منوعات

السير إلى الله تعالى

د. محمود خليل

أكاديمي ومفكر مصري
عرض مقالات الكاتب


السير إلى الله ،هو قطع عقبات النفس ،ومحو ٱثارها،وتجاوز أوضارها،وترقية طبيعتها،وترقيق جبلتها،حتى تتطهر من ذلك العفث والرفث ،وتحصل للعبد أهلية القرب،ويقف على أعتاب الحب ،ويسير ٱمنا إلى حقيقة مراده، وطهارة زاده، ونور إمداده

ولولا مقامات هذا السفر القاصد،ماتحقق للسير والسلوك ملتقى،ولا للسائر السالك مرتقى
“والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”
ولكن ؛كيف والحق جل وعلا أقرب إلى العبد من نفسه ؟! فالنفس هي الحجاب الأعظم مابين العابد والمعبود!

وبيان ذلك ؛أن الحق جل وعلا ، قد خلق الإنسان في أحسن تقويم ، وأتم تسويته على أعدل عدل،وأحسن تصوير ،وأقوم تسيير وجعل بنيته منطوية علي أسرار وأقدار جميع الموجودات علوية وسفلية، لطيفة وكثيفة،مسيرة ومخيرة،فصار العبد بذلك روحانيًا٠٠جسمانيًا٠٠أرضيًا٠٠ سماويًا ٠٠٠
ولذلك يقال له: (العالم الأصغر) وفيه تتجلي الظواهر والسرائر،كما قالوا:
دواؤك فيك٠٠وماتشعر
وداؤك منك٠٠٠وماتبصر
وتزعم انك جرم صغير
وفيك انطوى العالم الأكبر
فأنت الكتاب المبين الذي
على وجهه يظهر المضمر

لذلك؛ كان الإنسان وسيطًا بين الملك والملكوت ،والغبب والشهادة ٠٠والظلمة والنور٠٠ والظل والحرور
وهو الجوهرة المضمرة،التي تحويها صدفة الكون الظاهرة،فالله قد خلق الأشياء لأجلك أيها الإنسان ،وخلقك لأجله،٠٠فما غرك بربك الكريم ،المنان الحليم
“إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون”

فلا تنشغل بما خلقه لك ، عما خلقك له قال عز من قائل:” ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ،ورزقناهم من الطيبات ،وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا” (الإسراء ٧٠)

كان ذلك ، لكي لايستفرغ العبد السائر نفسه في التسخير،ويفزع المنيب السالك إلى أبواب اللطيف الخبير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى