ثقافة وأدب

قالت العرب: شَعْبانُ المُكرَّم



نصير محمد المفرجي

إعلامي وباحث في اللغة العربية.
عرض مقالات الكاتب

 شَعْبانُ هو الشهر السابع من شهور السنة الهجرية، ومعنى كلمة شعبان مشتقة من التشعّب؛ أي التفرق.

سُمّي شعبان لِتَشَعُّبِ القبائلِ واعتزالِ بعضهم بعضًا، وتفرقّهم في طلب الماء، وقيل في الغارات. قاله: قطرب، والفراء، وابن دريد، وابن فارس، وأبي بكر الأنباري، والمرزوقي، وابن سيده، وابن منظور.

قال المناوي: فكان رجب عندهم محرما يقعدون فيه عن الغزو، فإذا دخل شعبان تشعّبوا أي تفرقوا في جهات المغازات.

قال أبو هلال العسكري: وكانَ شعبانُ شهرًا تتشعَّبُ فيهِ القبائلُ، لقصدِ الملوكِ، والتماسِ العطيَّةِ.

ويقال: إنما سُمّي شعبان لأنه شَعَبَ، أي ظَهَرَ بين رمضان ورجب. قاله: ثعلب، والفراء، والقلقشندي، وابن منظور.

وقيل لتشعّب العود(الشجر) في الوقت الذي سُمّي فيه.

وكانت بعض القبائل العربيّة تحرم شعبان بدلًا من رجب وأطلقوا على الشهرين (الرَّجَبانِ).

المُثنّى والجمع:

إذا ضمُّوا إليه رجب فهما الرَّجَبانِ. قاله الفراهيدي والجوهري وابن فارس والرازي.

قال الفيومي: وقالوا في تثنية رجبٍ وشعبانَ رجبانِ للتغليب.

وشعبان، يجمع: شعابين، وشَعبانات.  

قال أبو العبّاس ثعلب (إمام الكوفيين في النحو واللغة): قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْباناتٌ، وشَعابِـينُ، كرمضانَات ورَمَاضِـينَ.

قال النحّاس جمعه شعباناتوشعاب على حذف الزوائد، قال: وحكى الكوفيون شَعابين، وذلك خطأ عند سيبويه كما لا يجوز عنده في جمع عثمان عثامين.

وشعبانيّات. وأَشْعُبٌ.

أسماؤه في الجاهلية:

عاذِلٌ

شَعْبان: عاذِلٌ. أورده قطرب، وابن السكيت، والمرزوقي، وابن سيده، المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ.

وسُمّيَ شَعبان: (عاذلاً) كأنّه كان يعذلهم على الإقامة، وقد حلّت الحرب والغارات.

قال تَأبَّطَ شَرَّاً:

شَعَبَ الوَصْلَ عاذِلٌ بعدَ هَجْرِ * حَبَّذَا عاذِلٌ أتى بعدَ شَهْرِ

الجمع: عَواذِلُ

عادل: قال البيروني: ويوجد للشهور العربية أسامٍ أخرى قد كان أوائلهم يدعونها بها وهي هذه: عادِلٌ.

قال القلقشندي: ما روي عن العرب العاربة: ويقولون في شعبان: عادل، بمعنى أنهم يعدلون فيه عن الإقامة لتشعبهم في القبائل ويجمع على عوادل.

ومن معاني العادل الشخص الذي يعدل بربه، ولربما سُمي كذلك لأنهم كانوا يعدلون به رجب في النّسيء. ومنه قول المرأة للحجّاج: ¸إنك لقاسط عادل، ومنه حديث علي رضي الله عنه: كذب العادلون بك إذ شبَّهوك بأصنامهم.

وَعْلٌ:

قال الفرّاء: ومن العرب من يمسي شعبان: وَعْلًا. والتثنية: وَعْلان. والجمع: أوعال، وَوِعْلان.

قال ابن سِيده: وَقِيلَ: وَعِلٌ شَعْبَانُ

ومن العرب من يقول: وِعْلال. قال الشاعر:

أبونا الضي أنسا الشهور لِعِّزِه * فعاذلُ فينا عدْلُ وِعْلالَ فاعلم

قال المرزوقيوعل وهو الملجأ، يقال: مالي عنه وعل: أي ملجأ، ولم أجد إليه وعلاً، أي سبيلاً، وكأنّه سمّي الشهر به لأنّ الغارة كانت تكثر فيه فيلتجىء كلّ قوم إلى ما يتحصّن به.

عَجْلان:

والعَجْلان: شعْبَان، لسرعة نَفاد أَيَّامه. وَهَذَا القَوْل لَيْسَ بِقَوي، لِأَن شعْبَان إِن كَانَ فِي زمن طوال الْأَيَّام، فأيامه طوال، وَإِن كَانَ فِي زمن قصر الْأَيَّام، فأيامه قصار.

قَالَ ابنُ المُكَرِّمِ: وَهَذَا الَّذِي انْتَقَدَهُ ابنُ سِيدَه لَيْسَ بِشَيْءٍ لأَنَّ شَعْبَانَ قد ثَبَتَ فِي الأَذْهانِ أَنَّهُ شهرٌ قصيرٌ، سَريعُ الاِنْقِضَاءِ، فِي أيِّ زَمانٍ كَانَ، لأنَّ الصَّوْمَ يَفْجَأُ فِي آخِرِهِ، فلذلكَ سُمِّيَ العَجْلاَن، واللهُ أَعْلَمُ.

أسماء غير مشهورة

موهب:

قال الدّريدي: والمشهور أسماء غيرها بلغة العرب العاربة، وهم كانوا يسمّون شعبان: موهبًا.

واغِلٌ أو  واغلة:

قال البيروني: وقد توجد هذه الأسماء مخالفة لما أوردناه ومختلفة الترتيب كما نظمها أحد الشعراء في شعره.

وواغلةٌ وناظلةٌ جميعًا * وعادلةٌ فهم غرر حسانُ

الواغِل: الدَّاخِل على طَعَام الْقَوْم وشرابهم من غير دَعْوَة.

وذلك لهجومه على شهر رمضان.

مَوْهاء:

قال البيروني: وذكر أبو بكر محمد بن دريد الأزدي في كتاب الوشاح أن ثمود كانوا يسمون الشهور بأسماء أخرى وهي هذه: موهاء، يعني لشهر شعبان.

كُسع:

والكسع شدة المَرِّ، ويقال كَسَعَه بكذا إذا جعله تابعًا له ومُذهبا به.

وجاء في كتاب “عمدة القارئ فى شرح صحيح البخارى – الجزء الحادى عشر” للمؤرخ بدر الدين العينى؛ قال “إن شعبان اشتق اسمه من الشعب وهو الاجتماع وسمى به لأنه يتشعب فيه خير كثير كرمضان”.

وشَعبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِـيُّ وهو عامر بن شَراحيل الشَّعبي، الإمام، الحافظ، رحمه اللّه.

وقيل: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الشَّعْبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الشَّعْبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الشَّعْبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُشْعُوبُ.

قال القلقشندي: ويقال في شعبان المُكرَّم لتكرمته وعلوّ قدره.

وهو ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

فضل شهر شعبان 

لقد كان سلفنا يجتهدون في العبادة في شعبان بالصيام والقيام والأعمال الصالحة الأخرى، ويتهيؤون فيه لرمضان

ثبت في الصحيحين عن عائشة رضِيَ الله عَنْهَا أنها قالت: لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّه». وفي رواية لهما عنها رضي الله عنها: “كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا”.

قال ابن المبارك رحمه الله: “جَائِزٌ في كَلَامِ الْعَرَبِ إذا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يُقَالَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ.

قال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القُرّاء. 

قال صفي الدين الحلي:

ما أتاني شعبانُ من قبلُ إلاّ * وفُؤادي من خَوفِهِ شعبانِ

ولله درّ القائل:

مضى رجب وما أحسنت فيه * وهذا شهر شعبــان المبارك

فيا من ضيع الأوقات جـهلًا  * بحرمتها أفق واحـذر بوارك

فسوف تفارق اللذات قـسرًا * ويخلي الموت كرهًا منك دارك

تدارك ما استطعت من الخطايا * بتوبة مخلص واجعـل مدارك

على طلب السلامة من جحيم * فخير ذوي الجرائم  من تدارك

أصل كلمة شعبان واشتقاقاتها

الكلمة: شَعْبان. الجذر: شعب. الوزن: فَعْلَان، [شَعْبان].

وقال أَبو عليّ الفارسيّ في (التذكِرة): الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،

مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.

وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والشَّعْبُ: موضعٌ.

وشُعَبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:

أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْمًا، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!

قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛ وأَنشد:

قالَتْ: رأَيتُ رَجُلًا شَعْبـي لَكْ، * مُرَجَّلًا، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ

قال: معناه رأَيتُ رجُلًا فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.

وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ.

والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:

فَلَيْتَ رسُولًا، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ

وشَعَبَ الأَمِـيرُ رسولًا إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه

وشَعُوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:

مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا

فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِـيبا

قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفًا في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ.

وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَشْعَبَ.

وشُعَيْبٌ: اسمٌ.

وشَعَبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي

يا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْيانًا، من الـحَزَنِ

هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟

والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من

القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ.

والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم.

وفي التنزيل: ﴿ وَجَعَلۡنَـٰكُمۡ شُعُوبࣰا وَقَبَاۤىِٕلَ لِتَعَارَفُوۤا۟ ﴾ [الحجرات ١٣].

قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ؛ قال ذو الرمة:

لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْبًا واحدًا، شُعَبُ

وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل

لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على

الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.

والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.

والشُّعوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على

غيرِهم.

وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم

الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ.

 قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُأَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ، ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.

وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ.

وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:

أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا

تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ

قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعره: وكانوا شُعُوبًا من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. ويروى: من شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.

ويقال للمَيِّتِ: قد انْشَعَبَ؛ قال سَهْم الغنوي:

حتى تُصادِفَ مالًا، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا

ويقال: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصًا إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم

نَجَا.

 وفي حديث طلحة: (فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى

أَزَرْتُه شَعُوبَ)؛ شَعُوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،

وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.

وشُعْبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشًا، وسَلَكَ شُعْبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه.

والشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.

وفي حديث ابن عمروشَعْبٌ صَغِـيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْبًا، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه

فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ

بمعنى التَّفْريق:

وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، * شَعْبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ

قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّشَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه وفَرَّقَه.

وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحًا، ويكونُ تَفْريقًا. وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:

إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي

يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضًا الشَّعْبُ. 

وفي الحديث عن أنس بن مالك: (أنَّ قَدَحَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِن فِضَّةٍ قالَ عَاصِمٌ: رَأَيْتُ القَدَحَ وشَرِبْتُ فِيهِ). رواه البخاري.

 سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه. 

والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ.

والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ.

يقال: قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ

للكثرة.

وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد

يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.

والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه، وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد الشاعر:

فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ

وتقول: التَـأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ

شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب

كلامِهم؛ قال الطرماح:

شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ

أَي شَتَّ الجميعُ.

وتقول: هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ.

وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.

والشُّعْبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:

تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْبةَالساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل

والشَّعِـيبُ: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُه

شُعُبٌ. ويقال: أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.

ويُسَمَّى الرَّحْلُ شَعِـيبًا؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:

إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها

يعني الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.

وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ.

والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه.

وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة.

وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. 

والشُّعْبةُ دون الشِّعْبِ، وقيل: أُخَيَّة الشِّعْب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.

والشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِـيلُ الماء في بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.

والشُّعْبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.

والشُّعْبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: الـمَسِـيلُ

الصغيرُ؛ يقال: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلًا.

 والشُّعْبةُ: ما صَغُرَ عن التَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل: الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ.

والشُّعْبةُ: الفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ. 

وفي الحديث: (الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ)أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه.

 وفي حديث ابن مسعود: الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ.

 وقوله تعالى: ﴿ٱنطَلِقُوۤا۟ إِلَىٰ ظِلࣲّ ذِی ثَلَـٰثِ شُعَبࣲ﴾ [المرسلات ٣٠]؛

 قال أبو العباس ثعلب النحويّ: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى