اقتصاد

التنمية الاقتصادية المستدامة.. سوريا ولبنان وفلسطين والعراق أنموذجاً

مصعب الأحمد

كاتب وباحث وشاعر سوري
عرض مقالات الكاتب


الأزمات الاقتصادية العالمية سواءً كانت مفتعلة أم عفوية يتم تأطيرها للسيطرة على مقدرات الشعوب وبلادهم من العالم الثالث تسخر حتى يقول الشعب متى يأتي الاحتلال؟ ويرحم الله النباش الأب.
‏‎ أغلب الدول العربية ليس لديها أي مقومات نهضوية وسياسية وتنموية، وتعاني أكثر مما كانت تعانيه وهي تحت الاستعمار، الحكومات العسكرية التي لا تؤمن بسياسة ولا اقتصاد ولا تفهم الوضع العام وتلعب بالموازنات الدولية، وليس لها أي رؤية هي الأسهل تضرراً في ظل أي أزمة عالمية.
ثم إن أي كلام عن تنمية اقتصادية في البلاد ليس سوى ضرب من الخيال، وأوهام المسترسلين، فلا يمكن لطائرة مهما عظمت أن تطير بلا محركات، وجناحان، وإطارات، والأهم من ذلك قائد توفرت له كل الأدوات اللازمة.
يذكرني هذا المعنى بإنسان كان يتابع برنامج لتعليم الطبخ، فقام ليطبق الوصفة فلم يجد عنده في البيت غير الحلة التي سيطبخ بها.
من العبث الكلام عن التنمية دون توافر موادها الأولية، والتي تبدأ من سيادة القانون، واستقلالية القضاء، وسياسي يحكم بمبدأ الأمة لا الطائفة والعصابة، مستقلا ليس تابعا، وحسن استثمار وتوزيع للموارد، وعلاقات سليمة مع العالم، واستقرار سياسي وأمن اجتماعي.
ورأس الأمر القضاء على رأس الشيطان المتمثل بالفساد، لأن أكبر فلاسفة الاقتصاد والرأسماليين وحتى الخياليين منهم، لن يستطيعوا ان يجمعوا بين الفساد والتنمية المستدامة.
ثم تسليم الأمر إلى عقول اقتصادية فاهمة تتولى هي العملية التنموية، ويكون الحاكم داعما لها، والقانون مهيمنا عليها، مع وجود أجهزة رقابية شريفة .
هذه العقول التي تحكم بمبدئ التنمية الاقتصادية لا التنمية البشرية بمفهومها العبثي، تلك التي تقنعك أن الدجاجة يمكن أن تطير وتحلق إذا شدت حيلها قليلاً.
وضع النظريات غير تطبيقها، والكلام العام الذي لا يخضع للتجربة يبقى عاماً.
ماتراه الآن في البلاد العربية أشبه ما يكون “بنظرية البطاطا”، حيث تختلف الأحجام والأوزان والفساد والأنواع وتاريخ الصلاحية، لكنها بالنهاية كلها بطاطا وتباع دون اختيار وانتقاء وبالشيلة.
المؤتمرات التحليلية والاقتصادية والخطب والمحاضرات والعبثيات التي تسمعونها هي ظاهرة صوتية ليس سوى، والواقع يشير إلى انهيار تام في بعض دول العالم الثالث.
في سوريا
لا يوجد قضاء، ولا سيادة قانون، ولا رؤية اقتصادية، ولا إدارة موارد، ولا أمن، ولا علاقات سليمة مع العالم، ولا استقرار سياسي.
وزاد في الطين بلة عقوبات اقتصادية خانقة وهجرة للأموال والعقول.
الحرب حطمت الاقتصاد، ودمرت أي فرصة للتنمية مع سرقة موارد الدولة وتعطيل أكثرها وفقد الأمان وظهور أمراء الحرب، والأزمات تسوق البلد نحو التقسيم، الذي هو المشروع الآتي بلا محالة والذي كانت كل هذه الحرب لأجله، وإن تعثرت وتأخرت أسبابه، وعادة ما تبدأ الأمور بتدمير البنيان، ثم الإنسان، ثم البنية التحتية، ثم الاقتصاد، وأخيرا تدمير مركزية الدولة فالتقسيم.
النزوح الجماعي للتجار والعقول ولرؤوس الأموال في السنوات الأخيرة مع اضطراب البلد والعقوبات الاقتصادية والأزمات التي تسارع في انهيار الدولة.
وإذا كنت تنتظر من التعليم بارقة أمل، فاعلم أن 2.4 مليون طفل في سوريا لم يلتحق بالمدارس، وأن 1 مليون طفل سوري متسرب من التعليم.
وأن %49 من أطفال اللاجئين السوريين في لبنان منقطعين عن الدراسة.
وأن %40 من المدارس في سوريا تدمرت وخرجت عن الخدمة.

اقرأ: آثار الزلزال على سعر صرف الليرة السورية… إلى متى يستمر؟


وفي العراق
الحكومة تفرض في الموازنة العامة للدولة 1.7 ترليون عراقي من أجل المراقد الشيعية!
فهل لك أن تتخيل ميزانية كهذه وعلى ماذا؟
وبحسب هيئة علماء المسلمين في العراق لسنة 2022 فإن ترليون و680 مليون دولار حجم الفساد، والمحاصصة السياسية رأس المصيبة، وأن هناك 14ألف مشروع وهمي، و32 ألف ملف فساد معطل و133مليار حجم الدين الخارجي، واعتماد الساسة على الدين الخارجي، مع فقد أي رؤية إصلاحية وتنموية وإمكانيتها في ظل عمليات بيع العملة والتهريب.
وعلى جانب التعليم الذي هو أصل التنمية المستدامة وركازها فانه و ‏بظل الحكومات التابعة وتحكم رؤوس الفساد بوزارة التربية، يخرج العراق من التصنيف العالمي للتعليم بحسب تقرير “دافوس” لمؤشر جودة التعليم الذي يضم 180دولة، فالعراق وحسب خبراء في مهب الريح والوضع ينذر بسقوط كارثي.
في لبنان
التركيبة السياسية المعقدة والوضع المتأزم، والفساد المستشري والمحاصصة، هي الطريق الأسرع نحو الهاوية.
البنك الدولي يقول إن التركيبة السياسية في لبنان والاقتصادية والأداء التنموي السيء يصنف لبنان كثالث أسوأ نمو في العالم منذ عام ١٨٠٠ لعام ٢٠٢٠
الناتج القومي انخفض من أربعة وخمسين مليار إلى واحد وعشرين مليار، والليرة اللبنانية انخفضت من ألف وخمسمائة ليرة للدولار الواحد إلى أربعين ألف خلال سنتين.
و‏حسب اليونسكو (يمرّ التعليم في لبنان بأزمة عميقة 84% من الأسر لا تملك ما يكفي من المال لتغطية ضروريات الحياة، حيث خفّضت 38% من العائلات نفقات التعليم). ولعل ‏من أخطر تبعات الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان والتي سنلمسها في السنين المقبلة، هي مشكلة التعليم،حيث يراد أن يكون الجيل القادم أمي غير متعلم، وزوال ميزة لبنان التي طالما كانت بنجاح وتفوق طلابه وشبابه في العالم.

تابعنا في فيسبوك



في فلسطين
يشير تقرير للأمم المتحدة إلى استحالة تحقيق التنمية المستدامة في الأرض الفلسطينية المحتلة في ظل استمرار هذه السياسات والممارسات الإسرائيلية، ويحذر من تدهور متنامي، حيث أصبح أكثر من حوالي نصف الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال بحاجة إلى مساعدة إنسانية، ويشدد على الواقع المعيشي القاتم في غزة.
كما يشرح التقرير تفاقم معاناة أبناء غزة بفعل 15 عاماً من الحصار وعمليات التصعيد العسكري المتكررة ضد القطاع، والتي كان آخرها في أيار/مايو 2021. فبحسب التقرير، لا يزال معدل الناتج المحلي الإجمالي للفرد في غزة أدنى من نصف ما كان عليه عام 2005، ولا تزال معدلات البطالة فيها تناهز 47 في المائة، بينما يقبع أكثر من 60 في المائة من أهل غزة تحت خط الفقر ويعاني حوالي 62 في المائة منهم من انعدام الأمن الغذائي.
هذه المشكلة فأين الحل؟
وصف المشكلة هو عين الحل، ومعرفة الداء رأس الدواء، وإذا أردت بناء دولة وعجزت عن ترميمها فسارع بانهيارها.
مصعب الأحمد بن أحمد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى