فنجان سياسي

تأملات سريعة بين الزلزال والثورة السورية


فراس العبيد/
تجوب الساحت منذ ساعاتٍ مبكرة، رايات الثورة، يحملها أطفال وشباب، في إدلب العز، إحياءً لذكرى “الثورة السورية ضد النظام النصيري” وعلى رأسه “بشار اﻷسد”، دفعتني إلى الوراء قليلاً، ما بين حدثين.
وأسوق في الذكرى هذه، تلك اللحظات التي هتفنا فيها ﻷول مرةٍ وكسرنا حاجز الخوف، لنجد أنفسنا بعد 12 سنة، نرجع إلى ما وراء الحاجز ذاته، مع فوارق بسيطة لا تكاد تذكر، فمن خشية أمير الجماعة الفلانية، إلى الخوف من قائد فصيل آخر، من تلك الجماعات التي حرفت البوصلة، للأسف، وساد على إثرها صمت الغيورين، مخافة البطش.
وقبيل كرى الثورة بشهر واحد، تهتز اﻷرض وترتجف من تحت أقدامنا، لنصحو فجرًا على مشهد الكارثة، حين حصد زلزال 6 شباط/فبراير 2023 آلاف الأرواح.
بالمختصر ما بين حدثين عظيمين، “تبين في الزلزال أن البنيان البسيط آمن من البنيان الشاهق غير المبني على أسس صحيحة، وأنه كلما ارتفع البنيان بلا أسس كان سقوطه أسرع ودماره أشد، وهكذا الأمم والجماعات، فمن أراد رفع البناء فليحسن وضع القواعد وإلا فلا”. كما يقول أحد الشيوخ في المحرر.
إن المشكلة تكمن في بناء الجماعات المجاهدة، أو حتى الثورية، التي انشغلت في رفع البناء دون أعمدة، واشترت الرخيص من كل من هب ودب، وبالرهن أو اﻻستدانة، فوجدت نفسها “عارية” أو “مرهونة”.
ويجول في ذهني سؤالٌ ربما بل حتمًا سيردده جيلٌُ جديد، “ما جدوى إحياء ذكرى الثورة؟”.
واﻹجابة على بساطتها دقيقة تحتاج اﻻنتقال من “الرقص” في الطرقات، والتمايل في الساحات، بين “الذكور واﻹناث”، وأقول “الذكور” وإﻻ فإن الرجولة عمل شاق، يحتاج إلى عزيمة وهمةٍ عالية، نحتاج للانتقال إلى “فتح الجبهات” وتحقيق المستطاع من أهداف الثورة، مع علمنا أنّ الرحلة “طويلة”، وأن علينا واجب تحكيم شرعة الله تعالى، وتحرير الأرض واستنقاذ الأسرى وكفالة أسر الشهداء كفالة تغنيهم عن دناءة بعض المنظمات وشروطها الآثمة، وإعزاز المجاهد وكفايته وسد فاقته، وكم نسمع ونرى من مجاهدين مرابطين على الثغور أرهقتهم الفاقة والحاجة، واﻹمعات يلهون بالموﻻت الحمراء والصفراء.
ومن أهداف الثورة إحياء شعارها اﻷول، عمليًا، في نشر العدل ورفع الظلم والكف عن أكل أموال الناس بالباطل، وكذلك تحقيق شعارها الرئيس “قائدنا للأبد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم”، وهذا اﻷمر لا يكون دون السير على هدايه صلوات الله وسلامه عليه، واتباع أمره وكذلك وقبل كل شيء “العمل وفق ما أمر به ربن تبارك وتعالى”، بنشر المعروف والأمر به وحرب المنكر والنهي عنه، وليس باختلاط الرجال بالنساء في المظاهرات وسماع الأغاني الثورية التي تخالطها الموسيقى، والرقص والتخنث فهو خذلان للثورة واهتمام بقشور زائفة… عافانا الله وإياكم.
وللتذكير فإن الشيخ سليمان العلوان، فك الله بالعز قيده، وفرج عنه، يقول؛ “المسلمون اليوم بحاجة إلى أموالكم وإلى صدقاتكم، فإنه لا يقوم الجهاد ولا تقوم المقاومة إلا بالمال، فالمال عصب الجهاد وعصب الحياة، والدعم بالمال يتمثل بأمور:

  • الأمر الأول: وضعه في مواجهة العدو.
  • الأمر الثاني: وضعه في عوائلهم ومناصرة أسرهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جهز غازيًا فقد غزا) والخبر في الصحيحين”… بالمقابل؛ تتهافت اﻷنظمة الطاغوتية على النظام النصيري للتطبيع معه، كما طبعت مع أسيادها وأسياده “اليهود”، وتسير الشعوب “الغافية” على مبدأ “اللهم أسألك بطني وكرشي”… عافانا الله وإياكم….
  • بالمختصر؛ في ذكرى الثورة، وكما يقال “الحرية لا تليق بالعبيد، فإن تحرروا من سيد، بحثوا عن آخر!”
  • ورسالة على عجالة؛ فإنه من السنن الربانية التي غفل عنها كثير من العباد، ولن يصحو هؤلاء من غفلتهم إلا وقد حلت بهم قارعة، أنه “من أعان ظالمًا على ظلمه سقاه الله من كأسه”.
    وأخيرًا؛ فإن البشرى قادمة… والطواغيت بلحى أو ربطات عنقٍ إلى زوال.
    والله غالب على أمره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى