السكان المحليين.
المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى