تقارير

في مؤتمر ميونيخ للأمن.. خطأ لايُغتفر يثير قلق المنتفضين في إيران (ا)

خاص رسالة بوست |

في مؤتمر ميونيخ للأمن..
خطأ لايُغتفر يثير قلق المنتفضين في إيران
غياب ممثلي الشعب ودعوة نجل الشاه طعن في ظهر الثوار

في خضم انشغال المجتمع الدولي بالأحداث الساخنة التي تشهدها الساحة الإيرانية منذ بدء الانتفاضة الإيرانية في أيلول 2022 ، توجهت الأنظار خلال الأسبوع الماضي الى مؤتمر ميونيخ.

الشيء الغريب هو أنه خلال المقابلة التي أجرتها مديرالمؤتمرأنه مع وكالة الأنباء الألمانية الرسمية، لم يذكر أسماء شخصيات المعارضة الإيرانية، مما يثير التساؤلات حول هوية المعارضة الإيرانية التي ستوجه إليها الدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر!

وسرعان ما انكشفت الحقيقة الصادمة بإعلان رضا بهلوي أنه مدعو إلى هذا المؤتمر! وهنا يصبح السؤال: مَن هو هذا الشخص؟ وما علاقته بالمعارضة الإيرانية؟ وتحت أي مبرر وقع عليه الاختيار للمشاركة في مؤتمر دولي بالنيابة عن شعب يُسحَق يومياً تحت ماكنة الموت في شوارع المدن الإيرانية؟! وهل یمثّل هذا الشعب ابن دكتاتور أسقطه الشعب الإيراني قبل 44 عاماً؟!

اقرأ: إيران.. مظاهرات مستمرة في العديد من المدن ترفع شعار “الموت لخامنئي”

من هو رضا بهلوي؟ وماذا يُظهر سجلّه؟
بعد مرور 43 عاما من الثورة الإيرانية ضد نظام الشاه عام 1979 لم يجرؤ رضا بهلوي في أي وقت من الأوقات انتقاد الفظائع التي ارتكبها والده وجدّه، ناهيك عن إدانتها، بل يقدّم صورة مثالیة لإيران في ظل ديكتاتورية عائلة بهلوي، وذلك من خلال تلطيف جرائم البهلويين ومحاولته لتحريف تاريخ إيران.

فبعد ثورة 1979، بينما فرّ الشاه وعائلته من إيران بمليارات الدولارات المنهوبة من خزينة الدولة، عاش رضا بهلوي حياة فخمة، مثل والده وجده، وهذه المرة في الولايات المتحدة الأمریکیة.

علاوة على ذلك، رفض رضا بهلوي توضيح مواقفه تجاه أية قضية من القضايا الإيرانية المصيرية، مثل مطالب الأكراد وأبناء القوميات الأخرى بالحكم الذاتي ضمن وحدة أراضي إيران، وبالمثل، فقد تجنّب الإجابة على السؤال عن شكل الحكومة المستقبلية في إيران، لأنه مدرك تماماً بأن الشعب الإيراني لن يدعم بأي حال من الأحوال نظام الشاه من جديد، بينما يحاول جاهداً أن يدّعي بأنه منفتح على فكرة أن الناس يجب أن يقرروا الشكل المستقبلي للحكم في إيران.

وهناك العديد من الأسئلة الجدّية التي لم يقدم رضا أية ردود عليها، على سبيل المثال:
مِن أين استمد رضا بهلوي شرعيته؟ هل مِن كونه ابن دكتاتور مخلوع؟
هل يؤمن بحق مختلف القوميات الموجودة إيران في الحكم الذاتي ضمن وحدة الأراضي الإيرانية؟
لماذا يمدح نظام والده الدكتاتوري ذي الحزب الواحد؟
هل هو على استعداد لإدانة إعدام وتعذيب المعارضين السياسيين في عهد والده؟
ما هو موقفه من رئيس الوزراء الإيراني الدكتور محمد مصدّق الذي أطاح به انقلاب تم تنظيمه من قبل وزارتي الاستخبارات البريطانية والأمريكية الذي أعاد والده إلى العرش؟
ما مقدار الأموال التي سرقها هو عائلته من الشعب الإيراني عندما غادروا البلاد عام 1979؟

إيران.. عرض صور ضوئية لأبطال المقاومة في مدينة مشهد

وأعلن بهلوي صراحةً أنه يعتمد على قوات الحرس الثوري وقوات الباسيج كعناصر أساسية في استراتيجيته لتغيير النظام، وذلك خلال برنامج حواري مع إيران انترناشونال في عام 2018، إذ قال :” إنني على اتصال ثنائي مع جيش النظام والحرس الثوري وقوات الباسيج، نحن على تواصل مستمر، إنهم يعبرون عن استعدادهم للتوافق مع الشعب ” ، ويضيف :” ان العنصر الأكثر أهمية بين جميع العوامل هو الدور الذي يمكن أن تلعبه القوات العسكرية وشبه العسكرية في هذا الانتقال (تغيير النظام)

وقال بهلوي في اجتماع في 18 ديسمبر 2018 :” بالطبع، الفرد الذي هو عضو في الحرس الإيراني والباسيج، أولئك الذين أصيبوا بخيبة أمل اليوم شأنهم شأن بقيتنا، لديهم مكان معنا في المستقبل، ويجب أن يكون لديهم مكان، يجب أن يعلموا أن القوة ذاتها التي تضمن أمن إيران واستقرارها في المستقبل هي نفسها في الواقع…»

فلم نتفاجأ كثيراً إذا علمنا بأن هاشم خواستار، مسؤول نقابة المعلمين في إيران، المسجون حاليًا بسبب معارضته لنظام الملالي، صرّح بأن قوات الحرس الثوري طلبت منه عدم العمل مع منظمة مجاهدي خلق وحثته على الاتصال برضا بهلوي!

الابن على خطى الأب!
في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، عند ما بدأ رئيس الوزراء الوطني، الدكتور محمد مصدّق، في إدخال إصلاحات ديمقراطية، وقیادة حركة لتأميم النفط. انضمّ الشاه إلى رجال الدين الرجعيين للرد على إصلاحات مصدّق الديمقراطية بينما ساعد البريطانيين على مقاومة حملته لتأميم موارد النفط. وفي أغسطس 1953، تحالف الشاه مع رجال الدين بقيادة كاشاني ووكالات الاستخبارات الأنجلو أمريكية، وقام بانقلاب ضد الدكتور محمد مصدّق المنتخب ديمقراطيا وشعبيا.

وبعد الإطاحة بالحكومة الديمقراطية الوحيدة العاملة في تاريخ إيران، بدأ الشاه في الحكم بقبضة من حديد، وأسس السافاك، وسجن الإصلاحيين، وقام بتضييق الخناق على وسائل الإعلام، وقتل المعارضين، وباشر بالتحول تدريجياً إلى نظام الحزب الواحد في إيران.

إن حملات التصفية الجسدية والتعذيب من قبل قوات شرطة الشاه السرية، المعروفة باسم السافاك، جزء من جراح إيران التي لم تلتئم وتاريخها الذي لا يُنسى.

وفي الثالث من مارس أعلنالشاه نظام الحزب الواحد في إيران. ومن تصريحات الشاه بهذا الخصوص، قوله :” إن أي شخص يعارض الدستور والنظام الإمبراطوري والثورة البيضاء يجب أن يكون في السجن أو يغادر البلاد بسهولة إلى الأبد ” .

الشاه والديمقراطية
قتل الشاه و السافاك بوحشية النشطاء السياسيين والمثقفين، بما في ذلك المؤلفين والأكاديميين والفنانين والشعراء.

وتحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية أرسله وفد إلى إيران في عام 1972 عن النتائج التي توصل إليها بشأن سجون الشاه، مؤكداً أن بعض جثث السجناء تم إحراقها، مما أصاب الوفد بالصدمة. وقال أحد السجناء للوفد :” رأيتُ بهروز طهراني يموت بالقرب مني في غرفة التعذيب “.

ووفقا لتقارير وسائل الإعلام، فإن المتخصصين في التعذيب والتابعين للشاه كانوا وحشيين للغاية. يتذكر السجناء السابقون الجلد، وكسر الأصابع واحداً تلو الآخر، واغتصاب البنات أمام أبائهن “. (مجلة ذا فيليج فويس، 14 نوفمبر 1977).

تابعنا في فيسبوك

الشاه والفساد المالي
لقد كان الشاه محمد رضا فاسداً للغاية، حتى في فترة السبعينيات، ذكرت وسائل الإعلام الأمريكية أنه :” قام بتحويل أصوله إلى مؤسسة خاصة تكون إجراءاتها سرية وعملياتها لا تخضع للتدقيق، يُعتقد أن مؤسسة بهلوي، التي يبلغ عمرها الآن 19 عاماً، تمتلك أصولاً تزيد على مليار دولار وهي مؤسسة خيرية مشتركة وصندوق ائتماني عائلي “. (ذا فيليج فويس، 14 نوفمبر1977).

وكانت الغالبية العظمى من السكان تعاني من الفقر المدقع وسوء التغذية والجهل. في قريشاي، أحد الأحياء الفقيرة شمال تبريز، توجد مدرسة واحدة فقط لكل مائة ألف طفل. (ذا فيليج فويس، 14 نوفمبر 1977).

وبشأن الأموال التي نهبتها عائلة الشاه عند هروبها الى الخارج أثناء ثورة 1979 ، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز في 1 يناير 1979 يقول المصرفيون :” إن قدراً كبيراً من الأموال يتراوح بين ملياري دولار إلى 4 مليارات دولار، وفقاً للتقديرات، قد تم تحويلها من إيران إلى الولايات المتحدة في العامين الماضيين تعود لعائلة الشاه “.

 آراء غريبة!
لم يخجل الشاه محمد رضا بهلوي من مشاركة آرائه الدينية الرجعية الخرافية، حتى مع المراسلين الأجانب، حيث قال :” أنا لست وحيداً تماماً، لأن هناك قوة لا يستطيع الآخرون فهمها تصاحبني، هي قوتي الصوفية، بالإضافة إلى أنني أتلقى رسائل، عشت مع الله الذي كان بجانبي منذ أن كنت في الخامسة من عمري، فقد أرسل الله لي تلك الرؤى “. (مقابلة مع الصحفية الإيطالية أوريانا فالاتشي، أكتوبر 1973).

سقوط الشاه
ولّدت تراكمات عهد الشاه محمد رضا من الفساد والقمع وسوء الإدارة غضباً شعبياً هائلاً، إذْ بدأت مظاهرات شعبية حاشدة تتشكل ضد حكمه في أواخر السبعينيات. وفي عام 1978، بينما تدفق ملايين الإيرانيين إلى الشوارع مطالبين الشاه بالتنحي عن الحكم، بكى محمد رضا على شاشة التلفزيون متوسلاً إياهم للسماح له بالبقاء في السلطة، ولكن بعد فوات الأوان.

واليوم، سواء كان ذلك بسبب المصالح السياسية أو الجهل المطلق، فإن فشل رضا بهلوي في رفض الديكتاتورية الشاهنشاهية، وانتظاره لقوات حرس نظام الملالي المجرمين للانقلاب ضد المؤسسة الحاكمة، يعمل على إثارة الانقسام في الأمة الإيرانية لأنه يساعد على إطالة الحكم الديني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى