حقوق وحريات

جرائم السلطة في سورية بمنظور القانون الدولي

عبد الرزاق الزرزور

محام وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

من المتفق عليه بشكل عام أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولقد كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تم تبنيه في عام 1948، مصدر إلهام لمجموعة غنية من معاهدات حقوق الإنسان الدولية الملزمة قانونًا ولا يزال يمثل مصدر إلهام لنا جميعًا سواء في معالجة الظلم في أوقات النزاعات في المجتمعات التي تعاني من القمع وفي جهودنا نحو تحقيق التمتع العالمي بحقوق الإنسان.

ولما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، في حين أن تناسي حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية، وظهور عالم يتمتع فيه البشر بحرية الكلام والمعتقد والتحرر من الخوف والعوز قد أعلن أنه أعلى تطلعات من عامة الناس،
ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.

وبما أن الإعلان صيغ من أعلى منظمة دولية تضم أغلب دول العالم وذيلت الاعلان بتوقيع زعماء الدول إيذاناً بالموافقة عليه والرضوخ لمواده والسعي لسن القوانين الداخلية بما يتلائم مع ذلك الميثاق.

تابعنا في فيسبوك

ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وعدم التميبز بين الجنسين، وما شهدته و تشهده الساحة السورية من صور القمع التي يرتكبها نظام الأسد وأدواته واستخدام القوة الغاشمة ضد شعبه الأعزل بالوسائل العنفية التي تملكها المؤسسة العسكرية ودوائر الاستخبارات و كذلك عبر الميليشيات المستقدمة من خارج الحدود والمرتزقة وما بات يعرف بفرق الدفاع الوطني سيئة الصيت كونها تضم القتلة والمجرمين ومتعاطي المخدرات.

وتنوعت الجرائم والانتهاكات لحقوق الانسان كالقتل والاعدامات الميدانية خارج القانون والتغييب القسري لشباب الثورة السورية بغية كتم الاصوات وتكميم الافواه التي خرجت مطالبة بالحرية والعدل والكرامة ودفع الظلم الذي ساد البلاد وقَهَر العباد.

وبما أن الدولة السورية تنتمي إلى المنظومة الدولية فإن نظام الحكم ملزم حسب شرعتها بالوفاء بالتزاماته القانونية والأدبية، وحيث أن نظام الاسد قد ضرب تلك القوانين بالصميم بانتهاكه حقوق الأفراد بالعيش بحرية وكرامة مما ينقل المسؤولية للمنظمة الدولية ومحاسبة النظام السوري وأدواته أمام المحاكم الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية على ارتكابه للجرائم المنصوص عليها بالقانون الدولي بحق المدنيين من الشعب السوري ، لمخالفته نص المادة (الثانية) من الاعلان والتي تنص على:
كلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية..
ونصت المادة ( الخامسة) منه أيضا على :
لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطَّة بالكرامة
.
ولم يكن من المستغرب دخول السلطة القضائية في سورية على خط الانتهاكات ومسايرة حكم آل الأسد في تماديه بسياساته القمعية عبر محاكمات صورية واصدار الأحكام الجائرة التي وصلت إلى حد الإعدام كونها سلطة أي السلطة القضائية غير مستقلة و تابعة لأوامر المخابرات، في مخالفة صريحة للمادة 11 من الاعلان العالمي التي نصت على أنه:
1_ كلُّ شخص متَّهم بجريمة يُعتبَر بريئًا إلى أن يثبت ارتكابُه لها قانونًا في محاكمة علنية تكون قد وُفِّرت له فيها جميعُ الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
2_ لا يُدان أيُّ شخص بجريمة بسبب أيِّ عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكِّل جُرمًا بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا تُوقَع عليه أيَّةُ عقوبة أشدَّ من تلك التي كانت ساريةً في الوقت الذي ارتُكب فيه الفعل الجُرمي.

تلك الممارسات الموثقة لنظام الأسد والبارزة للعلن بات من الضروري محاسبته على الجرائم المرتكبة استنادا للقانون الدولي واعلان حقوق الانسان وملاحقة المسؤولين عن تلك الجرائم وتقديمهم للعدالة وإصدار مذكرات قبض واحضار جنائية ذات طابع دولي بحق المرتكبين تنفذها الشرطة الجنائية الدولية.

كما يحق للمنظمة الدولية فرض المزيد من العقوبات على نظام الأسد وحرمانه من موارد المنظمة وتجريده من حق التمثيل في الهيئات التابعة لها.

ومن هذا المنبر ندعو لتشكيل جسم قانوني فاعل مؤلف من شخصيات قضائية حقوقية ومجموعة من المحامين السوريين الأحرار مهمته السعي والضغط واقناع ممثلي الدول في الأمم المتحدة ومراكز اتخاذ القرار في العالم لتحقيق هذا الهدف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى