دين ودنيا

الحياء ومكانته في الإسلام

طريف مشوح

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

الحياء من الحياة:
لقد عرّف “الفيروز إبادي” الحياء في البصائر، بأنه “انقباض النفس عن القبائح وعن التفريط في حق صاحب الحق”.
و”الحياء” لغة: الحشمة وضدها الوقاحة، وقد حيي منه حياء واستحيا واستحى فهو حيي وهو الانقباض والانزواء.

واصطلاحا: هو انقباض النفس من شيء وتركه حذرا من اللوم فيه.
وقال ابن حجر (الحياء خلق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق).
كما عرف الجرجاني الحياء في التعريفات بأنه: انقباض النفس من شيء وتركه حذرا من اللوم فيه.
وهما نوعان نفساني وإيماني،
فالنفساني هو: حياء فطري غريزي كالحياء من كشف العورة مثلاً.
والإيماني هو: الحياء الذي يمنع العبد من ارتكاب المعاصي حياء من الله تعالى الذي يسمع كل شيء ويراه.


للحياء منزلة عظيمة في الإسلام وهو من الصفات الإسلامية الحميدة التي تجمع كل صفات الخير التي تدفع بالإنسان إلى فعل كل أمر حسن، وتبعده عن كل أمر قبيح، وهو يشكل شعبة من شعب الإيمان كما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون، شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ،والحياء شعبة من الإيمان).

وهو خلق الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام: {إن لكل دين خلق، وإن خلق الإسلام الحياء}. (الموطأ وسنن أبن ماجه).
والحياء صفة مقرونة بالإيمان فإذا وجد الحياء وجد الإيمان وإن غاب الحياء غاب الإيمان، ولا يأتي الحياء إلا بخير، بل ربما يكون هو الخير كله.
وما كان الحياء في شيء إلا زانه، كما أخبرنا بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- والذي أخرجه الترمذي يقول عليه الصلاة والسلام: (ما كان الفحش في شيء إلا شأنه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه).

لقد جاء في الصحيحين، أن الرسول عليه الصلاة والسلام مر على رجل يعاتب أخاه في الحياء، يقول الرجل لأخيه: إنك لتستحيي وكأنه يقول قد أضر بك، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (دعه فإن الحياء من الإيمان).


وفي حيائه صلى الله عليه وسلم، يقول الصحابي أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه).

تابعنا في فيسبوك

وقد عرفه البعض بأنه خلق رفيع لا يكون إلا عند من كان عزيز العنصر نبيل الخلق وكريم الأصل.
وقد شجع الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه على الالتزام بخلق الحياء فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه كما ورد في سنن الترمذي ومسند أحمد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله حق الحياء)، قال: قلنا يا رسول الله أنا لنستحيي والحمد لله قال: (ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى وتتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك استحيا من الله حق الحياء).

والحياء من صفات الأنبياء والمرسلين بل هو صفة من صفات الله جل جلاله. ففي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي وغيرهم، من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفر خائبتين).
وهو خلق جميع الأنبياء والمرسلين منذ آدم -عليه السلام- فقال صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

وقد ربط الرسول عليه الصلاة والسلام بين الحياء والإيمان، فقد أورد البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحياء والإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر).
وهكذا نجد أن الحياء يحث في جوهره على ترك القبيح من القول والفعل ويمنع التقصير في حق صاحب الحق ويدعو المتصف به للبعد عن الرذائل، وفعل المحرمات وإتيان المنكرات.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كما روى ابن عباس: (خمس من سنن المرسلين: الحياء والحلم والحجامة والتعطر والنكاح).
وعد الرسول عليه الصلاة والسلام الحياء الدين كله عندما قال بعض الصحابة إن الحياء من الدين فقال عليه الصلاة والسلام (بل هو الدين كله).

والحياء خلق يحبه الله فقد جاء في الحديث الشريف الذي أورده النسائي عن يعلى بن أمية: (أن الله حيي ستير يحب الستر والحياء فإذا اغتسل أحدكم فليستتر).
وقال حذيفة بن اليمان في فضل الحياء: (لا خير في من لا يستحي من الناس).
ويجب ألا يمنع الحياء الإنسان المسلم من طلب العلم والاستفسار عن أمور حياته الدنيوية والشرعية كما ورد في حديث أم سليم الأنصارية، “اللهم جملنا بأخلاق الإسلام واجعل لنا نصيبا منها…”
اللهم لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الحديث بصيغته السليمة هو كما يلي وليس كما نشر في الاعلى:
    (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضعا وستين شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان).

    1. الحديث بصيغته السليمة هو كما يلي وليس كما نشر في الاعلى:
      (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى