هل يجوز ثقب أذن الصغيرة لوضع قرط مع أن ثقب الأذن يؤلمها؟

د. هاني السباعي

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.
عرض مقالات الكاتب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
إن ثقب أذن الأنثى لوضع القرط أي “حلق” الأذن للزينة؛ مسألة قديمة منذ صدر الإٍسلام حتى وقتنا المعاصر، وقد اختلف الفقهاء في حكم ثقب أذن الصغيرة؛ منهم من أجازه كالأحناف، والمالكية، والصحيح في مذهب الحنابلة، ومنهم من منعه كالشافعية.
أقول باختصار: الدليل مع من أجازه:
الدليل الأول: قوله تعالى في محكم التنزيل:  (أَوَ مَن يُنَشَّؤُاْ فِي ٱلۡحِلۡيَةِ وَهُوَ فِي ٱلۡخِصَامِ غَيۡرُ مُبِينٖ) الزخرف آية 18، الشاهد أن ثقب أذن الأنثى وسيلة للتحلي والزينة.
الدليل الثاني:  ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسَلَّمَ فصَلَّى ثُمَّ خطبَ – وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلا إِقَامَةً – ثُمَّ أَتَى النّسَاءَ فوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلالٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ”أهـ
الشاهد: أنهن كن يهوين إلى آذانهن وحلوقهن؛ فعدم نهي  الرسول صلى الله عليه لهن؛ دليل على إقراره، ومن ثم على جوازه شرعاً.
الدليل الثالث: حديث أم زرع في الصحيحين:
عن عائشة رضي الله عنه أنها قالت:” جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً (..) قالتْ الحاديةَ عشْرَةَ : زوْجي أبو زرْعٍ ومَا أبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ (..)  قَالَتْ عَائشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ”أهـ
الشاهد: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر ما فعله أبو زرع من ملء أذن زوجته أم زرع بالحلي حتى ثقل وتحرك. 
فلو كان ما فعلته أم زرع من ثقب أذنها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
صفوة القول
الرأي المختار: جواز ثقب أذن الصغيرة لوضع قرط للزينة شرعاً. والألم المترتب على ثقب الأذن بالاستقراء جيلاً بعد جيل ألم خفيف وبرؤه سريع في مثل هذا العمر للصغيرة؛ ونظراً للمصلحة الكبرى التي تفيد المرأة في حليها وزينتها. وهذا موافق لقول جمهور الفقهاء للأدلة السابقة وما ذكروه في كتبهم. وهذا ما جرى العمل به في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عصر الصحابة، والتابعين ومن بعدهم.  كما أنه واقع أغلب الأمة سلفاً وخلفاً. وعلى أية حال إن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
د. هاني السباعي 20 شعبان 144هـ ـ 12مارس2023