مقالات

يوم المرأة العالمي وانقلاب 8 آذار 1963

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

يوم المرأة العالمي
تمر اليوم على شعبنا وعلى أمتنا والعالم، واقعتان مختلفتان ومتناقضات في نتائجهما، الواقعة الأولى هي الاحتفال بيوم المرأة العالمي، وطبعا للمرأة مكانة في شريعتنا الإسلامية لم تبلغها المرأة الغربية برغم الكم الهائل من الدعاية الطبل والزمر الذي يروجون له، وتحت كل مسمى، ولعل جواب سيدنا محمد في معرض أجابته على سؤال أحد من الناس (من أحق بصحبتي يا رسول الله) فكان الجواب،، أمك ثم أمك ثم أمك،،،، ثم أباك وهو ما يدل على مكانة الأم.

وأود هنا أن أكتب بعض ما كتبته في كتب مذكراتي، حول بيتنا ووالدتي رحمها الله ووالدي فوالدَيّ رحمهما الله توفيا عام ١٩٧٢، وبينهما بالوفاة ٤٥ يوما، وقد بلغ والدي من العمر ٩٨ عاما، بينما بلغت والدتي ٨٠ عاما، وبالتالي يستطيع القارئ لهذه الكلمة أن يتخيل الفارق العمري بيني وبين كل منهما من جهة، وبين والدي من جهة أخرى، ومع ذلك لم أكن أسمع في بيتنا مشاحنات وصياحا كما قد يقع في العديد من البيوتات.

بينت أنني لم أنشأ في بيت علم، فوالدي حصل القراءة والكتابة والتعليم البسيط في الكتاتيب وحلقات المساجد، وأما والدتي فكانت أمية رحمهما الله تعالى، وكان في بيتنا اتجاهين في التربية، وطبعا هذا ما حللته بعد تجاوزي الطفولة، كان والدي -رحمه الله- يميل إلى إطلاق الحرية لي بصورة واضحة، فكان لا يسألني أين كنت ولماذا تأخرت مثل، وكان من غير المسموح التأخر خارج البيت لما بعد صلاة العشاء، ولم يكن يقرأ جلائي المدرسي لجهة العلامات وما إلى ذلك ويعتمد كلامي، بينما كانت الوالدة رحمها الله شديدة المراقبة واستجوابي إذا تأخرت وهكذا كنت بيت شد وجذب وخاصة بعد وفاة شقيقي الأكبر بشير وحين أنهيت الدراسة الابتدائية، أعربت لوالدتي عن رغبتي بالتوقف عن الدراسة، فسألتني عن توجهي وما هي نيتي في المستقبل، فأعربت لها عن رغبتي بتعلم مهنة الميكانيكي، فما كان منها إلا أن صرخت في وجهي مهددة متوعدة، بعدم سماعها هذا الأمر ثانية وقالت لي لا بد لك من متابعة دراستك، وبالتالي رحمها الله فإنا دائما أقول بأن ما حصلته من علوم يعود الفضل فيه لوالدتي، وكمْ تمنيت أن تكون على قيد الحياة ولكن أجلها ساقها إلى الموت.

وطبعا هي أدركتني وآنا في القضاء والمحاماة، وحين صرفت من القضاء عام ١٩٦ مع زملائي الذين بلغ تعدادهم ٢٤ قاضيا، تقاضيت حقوقي التقاعدية من وزارة العدل ودفعتهم إلى والدتي التي صرفتهم للذهاب إلى بيت الله الحرام حاجة.

هكذا علمنا الإسلام التعامل مع الوالدين وخاصة المرأة منهما، بينما نجد فئة من الناس يريدون أن يقلدوا الغرب في كيفية تعامله مع المرأة. المرأة التي تحولت إلى سلعة لكل أدوات الفساد والانحراف، من تعريتها باسم الموضة، إلى طرحها في بازارات الفساد والاستبداد وإلى غير ذلك.

وبمناسبة يوم المرأة العالمي، فإني أرسل لأختي االمراة السورية ولابنتي ولنسائنا التي جاهدن مع الرجال جنبا إلى جنب، وإلى أخواتي وبناتي في سجون عصابة الأنجاس والأشرار واللواتي يتجاوز تعدادهن الآلاف وهن إلى جانب إخوتهن من الرجال الذين يسامون أشد العذاب!
والتحية أيضا لهؤلاء الأخوات والأمهات، اللواتي قضين في الزلازل من عاملات ومجاهدات وطبيبات وممرضات ومحاميات وغيرهن من كل الفروع، وبهن نرفع رؤوسنا عاليا!.. وإلى كل أخت وأم وسيدة قضت في هذه الثورة المباركة ثورة الحرية والكرامة، كل هؤلاء الذين لم تراهن، هذه الوفود التي أمت دمشق لتصافح الجزارين الخونة الذين غدروا بشعبنا واستباحوا حرماته.

انقلاب عام ١٩٦٣
هذا جانب ما يتعلق بالاحتفال بيوم المرأة، وأما الجانب الآخر من الكلمة، فهو الذي سأخط فيه بعض الكلمات حول اليوم الأسود الذي حل في سورية في يوم تجران فيه صبية من الجيش ترأسهم المدعو زياد الحريري، ضابط نكرة في الجيش، مع آخرين قاموا بالانقلاب على السلطة مدعومين من قوى خارجية، ضمن مسلسل الانقلابات التي بدأت بانقلاب، ١٩٤٩ لحسني الزعيم، الذي دفعته المخابرات الأمريكية من وكرها في سفارتهم في دمشق، وقد كتب عن ذلك الضابط (مايلز كوبلاند) في كتابه لعبة الأمم، وكان من مهام حسني الزعيم
إعادة خط التابلاين للعمل، وإجراء مفاوضات من الصهاينة في فلسطين، وبعد أن أتم ذلك، قام سامي الحناوي بانقلابه وأتم إعدام حسني الزعيم ورئيس وزراية محسن البرازي، وتبعه انقلاب أديب الشيشكلي، ثم جاءنا عبد الناصر مع الوحدة بين سورية ومصر.
جميع هذه الأنظمة العسكرية ينظمها خيط واحد هو القضاء على الحرية والحياة الديمقراطية التي كانت وليدة الاستقلال، فلم يسمح لسورية أن تستكمل تجربتها الديمقراطية في الحكم، وتم اصطيادها في شبكة الانقلابات العسكرية والاستبداد والفساد.

وكان انقلاب ١٩٦٣ هو المتوقع خاتمة الانقلابات، ولكن احتاج تدمير سورية شعبا وأرضا وتاريخا ومجتمعا، إلى انقلاب الذي جاء بحافظ الأسد إلى الحكم، ومعه بدأت مرحلة تدمير هذا البلد العظيم سورية.

عام ١٩٦٧ قدم حافظ الأسد الجولان هدية إلى بني صهيون، في مهزلة ما سمي حرب الأيام الستة، مع العلم أنه لم يكن حربا ولا شبه حزب، وإنما تم تسليم الجولان والتي تعتبر أكثر المناطق السورية تحصينا، فهي من الناحية الطبيعية، منطقة جبلية وعرة يبلغ ارتفاع قمة جبل الشيخ ٣٠٠٠ متر تقريبا وتنخفض الأرض في منطقة الحولة إلى ٢٠٠ متر تحت سطح البحر وقد صرف شعبنا أموالا طائلة على تحصينها، وفيها استحكامات ضد الذرة، ومع ذلك لم تطلق طلقة واحدة للدفاع عنها، وأمر الخاصين حافظ الأسد الجيش بالانسحاب من الجولان دون قتال وتم تسليمها مفروشة، كانت هذه هدية الخاصين ، ليقفز في منصبه إلى كرسي الرياسة، ولتبدأ مرحلة تدمير سورية من قبل أسرة (أسد، مخلوف، شاليش) ولم يكن ليتم ذلك قبل إجراء تصفيات في الجيش وفي الجانب المدني من الدولة وتم ذلك، في أحداث حناه الأولى عام ١٩٦٤ ثم في أحداث دمشق عام ١٩٦٥، ومارافي ذل ، هجوم على الإسلام وتخويف للمسلمين، مما شرحته في مذكراتي.

تجاه جميع هذه الانقلابات، كان موقف الشعب السوري إما مؤيدا أو سلبيا، وشاهدنا مثلا كيف تأبط المفتي الشيخ أحمد كفتارو ذراع حافظ الأسد في كل مناسبة ثم كيف التف عليه آخرون من أمثال بدر الدين الشلاح، أبو راتب، وغيره وكيف حمل سيارته آخرون، فكان الثمن عقب حركة النقابات، عام ١٩٧٨ والتي امتدت حتى أول ١٩٨٠، والتي كان لي شرف إشعالها، أن ارتكب حافظ الأسد وعصابته مجازر مع حل النقابات، طالت أكثر من سبعين ألف شهيد بما فيها أحداث حماة وتدمير ثلث المدينة.

أمام هذا المشهد المأساوي، ماذا كان موقف المنطقة والعالم، الجميع بلا استثناء غطى الجرائم التي ارتكبها نظام الخيانة، بينما ضخت دول الخليج مليارات الدولارات، تأييدا للسفاح المجرم ودعما له.

وأما في الغرب، فقد أصبح بطل وتعاون معه الجميع بلا استثناء، وأضحى نظامه هو المعتمد الأمني العالمي، ورأيناه كيف أصطف مع ملالي الفاشية الدينية في طهر، وكيف شارك أسياده الأمريكان في حفر الباطن، ثم فتح لهذه الفاشية الدينية المارقة، أبواب سورية، في خطوة أولى للتغيير الديمغرافي.

مع انطلاق الثورة السورية الكبرى، في آذار ٢٠١١، ثورة سلمية تجمع السويين فماذا كان الجواب؟ مع هذا القاصر المعتوه، الذي يشعر في ذاته بعقدة النقص ويريد أن يثبت للعالم من خلال الثورة بأنه، قادر عل ارتكاب المجازر. ولديه من يحميه، ففتح أبواب سورية كما والده، لملالي الفاشية الدينية في ماخور قم، لمساعدته في ارتكاب المجازر التي خطط لها، وحشدت هذه بمشاركة المجرم القاتل، زعيم مافيا المخدرات الدولي نصر الشيطان وحشدوا الميليشيات الشيعية الحاقدة من كل مكان لقتل شعبنا وفشل الجميع، فاستعان المجرمون بروسيا بوتين، وكانت النتيجة كما نرى.

شكل المثلث (أمريكا وروسيا بوتين والمدللة، إسرائيل) حماية لعصابة بشار من السقوط، ولعبت دول عربية دور المساند، للحيلولة دون سقوط عصابة بشار عن طريق نوعية السلاح وشراء الولاءات، وقد كتبت كثيرا حول هذه الأمور في مذكراتي، وعرضت في هذه الكلمة لبعض نتائج انقلاب (الثامن من أقذار ١٩٦٣) الذي ركبته عصابة الأسد في مركب البعث، لتقوم بمهمة تدمير سورية أرض وشعب وحضارة، لصالح مشغليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى