مختارات

مسلسل “ابتسم أيها الجنرال”: وطن افتراضي في عالم يتهاوى

مع انطلاق شهر رمضان تبدأ شاشة العربي 2 ومعها تلفزيون سوريا عرض مسلسل “ابتسم أيها الجنرال” من إنتاج شركة ميتافورا، سيناريو سامر رضوان، وإخراج عروة محمد، وبطولة مجموعة من الممثلين، أبرزهم مكسيم خليل، وعبد الحكيم قطيفان، وسوسن أرشيد، وريم علي، وعزة البحرة، ومازن الناظور، وفرح بسيسو، ومرح جبر.
منذ انتشار قصة العمل قبل أشهر، بدأت التكهنات على مواقع التواصل الاجتماعي حول علاقة المسلسل بالواقع السوري، ثم توسّعت التحليلات ليعتبرها البعض تجسيداً لما حصل في العراق خلال حكم الرئيس السابق صدام حسين، ومنهم من رأى أن القصة تستعيد أحداثاً ليبية خلال حكم معمر القذافي.
ولعل كل هذه الإسقاطات تعززت بعد معرفة أحداث العمل، والعقدة التي يدور حولها السيناريو. إذ نتابع خلال 30 حلقة تطور الأحداث بعد أن يفجر قائد عسكري نافذ، يعُد أيامه الأخيرة بسبب مرض قاتل، فضيحة أخلاقية في سهرة خاصة. ومحور هذه الفضيحة كشفه عن علاقات عاطفية كانت تربطه على مدار عقود بزوجات رجال نافذين في الحكم، من بينهن شقيقة الرئيس الحالي الذي ورث الحكم عن أبيه. يسعى الرئيس للملمة الفضيحة عن طريق سعيه لمصادرة كل تسجيلات فيديو اعتراف القائد العسكري خلال السهرة قبل انتشارها وبثها. تُصعّد الحادثة الصدامات العنيفة بين الرئيس وشقيقه العسكري، في رحلة السعي المدمر لتعزيز النفوذ، وإحكام السيطرة المطلقة على مقاليد السلطة، من دون أدنى مراعاة لمصلحة المواطنين.

اقرأ: عارض حكم الأسدين.. رحيل الروائي والمسرحي السوري “غسان جباعي”


لكن الشركة المنتجة، ومعها فريق العمل أكدوا بشكل مستمرّ أن أحداث المسلسل لا علاقة لها بالواقع، وأنها كتبت بشكل خيالي. وهو ما يلاحظه المشاهد سواء من الديكور أو من علم الدولة المفترضة التي تجري فيها الأحداث…
في هذا الإطار، يقول الكاتب سامر رضوان في دردشة مع “العربي الجديد” قبل بدء عرض العمل: “أتمنى أن يكون المسلسل ثمرة يستحقها المشاهد العربي، لحكاية يمكن أن تكون قابلة للتأويل، لكن لا يحق لأحد مصادرة تأويلها فهي ملك للمشاهد وحده”. ويؤكد رضوان أنه طيلة أشهر كتابة وتنفيذ العمل كان حراً تماماً في القصة والسيناريو والحوار “تخلصت من الإلهام في هذا العمل لأطرح الواقع وفق مفهوم ورؤية كاتب حر يبحث دائماً عن فضاء لأفكار أعتقد أنها ستصل دوماً”.


عن تفاعل الجمهور السوري والعربي مع العمل منذ طرح إعلانه الترويجي، يقول “أتصور أن المشاهد يتمتع بذوق رفيع في التفاعل مع قصة تحاكي الواقع، ولو كان افتراضياً، لذا أتمنى أن يجد (ابتسم أيها الجنرال) المساحة التي يستحقها في قلوب الجمهور اللبناني والسوري معاً والجمهور العربي الذي يستحق أيضاً الحرية”.

تابعنا في فيسبوك

يعوّل رضوان على توق المشاهد العربي لمتابعة دراما مختلفة خصوصاً في شهر رمضان، في ظل زحمة الأعمال التي تتشابه في أوقات كثيرة.
من جهته، لا يزيد المخرج عروة محمد كثيراً على كلام الكاتب سامر رضوان، ويحاول أن يبتعد عن الإعلام منتظرا بدء عرض المسلسل، فنجده حذراً في الإجابة حول الأسئلة المطروحة، مراهناً على الوقت كما هي الحال في مختلف أعماله.
ولعل موهبة التمثيل التي يتقنها هي وراء رسم خط تفاعلي في الأداء لجميع الممثلين في العمل نفسه.
لكن رغم اقتصاده في الكلام سبق لمحمد أن شدّد مع بدء التصوير على أن المسلسل درامي، ولا ينتمي إلى فئة الـ”دوكيودراما” أو الوثائقيات، مضيفاً أن “العمل الوثائقي هو تاريخ يُسمّي بشكل مباشر شخصيات بحثه وعمله، بينما العمل الدرامي يفعل ذلك بطريقته الفنية الإبداعية عبر الكلمة والصورة والموسيقى والضوء والديكور”.
وأكّد المخرج حرصَ فريق العمل على تقديم ما يحترم عقل المشاهد العربي من خلال نقل تفاصيل مجتمعه، وما يدور فيه من مشكلات وقضايا تؤثر بشكل مباشر على حياته، فالصورة التي يُقال إنها بألف كلمة، يجب أن تنقل الموقف والحال.
لكن ما الذي ينتظر المشاهد فعلياً في هذا المسلسل؟ خط متصاعد من الأحداث الدرامية، التي لا تكتفي بمهمة الترفيه والتشويق فقط، بل تحمل معها قصة متماسكة على صعيد تطور المشاهد وتطور الشخصيات، وهي ميزة طبعت بها أعمال الكاتب سامر رضوان الذي أثبت عبر السنين قدرته المبهرة على صناعة الأحداث وتطوراتها كما كانت الحال في أعماله السابقة مثل “ولادة من الخاصرة” (2011)، و”دقيقة صمت” (2019)، و”لعنة الطين” (2011).
في التصريحات الصحافية التي تلت بدء التصوير، قال مكسيم خليل إن العمل هو الأجرأ على الإطلاق في مسيرته الفنية، مشدداً على تمتعه بخاصية مُفتقَدة حالياً، وهي “حرص الفن على تقديم رسالة إنسانية معتبرة إلى جانب الترفيه”، ويشير إلى ميزة أخرى للعمل، تتمثل في صناعته “بعيداً عن مقصّ الرقيب”، ما يعني “تحرره من القيود السلطوية، وتمتّعه بالقدرة على تقديم دراما حقيقية غير موجّهة، وبلا مواربة”.
وعن تجسيده شخصية حاكم البلاد “الديكتاتور”، يقول إنه “غاص في الدور من جوانب عدة، من الشكل، إلى طريقة التفكير، وأسلوب الحركة، والفعل وردّه”، لافتاً إلى “أهمية تقديم مثل هذه الشخصيات في الدراما بعيداً عن الهالات العجائبية والتقديس”.
في المؤتمر الصحافي الخاص بإطلاق برمجة رمضان على شاشة العربي 2، توقع المدير التنفيذي للقناة إلياس خوري أن يحجز العمل مكانة خاصة عند المشاهدين في موسم رمضان 2023، بسبب جرأته في الطرح، وتميز النص والإخراج وأداء التمثيل، إلى جانب القصة المتفردة وغير المستهلكة في الدراما العربية. وهو أيضاً ما تراهن عليه “ميتافورا” في واحد من أكبر إنتاجاتها الدرامية، إذ قالت إدارة الشركة إن إنتاج “ابتسم أيها الجنرال” “يندرج ضمن خطة رسمتها شركة ميتافورا للإنتاج الفني، يُراد منها التميّز والارتقاء بمضمون الدراما العربية، وذلك على درب تجاربنا الإنتاجية التي وصلت في وقت وجيز إلى العالمية”.
ساعات إذاً ويبدأ شهر رمضان ويبدأ عرض “ابتسم أيها الجنرال” لينقل الدراما الرمضانية الواقعية إلى مكان آخر أكثر قرباً من المشاهد الرمضاني، من دون أن يتخلي عن بعده الخيالي الفانتازي الذي ظهر واضحاً في الإعلانات الترويجية للعمل.

المصدر: صحيفة العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى