مجتمع

ثقافة الطابور وأساليب الإذلال

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب


ما شاهدناه على الشاشات وتناقلته قنوات اليوتيوب وأشرطة الفيديو من مشاهد مذلة ومهينة، وما عرضته عن الكيفية التي وزّعت ميليشيات الحشد الشعبي الإيرانية الإعانات القادمة من العراق تحت يافطة إغاثة منكوبي الزلزال في سوريا، والطريقة التي مارس فيها عناصر الحرس الثوري الإيراني ساديّتهم على السوريين، وتحقيرهم للجموع الذين دفع بهم العوز والفاقة للوقوف أمام الشاحنات التي وصلت محمّلة بالمعلبات منتهية الصلاحية، والرز والبقوليات التي تزكم الأنوف من شدة تعفنها، والبطاطين المهلهلة ،لتقوم الميليشيات بنثرها على هؤلاء البؤساء بطريقة مقصودة إمعاناً في إذلالهم .


هذا ما فعلته الميليشيات في المناطق التي تعتبر هي الأشد ولاءً للنظام، فما بالك بما كانت تفعله في بقية المناطق المتضررة ضرراً حقيقياً وليس شكلياً وادعاءً، ولكنها مناطق محسوبة على حواضن الإرهابيين كما يسميها نظام المجرم “بشار الأسد”.

تابعنا في فيسبوك


الوقوف في طوابير منتظمة تحافظ على كرامة الإنسان لم يعتد عليها شعب سوريا منذ أن استولى المجرم “حافظ الأسد”، فقد ترى في البداية طابوراً انتظم الناس فيه للحصول على حاجاتهم الأساسية التي هم بأمس الحاجة إليها بشكل لائق وبشيئ من الكرامة والاحترام ،ولكن سرعان ما ترى ما تتبعثر الصفوف قد تبعثرت وتعالت الأصوات وعمّت الفوضى، وساد الهرج والمرج، وغالباً ما يكون السبب في تلك الفوضى يأتي نتيجة لتصرف عناصر المخابرات وأجهزة الجيش والشرطة الذين يتجاوزون الطوابير والصفوف غير آبهين بمشاعر عباد الله الذين لا حول لهم ولا قوة أمام هؤلاء الرعاع السفلة، فقد يخترق الصفوف ويتخطّاها عنصر مخابرات حقير وهو يتلمس مسدسه ويصرخ بعالي صوته: أمام الفرن: “لك وين خبزات المعلم”، أمام مركز توزيع الغاز: “وين قنينة المعلم”، أمام المؤسسة الاستهلاكية: “وين صندوق المعلم”، أمام مؤسسة طبية “وين دوا المعلم” أمام الكازيات ومحطات الوقود “وسّع لسيارة المعلم”، وهكذا فلكل طابور في سوريا أسلوب تعامل يتبعه الشبيحة للاستيلاء على حاجيات الناس التي تعتبر من ضرورات العيش ولا غنى عنها وبأدنى مستوياتها.!
هكذا هو الحال في سوريا منذ ما يزيد عن نصف قرن من الزمن، ومع ذلك ما زال الموالون للنظام يحمّلون أوزار النظام وجرائمه لثورة الشعب السوري وثوّاره، وما زالوا يرددون: “كنّا عايشين لولا ها الإرهابيين “!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى