دين ودنيا

القواعد الفقهية (38) القاعدة الرابعة والثلاثون لاعبرة بالظن البيّن خطؤه

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


هذه القاعدة لها فروع مختلفة الأنواع تشمل: الاجتهاديات وأحكام القضاة والعبادات والمعاملات الجارية بين الناس من عقود وإقرار وإبراء وغيرها، فالعبرة في جميع ذلك أن ما كان مبنياً على خطأ الظن لا يعتبر. (الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية ص210)
معنى القاعدة:
لَا عِبْرَة : أَي لَا اكتراث وَلَا مبالاة.
بِالظَّنِّ: الظن هو إدراك الاحتمال الراجح الذي ظهر رجحانه على نقيضه بدليل معتبر، فإذا ازداد قوة حتى أصبح خلافه موهوماً فهو غالب الظن.
الْبَين خَطؤُهُ: أي الظاهر الواضح، وحكمه:
يلغى وَيجْعَل كَأَن لم يكن، سَوَاء أَكَانَ الْخَطَأ ظَاهرا ومبيناً للْحَال، أَو كَانَ خفِيا ثمَّ ظهر بعد، فإذا بُنِيَ حكمٌ أو استحقاق عن ظنٍ تبين خطؤه، كان باطلاً، ويجب الرجوع إلى حكم الشرع، لأن الظن المجوز للعمل إذا بأن خلافه باليقين بطل ذلك العمل، وصار غير معتد به غالباً، لأنه صار باطلاً، وكل ما بني على باطل فهو باطل، بخلاف ما إذا أخلف الظن إلى أكثر منه فلا يبطل ذلك العمل. (القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة 1/ 178)
وبعبارة مختصرة: إذا بني فعل من حكم أو استحقاق على ظن ثم تبين خطأ ذلك الظن فيجب عدم اعتبار ذلك الفعل وإلغاؤه . (الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية ص210)

تابعنا في فيسبوك

فروع وتطبيقات:
1- مِنْ فُرُوعِهَا: لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، فَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ حَدَثُهُ أعاد الصلاة ولا اعتداد بظنه لأنه ظن تبين خطؤه. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص135)
2- أَوْ ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ، فَصَلَّى، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ. لَمْ يَجُزْ ولا اعتداد بظنه لأنه ظن تبين خطؤه. (الأشباه للسيوطي ص157، الأشباه لابن نجيم ص135)
3- لو ظنْ طَهَارَةَ الْمَاءِ، فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ بَانَ نَجَاسَتُهُ. لَمْ يَجُزْ ولا اعتداد بظنه لأنه ظن تبين خطؤ، وعليه الإعادة. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
4- أَوْ ظَنَّ أَنَّ إمَامَهُ مُسْلِمٌ، أَوْ رَجُلٌ قَارِئٌ، فَبَانَ كَافِرًا، أَوْ امْرَأَةً، أَوْ أُمِّيًّا. لَمْ تصح صلاته. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
5- منْ ظن بَقَاءَ اللَّيْلِ، أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ، فَأَكَلَ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ بطل صومه، وعليه القضاء. (الأشباه للسيوطي ص157، الأشباه لابن نجيم ص135)
6- أَوْ رَأَوْا سَوَادًا فَظَنُّوهُ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَبَانَ خِلَافُهُ،: لَمْ يَجُزْ وعليهم الإعادة (الأشباه للسيوطي ص157، الأشباه لابن نجيم ص135)
7- أَوْ اسْتَنَابَ عَلَى الْحَجّ، ظَانًّا أَنَّهُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، فَبَرِئَ. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص135)
8- فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الْبَائِنِ ظَانًّا حَمْلَهَا، فَبَانَتْ حَائِلًا: اسْتَرَدَّ. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
9- وَشَبَّهَهُ الرَّافِعِيُّ: بِمَا إذَا ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَأَدَّاهُ. ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
10- وَمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَى ظَنِّ إعْسَارِهِ، ثُمَّ بَانَ يَسَارُهُ، (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
11- وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا، قُطِعَ. بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ مَالًا يَظُنّهُ مِلْكَهُ، أَوْ مِلْكَ أَبِيهِ، فَلَا قَطْعَ، (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
12- لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً وَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ ظَانًّا أَنَّهَا امْرَأَتُهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ أَعْمًى (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص135)
13- وَمِنْهَا لَوْ ظَنَّ الْمَاءَ نَجِسًا فَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَاهِرٌ جَازَ وُضُوءُهُ، ما لم يكن صلى. (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص134)
14- وَمِنْهَا لَوْ ظَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ غَيْرَ مَصْرِفٍ لِلزَّكَاةِ فَدَفَعَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ مَصْرِفٌ أَجْزَأَهُ اتِّفَاقًا. (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص134)
15- صَلَّى الْفَرْضَ وَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ دَخَلَ لَمْ يُجْزِهِ فِيهِمَا، وَهِيَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الصَّلَاةِ. (الأشباه لابن نجيم ص134)
16- لو دفع المدين الدين، ثم دفعه عنه وكيله، أو كفيله، جاهلاً أداء الأصيل، يسترد الدافع الثاني ما ادفع.
17- فكل من دفع ما ليس بواجب عليه على ظن وجوبه، فله استرداده قائماً، أو استرداد مثله أو قيمته هالكاً . كمَا لَو ظن أَن للْآخر عَلَيْهِ دينا فقضاه إِيَّاه ثمَّ تبين لَهُ عَدمه رَجَعَ بِمَا دفع. (الأشباه والنظائرلابن نجيم ص135، غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر 1/ 461)
18- والقاضي إذا حكم على ظن أن حكمه موافق للشرع وهو في نفس الأمر ليس كذلك فحكمه باطل لا عبرة به، ويجب الرجوع إلى الحكم الموافق للشرع، كما لو ظهر أن الشهود عبيد، مثلاً بطل حكمه. (الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية ص211)
19- إذا قال الزوج لزوجته: إن كان زيد في الدار فأنت طالق ثلاثاً، ومضى مع زوجته على ظن أن زيداً ليس في الدار، ثم تبين في الغد وجوده فيها، فتعتبر الزوجة طالقاً من حين القول، وتعتد منه لا من وقت التبين. (قواعد الفقة الكلية ص211)
20- كل أمر يوجب نقض القسمة للتركة بعد وقوعها، كما لو ظهر دين على الميت بعد القسمة، أو ظهر وارث آخر كان غائباً، أو ثبت فيها خطأ فاحش، فيجب نقض القسمة؛ إذ لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه.
21- وفي العيادات لو ظن الماء نجساً فتوضأ به ثم تبين أنه طاهر، جاز وضوءه إذا لم يصل. وأما إذا صلى فيعيد الصلاة. (قواعد الفقة الكلية ص211)
22- وَمِنْه: مَا لَو أتلف مَال غَيره يَظُنّهُ مَاله ضمنه.
وَيُسْتَثْنَى من القاهدة صُوَرٌ:
1- مِنْهَا لَوْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَظُنُّهُ مُتَطَهِّرًا، فَبَانَ حَدَثُهُ: صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
2- وَلَوْ رَأَى الْمُتَيَمِّمُ رَكْبًا، فَظَنَّ أَنَّ مَعَهُمْ مَاءً: وَجَّب عَلَيْهِ الطَّلَبُ. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157)
3- لَوْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ. وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً، أَوْ عَبْدَهُ بِالْعِتْقِ، وَهُوَ يَظُنّهُ لِغَيْرِهِ ; نَفَذَ وطلقت امرأته. (الأشباه والنظائر للسيوطي ص157، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص135)
4- لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجِسٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَعَادَ. (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص134)
5- لو صلى وعنده أنه محدث ثم ظهر أنه متوضئ، أعاد كذلك
6- ولو صلى الفرض وعنده أن الوقت لم يدخل فظهر أنه كان قد دخل، لم يجزئه ووجب عليه إعادة الصلاة. (قواعد الفقة الكلية ص211)
7- لَوْ ظَنَّهُ مَصْرِفًا لِلزَّكَاةِ فَدَفَعَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَنِيٌّ أَوْ ابْنُهُ أَجْزَأَهُ عند أبي حنيفة ومحمد خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ حَرْبِيٌّ لَمْ يُجْزِهِ اتِّفَاقًا. لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ. فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا إيَّاكَ أَرَدْتُ فَخَاصَمْتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَ: لَكَ مَا نَوَيْت يَا زَيْدُ، وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ» . (الأشباه والنظائر لابن نجيم ص134، غمز عيون البصائر 1/ 459)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى