اقتصاد

اﻷسعار في رمضان سيناريو وجدل مستمر منذ عقود أين وصل اليوم؟



عروة العظم/
شهدت اﻷسواق المحلية، حالة من الانفلات والغلاء اليومي في أسعار معظم المواد وخصوصاً الغذائية منها، ليعود سيناريو الحديث عن اﻷسعار في رمضان، لتصدر التقارير اﻹعلامية الموالية، والتساؤلات حول الإجراءات التي اتبعتها حكومة النظام في هذا الصدد لخفض وضبط اﻷسعار.
مبرر مكرر!
وكالعادة استخدمت الذريعة التي يتم تداولها كل “عام” ومع كل موسمٍ رمضاني، والتي يصفه نشطاء عبر وسائل التواصل اﻻجتماعي بـ”الكليشة والأسطوانة المكررة”، حيث اعتبر رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، الموالية، محمد أبو الهدى اللحام، أن ارتفاع الأسعار ليس في سورية فحسب إنما في كل دول العالم التي تشهد نقصاً في المواد الغذائية وزيادة في الطلب عليها.
وربط اللحام استقرار الأسعار بالعرض والطلب، وزعم أن كل المواد متوافرة وليس هناك أي نقص بأي مادة خلال الفترة الحالية، باعتبار أن باب الاستيراد مفتوح وهناك بضائع تصل إلى سورية.
وتوقع اللحام أن تنخفض اﻷسعار، مع توالي المساهمات الخيرية المقدمة من جمعيات خيرية واستمرار المساعدات الدولية وقيام التجار بالاستيراد.
حجة جديدة:
وعلى غير السنوات الماضية، استفاد المسؤولون الموالون، من تقديم ذريعة جديدة، ليدخل “الزلزال” في قائمة الذرائع بعد “الحصار والعقوبات”، حيث سبق أن أكد أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة، أنه بعد حصول الزلزال في سورية حصل ارتفاع في الأسعار لا يقل عن 10 بالمئة، وأضاف؛ كنا نتوقع بعد التكاتف الذي حصل بين التجار والمواطنين والمبادرات التي تم القيام بها وورود كميات كبيرة من المساعدات الخارجية أن تنخفض الأسعار لكننا لم نشهد أي انخفاض للأسف.
تعميم التموين بلا جدوى:
وعرج حبزة على التعميم الذي صدر منذ أشهر قليلة من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، معتبرا أنه انعقدت عليه آمال لخفض اﻷسعار، لكن لم يحدث انسيابية للمواد أو انخفاض ملموس في اﻷسعار، بل على العكس شهدنا ارتفاعا فيها ولم يكن هناك أي فائدة تذكر من هذه الميزة التي أعطتها الوزارة للتاجر.
يذكر أنه التعميم الصادر من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، نص على أن التاجر مسؤول عن تقديم بيان تكلفة للوزارة لبضاعته وتحديد تكاليفه مقابل قيام الوزارة بتحديد هامش الربح له دون التدخل من قبلها بموضوع تكاليف التاجر والذي كان الغرض منه انسيابية المواد وطرحها بشكل أكبر في الأسواق.
شح في المواد:
وعلى النقيض من كلام اللحام السابق، كشف حبزة بأن هناك شحا في بعض المواد الأساسية والغذائية المطروحة في الأسواق حاليا والتي تعتبر ضرورية لشهر رمضان مثل الرز والبقوليات بشكل عام والزيت النباتي والسمون بنوعيها النباتي والحيواني والتي ارتفعت بشكل يفوق قدرة المواطن الاستهلاكية، إضافة إلى الألبان والأجبان والزبدة والتي ازداد سعرها خلال الفترة الحالية بحدود 25 بالمئة، ناهيك عن الارتفاع اليومي الذي يحصل بأسعار الفروج وأجزائه.
وجرت العادة أيضا أن يمرر هذا التناقض في تصريحات المسؤولين الموالين، فيم يخص الحديث عن القضايا المرتبطة بالشأن العام، وخاصة اﻷسواق واﻷسعار.
الحكومة أحد أركان رفع اﻷسعار:
وإضافةً للمبررات السابقة، اعتبر حبزة أن الضرائب هي السبب في رفع اﻷسعار، واتهم حكومة النظام بأنها اليوم أحد أركان ارتفاع الأسعار الحاصل في الأسواق، وطالب بضرورة تخفيض الضرائب والرسوم على القطاعات الإنتاجية للمساهمة في تخفيض الكلف للمواد المستوردة والمنتجة محليا خلال الفترة الحالية على وجه الخصوص.
بشرى رسمية:
وانتهى ليبشر الشارع الموالي، مؤكدا أن الأسعار في ارتفاع متصاعد وليس هناك أي بوادر لانخفاضها خلال شهر رمضان.
الوضع حرج
واعتبر الباحث الاقتصادي الموالي، د. عابد فضلية، ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تتزايد أكثر خلال الأيام التي تسبق بداية شهر رمضان، سيضع نسبة كبيرة من العوائل السورية في وضع استهلاكي أكثر حرجا مما هو فيه.
وطالب فضلية التجار والمنتجين بتخفيض اﻷسعار مراعاة للظرف المعيشية التي يعيشها السوريون معتبرا أن هذا حق وواجب اجتماعي وإنساني وأخلاقي.
ووصف كلام فضلية بأنه بعيد تماما عن الواقع العلمي، وفق نشطاء عبر مواقع التواصل اﻻجتماعي، إذ يستحيل أن يقدم المنتج وخلال شهر كامل منتجه بسعر التكلفة أو أعلى بقليل نظرا للانهيار اليومي الذي تشهده الليرة السورية وأثرها على “استيراد المواد”.
عقلية أمنية:
بالمقابل؛ فإن هناك جملة من الإجراءات والعقوبات سيتم اعتمادها خلال شهر رمضان نظراً لزيادة الطلب على المواد الغذائية وخاصة ما يتعلق بالمواد الخاصة بالمائدة الرمضانية، تحدث عنها مدير حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية، حسام نصر اللـه.

وهو ما يراه الناس خطوة لا قيمة لها على أرض الواقع ويصفها نشطاء بالحل اﻷمني غير الناجح والذي أثبت فشله في العقود الماضية.
ارتفاع غير مسبوق:
ورغم الكلام السابق، سجلت الحلويات ارتفاعا غير مسبوق في أسعارها مقارنة بالفترات السابقة، وذلك قبيل شهر رمضان، حيث وصل سعر كيلو المبرومة بالفستق الحلبي إلى 130 ألف ليرة، وكيلو عش البلبل إلى 110 آلاف ليرة، وكيلو البقلاوة بالفستق الحلبي إلى 70 ألف ليرة، على حين بلغ سعر الكيلو من (كول وشكور) 130 ألف ليرة، و(الهريسة) بين 20 و35 ألف ليرة، أما المعمول فوصل سعر كيلو المحشو بالعجوة إلى 60 ألف ليرة، والبرازق إلى 60 ألف ليرة أيضاً، أما علبة الغريبة التي تزن 750 غراماً فقد وصل سعرها إلى 45 ألف ليرة. وفقا لصحيفة “الوطن” الموالية.
وبحسب رئيس الجمعية الحرفية لصناعة البوظة والحلويات والمرطبات بسام قلعجي فإن أسعار الحلويات الإكسترا يفوق 200 ألف ليرة علما أن سعرها في العام الماضي كان بحدود 85 ألف ليرة، أي إن الأسعار ارتفعت نحو 100 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وأرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية وخاصة المستوردة منها التي تقترن أسعارها بالدولار والذهب، فمن غير المعقول أن يشتري الحرفي كيلو الفستق بـ190 ألف ليرة ويبيع بأقل من ذلك ويخسر.
ارتفاع اﻷسعار قد يصل إلى 15%
وفي السياق، توقع رئيس جمعية حماية المستهلك، التابع للنظام، عبد العزيز المعقالي أن ارتفاع الأسعار في شهر رمضان سيزداد لنحو 15 بالمئة بعد أن ارتفعت نحو 30 بالمئة للمنتجات المحلية وإلى أكثر من ذلك بكثير بالنسبة للمواد المستوردة منذ بداية العام.
وطالب المعقالي التجار بإخراج الزكاة وتوزيعها مع بداية شهر رمضان كأحد الحلول التي تخفف من معاناة الفقراء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها المستهلك.
ودعا المعقالي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لطرح سلة غذائية تناسب حاجات المستهلك وإمكاناته خصوصا في ظل فوضى الأسعار التي نشهدها، إضافة لإيجاد تنافسية في ظل عدم قدرتها على ضبط الحالة السعرية.
واعتبر المعقالي أن الواقع أصبحت معالجته أكبر من قدرات الوزارة والحكومة داعيا إلى تخفيف الضرائب والرسوم التي يدفعها المستهلك بالنتيجة من جيبه الخاص.
كما كشف المعقالي أن البروتينات لم تعد موجودة على مائدة المستهلك بعد أن وصل الكيلوغرام من اللحوم الحمراء إلى 90 ألف ليرة وارتفع سعر كيلوغرام الفروج أكثر من 25 ألف ليرة لافتا إلى أنه حتى البيض لم يعد في قدرة المستهلك وأغلبه يشبه فيه صفار البيض بياضه بسبب قلة البروتين نتيجة التغذية السيئة.
كما كشف المعقالي بأن الغش أصبح يطول أغلب الصناعات الغذائية المنتجة محليا وأصبح أغلبها بلا قيمة غذائية، وبرر بأن بعض المنتجين يخفض أسعاره على حساب الجودة والقيمة الغذائية والمستهلك في ظل ضعف القدرة الشرائية. في تصريح لصحيفة “الوطن” الموالية.
وخلص المعقالي إلى ضرورة رفع الرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص في ظل انعدام القوة الشرائية نتيجة ضعف الرواتب والأجور، مطالباً الحكومة باجتراح الحلول المناسبة لتطبيق ذلك وليس اللجوء إلى الحلول الترقيعية. حسب وصفه.
وقفزت اﻷسعار منذ نحو أسبوع في مناطق النظام، بشكلٍ ملحوظ، وسط خشية الناس من المزيد من اﻻرتفاعات، واتهامات لحكومة النظام بالفشل والعجز.
حلقة مفرغة:
لم يتغير وضع اﻷسواق في المواسم الرمضانية في سوريا منذ عقود، والحلول دائما إسعافية أو حتى تمر ضمن عقلية أمنية كالعقوبات وفي أحسن اﻷحوال مطالبات واستجداء التجار لدفع “زكاة الأموال”، وتبقى القصة تدور في كل موسم ضمن حلقة مفرغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى