مقالات

مذكرة توقيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

في كل يوم بل وفي كل ساعة ،اقرأ أو أسمع عن العهر الدولي الذي يمارسه قادة العالم من السياسيين من موسكو إلى واشنطن ،مرورًا بعواصم أوربية ، فمنذ انطلقت احتجاجات الشعب السوري الأبي ،في سورية من أيام المرجوم حافظ الأسد ،ومارافقها من جرائم ضد الإنسانية وعمليات إبادة جماعية ،ومجازر وتهجير قسري ،تستر عليها ما أطلق عيه زورًا ( المجتمع الدولي ) وتقدمت دول الخليج ( العربية) لتضخ مليارات الدولارات إلى خزينة المجرمين آل الأسد لمساندتهم في جرائمهم ،وطبعًا لم تنس هذه الدول دورها في تفريغ الساحة السورية من قياداتها ( لخوفهم ) عليهم من التصفية.
ولقد راع هذا المجتمع الدولي أن ينطلق الشعب السوري البطل في احتجاجاته بمواجهة (هذا الشاب) الذي يحمل شهادة طب وقد تزوج بهذه السيدة ( المتألقة ،المتأنقة) التي تظهر في الحفلات واللقاءات،تمامًا وفق قواعد ،المجتمعات الغربية ،فكيف يثور هذا الشعب ضد بشار الأسد وهو بهذه الصفات ؟!ومضت السنة الأولى لانتفاضة شعبنا في ثورة سلمية حملت شعارات الوحدة الوطنية ( الشعب السوري واحد واحد ) فكان رد هذا الشاب أن نشر ثلاثة آلاف دبابة في المدن والبلدات المنتفضة ،وأمر الجيش بقمع الاحتجاجات السلمية بكل وسائل القتل والاعتقال والسحل ،ودفع شعبنا في السنة الأولى ٢٠١١ الآلاف من الشهداء والمعتقلين ،وبدأت قوى القمع تمارس أخس وأبشع الجرائم بحق بناتنا ونسائنا في محاولة لوأد الاحتجاجات ،وتدخلت روسيا بوتين من البداية لتعرب عن عزمها دعم بقاء عصابة السفاح الأقلوية ضد الأكثرية من السوريين ،كما بدأت خطتها تعطيل مجلس الأمن لمنعه من اتخاذ أي قرار لصالح الشعب السوري ،، مصدر السلطات ،، ولتمكين عصابة الحكم من التنكيل به وقتله وتهجيره ،ثم فشلت جهود دولة ملالي ولاية السفيه وميليشياتها من القضاء على ثورة شعبنا ، فتدخلت روسيا بوتين عسكريًا في الصراع بين الشعب وبين عصابة الحكم التي فقدت شرعيتها مع الثورة ، واستعملت القوات الروسية بمواجهة ثورة شعبنا العديد من أسلحتها الفتاكة ،كما صرّح مسؤولوها العسكريون،ولم تسلم من الاعتداءات الروسية ،المستشفيات والمساجد والمدارس ،ومنازل المدنيين ،وبلغ عدد الاعتراضات الروسية ( الفيتو) في مجلس الأمن ست عشرة مرة ،ومع ذلك لم تذهب أية دولة من الدول الدائمة العضوية إلى الهيأة العامة لاتخاذ قرار في الشأن السوري على غرار القرار الذي اتخذ في مسألة الكوريتين تحت بند (الاجتماع من اجل السلم) وعطّل بوتين مجلس الأمن بتنسيق تام مع صنوه الإدارة الأمريكية، ومارس خلال تدخله العسكري غير المشروع ،في سورية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ،وكل ذلك ثابت بإقرار دول غربية ،ومع ذلك لم يأبه المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرة توقيف بحقه، وليس أبلغ من مشاركة بوتين عصابة الأسد بجريمة التهجير القسري لملايين من المدنيين من شعبنا الذين هربوا من سياسة الأرض المحروقة التي مارستها قوات بوتين.
لقد غضّ المجتمع الدولي الطرف عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ،وجريمة التهجير القسري بحق قسم من الشعب السوري الذي هرب من الجرائم الأخرى التي مارسها جيش بوتين بمشاركة كل من جيش عصابة الأسد والميليشيات الإيرانية ،من مجازر وتصفيات جماعية وقتل على الهوية،واستهداف للمنشآت المدنية من مشاف ودور عبادة ومدارس ومراكز تسوق ،ودور مدنيين.
كل هذه الجرائم لم يلحظها المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية ،فيصدر مذكرات توقيف بحق رأس عصابة الحكم في سورية ،بشار الأسد وأعوانه ،وبوتين وضباطه ،وخامنئي المعمم رأس الفساد في سلطة المعممين الفاشية في إيران،رغم وجود ثلاثة ملفات قدمتها إلى مكتب المدعي العام للمحكمة ،كلها تحوي المسوغات القانونية ، لمباشرة التحقيق .فهل سمع أحد بمقدار من العهر الدولي والإقليمي ،أبلغ من هذا العهر ؟!
إنّ ما ارتكبه المجرم بوتين في أوكرانيا -مع رفضنا له- لا يقارن بما ارتكبه في سوزية بالتواطؤ مع ما يسمى (المجتمع الدولي).
أيها السوريون، انتبهوا لما يحاك لكم ،واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا.
وسيروا بإذن الله إلى النصر.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سَلِمَت يَمِينُك يا أُسْتَاذُ هَيْثَمُ على هذا المقالِ الرائع ، و هذا تعليقي المتواضع عليه:
    يوجد لدينا شعبٌ مظلومٌ مقهورٌ تواجِهُهُ – حالِياً- خمْسةُ قُوى ” رَئيسٌ مَغْرورٌ ، وَكِيلٌ مَأْجورٌ ، عَمِيلٌ مَأْمُورٌ ، أَجيرٌ مَسْعورٌ ، مُمَوِّلٌ مَجْرُورٌ ” . ليس المقصود بالرئيس المغرور بشار و إنما الاستعمار الفرعوني الذي انتزع من بُلدان الاستعمار القديم “بريطانيا و فرنسا” مناطق سيطرتهما ، و بدأ كابوسه في سوريا في 8 آذار/مارس عام 1963 و أحكم سيطرته في نهاية عام 1970 و استمر حتى يومنا هذا .
    نتيجةً لانتصار هذا الاستعمار في الحرب العالمية الثانية و بسبب إهلاكه هيروشيما و ناجازاكي ، فقد خاف منه الأنذال من أشباه الرجال في بلاد كانت كبرى و ارتعب منه الطراطير النواطير في بلاد العالم “الثالث عشر” فانتفخت عنده الأنا و استكبر و زادت عنده العنجهية.
    إنه استعمار جائر لا يطيق أن برى ندَاً أو منافساً له و لا يريد أن يتقدَم أحدٌ فيمتلك قُدراتٍ ذاتيةٍ باهرةٍ ، و لقد عاد في رؤيته إلى المقولة المتهافتة أيام الرومان “روما سادة و ما سواها عبيد” . هذه النظرة الفوقية المتعالية هي أشدَ وطأة على بلاد المسلمين و خاصة العرب .
    للاختصار ، سوف أقفز عن فترة الحركة التخريبية تحت زعامة حافظ التي استمرت 30 سنة ، و انتقل إلى الوريث القاصر الذي لا أظن أنه يفقه شيئاً في الطب العام أو طب العيون . بعد أن أعطته مادلين المنصب عام 2000 ، استمر مسلسل التخريب حتى انطلقت ثورة شعب سوريا المباركة في مثل هذا الشهر عام 2011 و كانت مطالب الشعب واضحة “حرية ، كرامة ، عدالة” لا أكثر و لا أقل .
    أمر الاستعمار الفرعوني بشار بأن يسحق الشعب بدون هوادة أو رحمة أو شفقة و تطورت الأمور لاستعمال كل ما في جعبة جيشه المسعور من أسلحة ففشل هذا الجيش ، فأمرت عميلها بأن يُدخِل مليشياته إلى سوريا وكانت البداية من حزب إيران في لبنان ثم تبعته حوالي 60 مليشيا تابعة لإيران مع حرس ثوري و باسيج لكن هؤلاء خابوا و خسروا و وصل الثوار الأحرار إلى مشارف قصور بشار في صيف 2015 .
    لم يكن بوتين ليقيم وزناً لكل طراطير العرب و الفرس ، و ما تدخل سوى بعد أن طلبت الإدارة الأمريكية منه إدخال الجيش الروسي في سوريا باتفاق مكتوب بين أوباما/كيري و بوتين/لافروف و هذا ما كشف عنه مساعد نائب وزير الدفاع الأمريكي “أندرو أكسوم” في محاضرة شهيرة موثقة أمام الكونغرس الأمريكي و أكَد عليه رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دوفلبان. أطلق هؤلاء يد الروس كوكيل بالأجرة ليرتكب أبشع الجرائم ، و كان مؤلماً أن تمويل نفقات هذا الجيش على عاتق سفهاء الأعراب بالأمر الفرعوني . كان أوباما يضغط على الأوربيين لقبول الغزو الروسي لسوريا وغض الطرف عنه مهما فعل بعد أن احتج بعضهم على إعطاء الروس شيكاً على بياض.
    لو كان هنالك عدْلٌ ، لطلبت محكمة الجنايات الدولية عيَنات من الأطراف الخمسة و ليس فقط الوكيل المأجور لكن البقية هي أدواتٌ للاستعمار الفرعوني و بالتالي “توسَط” الاستعمار إلى المحكمة أن تتركهم طلقاء و من هنا نفهم لماذا أن بشار في إطلالاته الأخيرة كانت تبدو عليه طمأنينة .
    لا تُوجد مشكلة ، حيث حين يتوقف قاضي الأرض عن النظر في قضية عادلة أو يظلِم فيها … تنتقل القضية إلى قاضي السماء مالك المُلْك ، و ربَ العالمين – الذي يعلم السرَ و أخفى – عقوباته أشد و أنكى من عقوبات هذه الدنيا الفانية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى