دين ودنيا

الهدي النبوي في رمضان

طريف مشوح

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب


لما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف مالهذا الشهر من فضيلة ميزه الله بها على غيره من الشهور ،لذا كان له صلى الله عليه وسلم برنامجا مليئا بالطاعات والقربات.
فقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر في هذا الشهر من أنواع العبادات،فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان  وحينها يكون عليه الصلاة والسلام أجود بالخير من الريح المرسلة ،وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان ،يكثر فيه من الصدقة والإحسان وبر الفقراء والعناية بالمساكين وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من تلاوة القرآن ،والصلاة والذكر والاعتكاف.
وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور ، و ربما واصل الصيام يومين أو ثلاثة ليتفرغ للعبادة ، وينهى أصحابه عن الوصال – مواصلة الصيام لاكثر من يوم –  فيقولون له : إنك تواصل ،فيقول : ( إني لست كهيئتكم ، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ).
وكان عليه الصلاة والسلام يحث على السحور ،قال : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) وكان من هديه تعجيل الفطر وتأخير السحور ،فأمّا الفطر فقد صح عنه من قوله ومن فعله أنه كان يعجل الإفطار بعد غروب الشمس وقبل أن يصلي المغرب ،وكان يقول (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) كما في الصحيح ،وكان يفطر على رطبات ،فإن لم يجد فتمرات ،فإن لم يجد حسا حسوات من ماء ،وأما السحور فكان يؤخره حتى ما يكون بين سحوره وبين صلاة الفجر إلا وقت يسير ،قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
وكان يدعو عند فطره بخيري الدنيا والآخرة. وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع الجهاد في رمضان بل إن المعارك الكبرى قادها صلى الله عليه وسلم في رمضان منها بدر وفتح مكة حتى سمي رمضان شهر الجهاد.
وكان يصوم في سفره تارة ،ويفطر أخرى ،وكان يخيَّر أصحابه بين الأمرين، وكان يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله ، وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنا في سفر في يوم شديد الحر ، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة .
وخرج عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان ،فصام حتى بلغ كُراع الغميم ، فصام الناس ،ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ،ثم شرب ،فقيل له بعد ذلك : إنّ بعض الناس قد صام ، فقال : ( أولئك العصاة أولئك العصاة ).
وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ليتفرغ لذكر الله ومناجاته ، وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يومًا .
وكان إذا دخل العشر الأواخر أحيا ليله وأيقظ أهله وشد مئزره مجتهدًا ومثابرًا على العبادة والذكر .
اللهم اجعلنا من أتباع حبيبك ونبيك محمد صلى الله عليه والسائرين على دربه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى