التَّصعيد في جنين واقتحامات الأقصى تنذر بتأجُّج الأوضاع في رمضان

تواصِل قوَّات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاتها السَّافرة في الضَّفَّة الغربيَّة، الَّتي تحتلُّها منذ عام 1967م، في حقِّ الشَّعب الفلسطيني، الَّتي كان من أحداث اقتحام مخيَّم جنين ومحافظة نابلس ليلة الأربعاء 8 مارس الجاري؛ ما أسفر عن مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 26 آخرين. وبرَّرت قوَّات الاحتلال الاقتحام الأخير بأنَّه استهدف الانتقام من منفِّذ عمليَّة حوارة في محافظة نابلس الأسبوع الماضي، حينما أطلق الفلسطيني عبد الفتَّاح خروشة، التَّابع لحركة حماس الإسلاميَّة المسلَّحة، النَّار على اثنين من المستوطنين الإسرائيليين ليلقيا مصرعيهما إثر ذلك.
وبرغم تصفية منفِّذ تلك العمليَّة، واصلت قوَّات الاحتلال الإسرائيلي اقتحامها لمخيَّم جنين للاجئين، وقتلت 3 من الفلسطينيين ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي صباح الخميس 9 مارس، وادَّعت الشُّرطة الإسرائيليَّة في بيانها أنَّ الشَّباب الثَّلاثة قُتلوا بعد تبادُل لإطلاق النَّار، في عمليَّة عسكريَّة بمشاركة مستعربين من حرس الحدود والجيش وجهاز الأمن الدَّاخلي (شين بيت). وذكرت شرطة الاحتلال في بيانها “خلال العمليَّة استهدفت نيران صادرة من سيارة الرِّجال المطلوبين عناصر خفر السَّواحل المستعربين”، وهؤلاء “ردُّوا بإطلاق النَّار وقتلوا الرِّجال الثَّلاثة في السَّيَّارة”. وتأكيداً على اعتزام الشَّباب المقتولين تنفيذ عمليَّة ضدَّ الاحتلال، أضاف البيان أنَّه “عُثر على عدد من الأسلحة والعبوَّات النَّاسفة في سيَّارتهم”. من جانبهم، تفاعَل أهالي مخيَّم جنين مع الاقتحامات الإسرائيليَّة بإعلان الإضراب العامِّ، احتجاجاً على سقوط قتلى وجرحى، وقد استخدمت قوَّات تابعة للسُّلطة الفلسطينيَّة القوَّة في تفريق جنازة عبد الفتَّاح خروشة، لدرجة سقوط جثمانه على الأرض من جرَّاء التَّدافع.
على صعيد آخر، يواصل المستوطنون الإسرائيليون اقتحاماتهم اليوميَّة للمسجد الأقصى المبارك، والَّتي وصل إلى 487 اقتحاماً خلال شهر فبراير الماضي، ومن المنتظَر زيادتها خلال الأسابيع المقبلة للاحتفال بالأعياد الدِّينيَّة اليهوديَّة، وعلى رأسها عيد الفصح المتوقَّع أن تستحدث منظَّمات الهيكل المتطرِّفة خلال الاحتفال به طقس ذبْح القرابين تمهيداً لإعادة بناء الهيكل المزعوم، ولو على أنقاض جزء من المسجد الأقصى.
إدانة دوليَّة لاقتحام جنين ونابلس
أعربت منظَّمة الأمم المتَّحدة، على لسان مبعوثها للسَّلام في الشَّرق الأوسط، تور وينيسلاند، عن قلقها حيال التَّصعيد المتواصل في الأراضي الفلسطينيَّة المحتلَّة، داعية الطَّرفين إلى ضبْط النَّفس والتَّهدئة، بعد الاقتحام الإسرائيلي الأخير لمخيَّم جنين ومحافظة نابلس وسقوط العديد من القتلى إثر ذلك. من جانبه، أدان النَّاطق باسم الرِّئاسة الفلسطينيَّة، نبيل أبو ردينة، الاقتحامات الأخيرة، حيث قال إنَّ “عمليَّات القتل اليوميَّة الَّتي تقوم بها قوَّات الاحتلال الإسرائيلي ضدَّ أبناء شعبنا…من اقتحام وقتل وإصابات بين المواطنين، وقصف منازلهم بالصَّواريخ والقذائف المتفجِّرة، هي حرب شاملة”. في حين أصدرت وزارات الخارجيَّة لعدد من دول المنطقة العربيَّة، من بينها مصر والأردن والسَّعوديَّة، بيانات رسميَّة تشجب الاعتداءات الإسرائيليَّة على المدنيين الفلسطينيين، وبخاصَّة أعمال القتل وتخريب الممتلكات وترويع الآمينين. وغرَّد بيان المتحدِّث باسم وزارة الخارجيَّة الأمريكيَّة، نيد برايس، في ذلك السِّرب، بأن أدان أعمال العنف كافَّة داخل الضَّفَّة الغربيَّة، مشدِّداً على أنَّ “لإسرائيل الحقَّ المشروع في الدِّفاع عن أمنها”، في ردٍّ منه على إدانة التَّجاوزات الإسرائيليَّة في حقِّ العزَّل من الفلسطينيين.
تحذير من تصاعُد التَّوتُّر في رمضان
جدَّدت منظَّمات الهيكل اليهوديَّة المتطرِّفة دعوةً أطلقتها العام الماضي لذبح قرابين عيد الفصح، الَّذي تمتدُّ فترة الاحتفال به من 5 وحتَّى 13 أبريل المقبل، في ساحات المسجد الأقصى المبارك، الَّذي تطلق عليه اسم جبل الهيكل، حيث تزعم أنَّه المكان الفعلي للهيكل المزعوم وقد بُني الأقصى على أنقاضه. وبرغم فشل تلك المنظَّمات في تنفيذ مخطَّطها عام 2022م، فقد وجدت في تولِّي عدد من اليهود المتطرِّفين، وعلى رأسهم ايتمار بن غفير، مناصب بارزة في الحكومة الجديدة لبنيامين نتنياهو الفرصة لتجديد الدَّعوة، دون رادع يثنيها هذه المرَّة، وكانت منظَّمات الهيكل قد اقتحمت المسجد المبارك يومي 7 و8 مارس الجاري خلال احتفالها بعيد المساخر اليهودي، بتأييد ضمني من وزير الأمن القومي الإسرائيلي، ايتمار بن غفير، الَّذي رفَض طلبًا من جهاز الشُّرطة بإيقاف الاقتحامات اليهوديَّة للمسجد الأقصى في رمضان، تجنُّباً لتفجُّر الأوضاع، كما حديث في رمضان قبل الماضي وأدَّى إلى اشتعال معركة سيف القُدس.
وقد أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التَّطرُّف بياناً يحذِّر فيه من تفجُر الأوضاع في شهر رمضان المبارك، الَّذي يتزامن مع فترة احتفالات الفصح اليهوديَّة، خاصَّةً بعد أن تقدَّمت منظَّمات الهيكل بطلب إلى بن غفير بإغلاق الأقصى أمام المسلمين في الأسبوع الثَّالث من رمضان؛ لإفساح المجال أمام أداء الطُّقوس اليهوديَّة، معتبرة أنَّ “رمضان هذا العام سيكون اختباراً لبن غفير، ليثبت أنَّه المالك الحقيقي للأقصى” من جانبه، أدان الشَّيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى المبارك والمفتي الأسبق للقُدس، ما نُسب لبن غفير من تسريب يشير إلى دراسته طلب جماعات الهيكل المتطرِّفة إغلاق الأقصى، واعتبر أنَّ الوزير المتطرِّف يسعى لفرْض واقع جديد، كما صرَّح لوكالة صفا الفلسطينيَّة. ونتساءل: هل يتجدَّد التَّصعيد في رمضان المقبل بين الفلسطينيين وقوَّات الاحتلال، وإلى ما سيفضي؟
تعليق واحد