اقتصاد

الزراعة في سوريا نهاية ستمهر بخسائر مالية لا محالة!



عروة العظم/
عاد ملف “انهيار القطاع الزراعي” في مناطق النظام، إلى واجهة عناوين الصحف المحلية الرسمية الموالية، كأحد مؤشرات مختلفة ومتعددة على “انهيار النظام السوري.
غياب التنسيق:
واتهم الدكتور في علم الاقتصاد سنان علي ديب، وزراة الزراعة التابعة للنظام، واصفًا دورها بـ”الغائب” عن وضع الخطط، الأمر الذي بات مكشوفا للجميع، يضاف لذلك عدم تزامن الخريطة بين الاستيراد والتصدير، لنجد أن كل تصدير يكون على حساب حجم المعروض في السوق، وكل استيراد لا يراعي إنتاج الفلاح، وينعكس على التكاليف وبالتالي الخسارة.
واعتبر ديب، أن هناك ضعف في التنسيق وعدم التكامل والتقاطع ضمن خطة التصدير مع الخريطة الزراعية نفسها.
انعدام الحلول:
وأضاف ديب؛ “لنجد في الوقت نفسه انعدام الحلول وانكفاء محاولات تشجيع الفلاح ودعمه، بموازاة التضخم ورفع الأسعار للمواد الأولية ومحاولات تثبيط الهمم بالتهويل والشائعات، فالخطط إن كانت واقعية يكون التنفيذ غير واقعي، يرافقه عدم المتابعة والاختناقات بتشجيع الاستيراد، ما يقضي على الفلاح ويزيد من نسب التصحر”.
المناخ والفلاح هما السبب:
وتنصلت وزارة الزراعة من مسؤولياتها على لسان مدير السياسات الزراعية في الوزارة، رائد حمزة، الذي حمّل المناخ سبب التراجع، كما اتهم الفلاح بالمسؤولية عن إنعاش القطاع الزراعي!
القطاع الحيواني خاسر أيضًا:
وانتقلت صحيفة “تشرين” الرسمية الموالية، في أحد تقاريرها من ملف “الزراعة” إلى ملفٍ قريبٍ منه، والذي يتعلق بانهيار “الثروة الحيوانية”، واعتبرت الصحيفة أنه؛ “وبالنظر لتكاليف القطاع الحيواني، سنجد أن تكاليف العلف وحده جعلت المربين يلجؤون لبيع القطعان، اﻷمر الذي اعتبره الخبير التنموي أكرم عفيف مؤشرًا على؛ “انتهاء قطاع التربية الحيوانية”.
حلقة مفرغة:
واعتبرت صحيفة “تشرين” أن ما يعيشه قطاع الزراعة اليوم أشبه بالدوران في حلقة مفرغة، ليس بإمكان أحد الهروب منها، سوى للتفكير بحلول تقي الفلاح تبعات هذا التراجع الذي بات ملحوظاً في قطاع الإنتاج الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، الذي يشكل أساس السلة الغذائية لبلد عُرف منذ الأزل بأنه زراعي بامتياز.
شلل الزراعة في السويداء:
كما أدى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي بدءًا من البذار وانتهاءً بأجور الحراثة، إلى شلل عجلة العملية الزراعية في محافظة السويداء، خاصة بالنسبة للخضار بشقيها الشتوي والصيفي، وتحول عمل المزارع إلى مغامرة مادية لا أكثر، لكونها لم تعد تحقق الريعية الربحية المرجوة منها.
ولعل المشهد السابق، ترك الباب مفتوحًا على خيارين أحلاهما مرّ، أمام المزارعين، باعتراف صحيفة “تشرين” الرسمية الموالية، فإما الإحجام عن زراعة أراضيهم، وبالتالي تركها بورًا، وإما “المجازفة” مادياً وزراعتها، وتَحمل تلك التكاليف المثقلة لكاهلهم، والتي سينتج عنها في نهاية المطاف ديون مالية من المحتمل أن يقفوا عاجزين عن سدادها في نهاية الموسم.
اﻷرقام تتحدث:
وتؤكد بيانات وإحصائيات رسمية أن أسعار مستلزمات الإنتاج أصبحت تساوي أضعاف المبيع في سوريا.
حيث وصل سعر ظرف بذار البندورة إلى نحو 300 ألف ليرة يكفي لزراعة دونم واحد فقط، وسعر ظرف بذار البطيخ نحو 250 ألف ليرة، فيما عدا أجور الفلاحة التي وصلت إلى 50 ألف ليرة للدونم الواحد، ولتأتي أسعار الأسمدة التي ارتفعت مؤخرا “لتزيد في طنبور الغلاء نغماً”.. حيث وصل سعر طن اليوريا في الأسواق المحلية إلى 6 ملايين ليرة، إضافة لوصول سعر المتر المكعب من السماد العضوي إلى نحو 450 ألف ليرة، ولتبقى تكاليف اليد العاملة وأجور النقل التي حلقت هي الأخرى بشكل غير مسبوق وأصبحت تحتاج إلى ميزانية مالية كبيرة ولاسيما بعد أن وصلت أجور السيارات الناقلة للإنتاج من السويداء إلى سوق هال مدينة دمشق إلى نحو 600 ألف ليرة، عدا عن الكمسيون الذي يتقاضاه القائمون على السوق من الفلاحين.
ويجمع محللون أن الدعم المقدم من وزراة الزراعة واتحاد الفلاحين التابعين للنظام، ما زال بعيدًا عن المزارعين كل البعد.
دعم وفق اﻹمكانيات:
وتكشف تصريحات المسؤولين الموالين، مقدار العجز الذي تعيشه حكومة اﻷسد، واﻹقرار به، حيث يؤكد معاون مدير زراعة السويداء علاء شهيب، أن الدعم الزراعي يتم وفق الإمكانات المتاحة، وأولوية توزيع السماد حالياً هي لمزارعي القمح، ومن ثم لمزارعي الأشجار المثمرة والخضار!
الكرة في ملعب المزارعين:
وكما هي العادة، تنصل شهيب من المسؤولية ورمى الكرة في ملعب الفلاحين واتهمهم بقوله؛ “إن توزيع مادة المازوت لزوم تشغيل المولدات الخاصة بالآبار الزراعية، يتم وفق الخطة الزراعية المقررة فهناك الكثير من الفلاحين يتجاوزون الخطة، وبالتالي ليس من أحقيتهم الحصول على مادة المازوت”.

الخلاصة:
ويشهد القطاع الزراعي والحيواني انهيارًا واضحًا في مناطق النظام، تزامن مع غياب رؤية إصلاحية وصعوبة في تأمين الطاقة والسماد والعلف، بالتالي ارتفاع تكاليف اﻹنتاج.
وأدى هذا الواقع إلى انعكاسات سلبية على المزارعين و المستهلكين في آن واحد، فزيادة تكاليف الإنتاج الزراعي ستؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات الزراعية سواء الخضار أو الفواكه في السوق المحلية.
بالمحصلة؛ القول الفصل في ملف الزراعة أن النهاية ستمهر بخسائر مالية لا محالة، حتى زمنٍ بعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى